وبدأت الاجتماعات الثنائية في فندق ريكسوس، الذي يستضيف المؤتمر، بلقاءات بين الدول الضامنة، وهي تركيا وروسيا وإيران، كما يشارك في المؤتمر وفود من أميركا والأردن، والأمم المتحدة، ولأول مرة تشارك قطر بصفة مراقب، بحسب وزارة الخارجية الكازاخية.
وتشهد الجولة حضوراً إقليمياً ودولياً لافتاً يعكس أهمية هذه الجولة في تخفيف حدة الصراع السوري بين مختلف الفرقاء من خلال تثبيت مناطق "خفض التوتر"، كخطوة واسعة باتجاه ترسيخ حل سياسي نهائي يحدد مستقبل البلاد.
وأعلنت وزارة الخارجية الكازاخستانية أن ممثلي الدول الثلاث الضامنة للهدنة في سورية، وهم المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى التسوية السورية، ألكسندر لافرينتيف، ونائب وزير الخارجية الإيراني، حسين جابري أنصاري، ونظيره التركي سيدات أونال، يرأسون وفود بلادهم لهذه الجولة التي يشارك فيها أيضاً المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إلى جانب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، بصفة مراقب.
وأوضحت أن ممثلي بعض الدول سيشاركون في المحادثات أيضاً بصفة مراقبين، مثل الأردن ومصر وقطر. وسيترأس وفد النظام السوري، مندوب النظام الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري. أما المعارضة المسلحة فيمثلها رئيس هيئة الأركان العامة في "الجيش السوري الحر"، أحمد بري.
وقالت مصادر في المعارضة لـ"العربي الجديد" إن وفد المعارضة يتكون من 24 شخصاً يمثلون مختلف المناطق، بما فيها محافظة درعا التي كانت فعاليات فيها أصدرت بياناً طالبت فيه بمقاطعة المؤتمر.
وتعقد المعارضة اجتماعاً تشاورياً في ما بينها بمقر إقامتها، من أجل توحيد المواقف والرؤى في الاجتماعات التي ستعقد خلال اليوم وغداً، قبيل الإعلان عن نتائج المؤتمر.
ومن المنتظر أن يلتقي وفد المعارضة مع وفد الأمم المتحدة والوفد الأميركي في وقت لاحق اليوم في مقر إقامته، في وقت تتواصل فيه اللقاءات الثنائية في فندق ريكسوس.
وذكرت مصادر في وفد قوى الثورة العسكري في أستانة أن الوفد التقى اليوم مع السفيرين الفرنسي، والبريطاني، مشيرة أن السفيرين "أكدا للوفد موقف بلادهما الواضح أنه لا مستقبل لسورية بوجود بشار الأسد".
وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أنه لن يتم التفاوض مع وفد النظام "بل مع الجانب الروسي المتحكم بمصير النظام"، وفق المصادر التي أشارت إلى أن الجانب الإنساني المتعلق بفك الحصار عن المناطق المحاصرة من قبل النظام، وملف المعتقلين والمفقودين "يأتي في صلب اهتمامات وفد المعارضة العسكري".
وأضافت" هدفنا تجنيب إدلب التي تضم ملايين السوريين التدمير والمجازر تحت ذريعة محاربة الإرهاب".
من جانبه، أكد إدريس الرعد عضو وفد المعارضة لـ "العربي الجديد" أنه "هناك نقاشات تمهيدية بناءة، ونطمح للوصول الى مناطق خفض تصعيد شاملة تنهي مأساة أهلنا وتوقف نزيف الدماء وتمهد لحل سياسي لا يكون الأسد، ومن معه ضمنه".
ونفى الرعد وجود خلافات مع الجانب التركي، مضيفاً: الوفد التركي هو الضامن لنا ونتعاون ونتشاور في كل الملفات والقضايا بما يحقق مصالح شعبنا ويخفف من معاناتهم ويحافظ على ثوابت الثورة ومبادئه.
وأشار الرعد إلى أن وفد المعارضة العسكري "يستنكر قيام الضامن الروسي بعقد اتفاقيات مجزأة ومناطقية دون وجود الضامن الآخر للثورة (التركي)"، معتبراً هذا الأمر "تجاوزاً لاتفاق أستانة"، مضيفاً: ونعمل على دمج كل الاتفاقيات ومناطق تخفيض الصراع تحت إطار عملية أستانة".
وأجرى ممثلو روسيا وإيران وتركيا، أمس الأربعاء، مشاورات في أستانة، تمهيداً لجولة اليوم. وذكرت وكالة "تاس" الروسية أن مسألة ترسيم حدود منطقة تخفيف التوتر في مدينة إدلب وضواحيها سوف تتصدر أعمال اللقاء الذي يتناول أيضاً قضايا تبادل المعتقلين لدى قوات النظام السوري، والأسرى لدى فصائل المعارضة، وإزالة الألغام من المواقع الأثرية، والقضايا الإنسانية في مناطق "تخفيف التصعيد".
وذكرت وسائل إعلام روسية أن عملية ترسيم حدود منطقة تخفيف التوتر العسكري المزمع إنشاؤها في منطقة إدلب تواجه بعض الصعوبات. وأوضحت أن هناك خلافات بشأن مسألة مراقبة هذه المنطقة، لا سيما في ما يتعلق بدور إيران المحتمل في هذه المراقبة. وبالتالي فإن حسم هذه المسألة قد يستدعي إرادة سياسية، على غرار ما حدث مع المنطقة الجنوبية التي تم الاتفاق حولها بعد قمة روسية-أميركية في مدينة هامبورغ الألمانية، في 7 يوليو/تموز الماضي.
أما في جنوب غرب سورية، فيتولى مراقبة هذه المنطقة مركز روسي-أميركي-أردني مشترك بدأ أعماله في 23 أغسطس/آب الماضي في عمّان.
في وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن ثمة اتصالات بين الدول الضامنة لعملية أستانة بشأن محافظة إدلب، وحققت الأطراف فيها تقدماً ملحوظاً في تنسيق معايير ترسيم المنطقة وسبل ضمان الأمن فيها.
من جهته، أعرب عضو وفد المعارضة، العقيد فاتح حسون، عن أمله أن تكون الجولة الحالية من أستانة نهائية بشأن تثبيت وقف إطلاق النار. واستدرك حسون، في حديث لـ"العربي الجديد"، بالقول "لكن هذه المحطة لا تعني الوصول إلى الهدف، فنحن لم نحقق هدفنا وهو إسقاط النظام، ولا بد أن ننتقل من قطار إلى قطار حتى تحقيق الهدف المنشود"، على حد تعبيره.
وأوضح أن اجتماعات أستانة يتم خلالها بحث الأمور العسكرية بشكل رئيسي، أما القضايا المتعلقة بالإدارات المدنية للمناطق، فهي ليست من صلب مؤتمرات أستانة. وتابع أنه "قد يتم التعرض لها بشكل هامشي عند تقاطعها مع بعض الترتيبات العسكرية، وتطبيق بنود القرار 2254 القاضي بإدخال المساعدات الإنسانية وفك الحصار والإفراج عن المعتقلين، وهو مرتكز العملية السياسية التي ستتابع في جنيف".
وعشية انعقاد اجتماعات أستانة، برزت مجدداً التباينات الروسية-الأميركية بشأن الملف السوري. وقد نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عما وصفته بمصدر مقرب من مفاوضات أستانة، قوله إن "جميع الظروف باتت متوفرة للوصول إلى توافق على حزمة من الوثائق بشأن سورية، بما في ذلك حول تخفيف التصعيد في إدلب"، متوقعاً تحقيق "نجاح كبير" بشأن الانتهاء من العملية التي بدأت في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بما يمهد للانتقال إلى العملية السياسية في جنيف.
في المقابل، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها إزاء مشاركة إيران في مفاوضات أستانة بصفة دولة ضامنة لوقف إطلاق النار. وأشارت إلى أن دعم طهران لنظام بشار الأسد يزيد من شدة النزاع ومن معاناة السوريين.