ومع اقتراب موعد افتتاح المعرض الدولي للمعدات والأنظمة الدفاعية، وهو أكبر معرض للسلاح في العالم، في مركز "إكسل" للمعارض في لندن هذا الأسبوع، تتعرض الحكومة البريطانية الحالية لانتقادات شديدة بسبب عقدها صفقات أسلحة ضخمة مع عدد من أشد الأنظمة قمعاً في العالم، وفق الصحيفة.
وتدعم الحكومة البريطانية عقد هذا المعرض رسمياً رغم اعتراض عدد من حملات المناصرة على توجيه الحكومة الدعوات لوفود من دول تعرف بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، مثل السعودية والإمارات وإسرائيل.
وبعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، أعيد ترتيب وضع منظمة الأمن والدفاع المسؤولة عن تسويق السلاح البريطاني عالمياً. ونقلت تبعيتها من مكتب الاستثمار والتجارة البريطاني إلى مكتب التجارة الدولية، الذي يديره حالياً ليام فوكس وهو أحد أشد مناصري البريكست. وتعهد فوكس بتعزيز مبيعات الأسلحة البريطانية عالمياً. إضافة إلى رغبة الحكومة في دعم الصناعات الدفاعية التي توظف نحو 55 ألف شخص.
وبالفعل فقد وصل حجم مبيعات الأسلحة للأنظمة القمعية عالمياً إلى 5 مليارات جنيه استرليني خلال 22 شهراً، تلت فوز المحافظين بالانتخابات العامة في 2015. وتأتي أغلب هذه الزيادة من مبيعات السلاح للسعودية حيث وصلت قيمة العقود الموقعة إلى 3.75 مليارات جنيه استرليني، في أغلبها طائرات حربية وقنابل، مقابل 160 مليون جنيه خلال فترة مماثلة سبقت تفرد المحافظين بالسلطة في البلاد. كما أن دولاً مثل الصين وأذربيجان وفنزويلا وقعت عقوداً لشراء السلاح البريطاني خلال هذه الفترة.
وتتعرض مبيعات السلاح للسعودية لأشدّ الانتقادات في ضوء الحرب الحالية في اليمن. ففي تقرير لمجموعة "حملة ضد تجارة السلاح"، فإن الحكومة البريطانية وحدها زودت السعودية بما قيمته 3.6 مليارات جنيه من الأسلحة منذ بدء التحالف الذي تقوده حربه في اليمن، وهي الحرب التي أودت بحياة ما يقارب 13 ألف شخص منذ مارس/ آذار 2015، وتحولت إلى كارثة إنسانية كبرى.
ووجهت منظمة العفو الدولية اتهامات للمملكة المتحدة بخرق المعاهدة الدولية لتنظيم تجارة السلاح الدولية، حيث إنها ملتزمة بعدم تزويد الأسلحة لأي طرف يتعدى على حقوق الإنسان. وتضم أوكسفام صوتها للمنظمات التي تطالب الحكومة بوقف صفقات السلاح الضخمة والدفع باتجاه وقف الحروب.
كما شملت الانتقادات مبيعات الأسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة في ضوء سجلها فيما يتعلق بحقوق الإنسان، حيث تتهم الحكومة البريطانية ببيع الدولة الخليجية أجهزة مراقبة إلكترونية تستخدمها للتجسس على مواطنيها، وأسلحة تتهم باستخدامها لتنفيذ جرائم حرب في اليمن.
وقال أندرو سميث من "حملة ضد تجارة السلاح": "تداوم المملكة المتحدة على تزويد أشد الأنظمة قمعاً وبطشاً في العالم بالسلاح، ووجهت دعوات لعدد منهم إلى لندن لشراء الأسلحة. مبيعات الأسلحة هذه ليس محايدة أخلاقياً، بل هي دليل واضح على الدعم السياسي والعسكري للأنظمة التي تشتريها. تلعب الحكومة بلا شك دوراً محورياً، ولا تزال دائماً تضع مبيعات الأسلحة للأنظمة الدكتاتورية أمام حقوق الإنسان".
بينما تصر الحكومة على أن مبيعاتها من الأسلحة تتوافق مع نظام ترخيص يخضع لشروط صارمة. فقد صرح ألان دونكان الوزير في الحكومة البريطانية للبرلمان الأسبوع الماضي: "تأخذ الحكومة مبيعاتها للأسلحة على محمل الجد وتعمل وفقاً لأحد أشد أنظمة تصدير الأسلحة صرامة في العالم. ندقق دائماً بكافة الطلبات التي تصلنا، كل حالة على حدة، وفقاً لشروط ترخيص التصدير الوطنية والأوروبية".
ولكن صفقة أسلحة بقيمة 80 ألف جنيه مع مادورو فنزويلا تضع مثل هذه التصريحات محط شك. ففي ضوء الاضطرابات الحالية في البلاد، تساءلت البرلمانية عن حزب العمال هيلين غودمان عن هذه الصفقة، "بعد أن رفضت حكومة مادورو التعاون مع لجنة التحقيق التي تقودها الأمم المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان، هل ستوقف الحكومة صفقات السلاح حتى يتم توضيح هذه الأمور؟".
وقد عقد هذا المعرض لأول مرة في لندن في عام 2001، وفتح أبوابه في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول متزامناً مع الهجمات على مركز التجارة العالمي. يجذب المعرض الذي يعقد مرة كل سنتين أكثر من 35 ألف شركة، ويضم ممثلين عن أكبر شركات السلاح في العالم.