أصدرت القوات العراقية أوامر لنقاط التفتيش المحيطة بالعاصمة العراقية، تقضي بمنع دخول النازحين من مدينة القائم بمحافظة الأنبار (غرب العراق)، والموصل بمحافظة نينوى (شمالا) من دخول بغداد، فيما يؤكد مراقبون أن هذا القرار يتنافى مع أحكام الدستور العراقي الذي أتاح حرية التنقل لجميع المواطنين.
وحصل "العربي الجديد" على كتاب صادر من "قيادة عمليات بغداد"، يؤكد حصول موافقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة على منع النازحين من القائم والموصل من دخول بغداد.
ووفقا لمسؤول عسكري عراقي فإن إجراءات الجيش في الأيام الماضية في منع دخول سكان الموصل والقائم شمال وغرب العراق، جاءت بناء على أمر من العبادي، مبينا أن الآلاف من العوائل اضطرت إلى العودة، وخيم قسم منها على حدود العاصمة.
إلى ذلك، قال النقيب في مديرية شؤون السيطرات، علي المشايخي، إن التوجيهات تشدد على ضرورة منع النازحين القادمين من المناطق الساخنة من دخول العاصمة العراقية خشية تسلل الإرهابيين بين صفوفهم، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن أفراد السيطرات لديهم تبليغات تؤكد على عدم السماح للأسر النازحة التي تحمل هويات صادرة من القائم والموصل بدخول العاصمة العراقية.
وأوضح أن هذه الأوامر قد لا تكون دائمة، لكنها ملزمة في الوقت الحاضر، وعلى جميع مداخل العاصمة الالتزام بها، مشيرا إلى تخصيص حافلات لنقل الأشخاص الذين لا يسمح لهم بدخول بغداد إلى مخيمات صغيرة مؤقتة.
يأتي ذلك، في وقت تستعد فيه القوات العراقية لشن عملية عسكرية واسعة لتحرير مدن القائم وعانة وراوة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي حول سكان هذه المدن إلى دروع بشرية.
ويؤكد الشيخ حامد الكربولي أن تنظيم "داعش" يمنع السكان المحليين من مغادرة القائم وعانة وراوة، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن التنظيم لوح بإيقاع عقوبات صارمة بحق المخالفين تصل إلى حد الإعدام.
ويضيف "يواجه سكان هذه المدن مصيرا مجهولا في ظل أحكام (داعش) الجائرة، وتجاهل الحكومة لمعاناة المدنيين".
كما يلفت إلى أنّ "من لم يمت برصاص (داعش)، يموت بالجوع"، مبيناً ارتفاع أسعار ما تبقى من غذاء بشكل كبير تسبب بتدهور الأوضاع الصحية لأعداد كبيرة من الأطفال وكبار السن. ولفت إلى أن تنظيم "داعش" يتخذ من المدنيين هناك دروعا بشرية، ويفرض الإقامة الجبرية عليهم، مؤكدا تنفيذ عدد من عمليات الإعدام بحق الشباب بذريعة التخابر مع القوات العراقية ومسلحي العشائر.
وفي السياق، تحدث سكان محليون تمكنوا من الهروب من مدينة القائم عن موت محتم يواجه كل من بقي هناك، مؤكدين لـ"العربي الجديد" أن من يفكر بالهروب يجب أن يضع الهلاك نصب عينه.
وفي هذا الشأن، يقول عضو مجلس محافظة الأنبار، عيد عماش، إن الأسر التي تتمكن من الهروب من مناطق "داعش" تضطر لدفع مبالغ تصل إلى 300 دولار للمهربين، فضلا عن السير لمسافات طويلة، مشيرا خلال تصريح صحافي إلى تهريبهم من خلال إخفائهم في صهاريج مغلفة، وهو أمر يعرض حياتهم للخطر.
وينتقد الناشط في مجال حقوق الإنسان منير الخالدي، الإجراءات التي وصفها بالتعسفية التي تقوم بها السلطات العراقية بحق النازحين من المناطق الساخنة إلى العاصمة العراقية، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن هذا الأمر يمثل انتهاكا صارخا للدستور العراقي الذي أتاح حرية التنقل بين مناطق البلاد المختلفة لجميع العراقيين.