دير الزور مسرح تنافس روسي أميركي

18 سبتمبر 2017
C3EA8EB4-02B4-4AD2-B84C-ACDBDA853941
+ الخط -
بدأ الصراع على محافظة دير الزور السورية يأخذ أبعاداً أكثر تعقيداً، وسط سباق بات مكشوفاً بين حلفاء الروس والأميركيين على هذه المحافظة الغنية بالنفط، وذات الموقع الاستراتيجي في الخارطة السورية، فيما تشير الوقائع إلى أن هذا الصراع مرشح للتصاعد.
وتحاول موسكو وواشنطن احتواء خلاف تفجّر على خلفية قيام طائرات روسية (وفق اتهامات أميركية نفتها موسكو) بقصف مواقع تتبع لقوات "سورية الديمقراطية"، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، شمال شرقي نهر الفرات. وفي هذا السياق، أفادت وزارة الخارجية الروسية أمس الأحد بأن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اتصل هاتفياً بنظيره الروسي سيرغي لافروف السبت لبحث الوضع في سورية وتطورات الحرب على الإرهاب هناك. وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد اتهمت صراحة السبت الروس باستهداف "هدف في شرق الفرات في سورية قرب دير الزور ما أدى إلى إصابة قوات شريكة للتحالف". وأشارت في بيان إلى أن "الذخائر الروسية أصابت موقعاً كان يعلم الروس أنه يضم قوات سورية الديمقراطية ومستشارين للتحالف. وأصيب عدة مقاتلين من قوات سورية الديمقراطية وعولجوا بعد الضربة".

لكن وزارة الدفاع الروسية ردت أمس الأحد معلنة أن قواتها أبلغت الجانب الأميركي مسبقاً بحدود عملياتها العسكرية في دير الزور، ولم ترصد خلال الأيام الأخيرة أي معارك بين "داعش" وقوات أخرى شرق نهر الفرات. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف، في بيان، إن "الطائرات المقاتلة الروسية في سورية تضرب أهدافاً محددة، والولايات المتحدة تم إعلامها مسبقاً بحدود العملية العسكرية في دير الزور". وأضاف أنه "في إطار هذه العمليات يجري استهداف الإرهابيين، وتدمير أسلحتهم وعرباتهم على الضفتين الغربية والشرقية لنهر الفرات"، مشيراً إلى أن "القوات الروسية في سورية لا تضرب سوى أهداف يجري تحديدها وتأكيدها في المناطق التي يسيطر عليها ويتمركز فيها تنظيم داعش".

كما نفى المتحدث باسم قاعدة حميميم الروسية في سورية، أليكسندر إيفانوف، استهداف طائرات سورية وروسية لقوات "سورية الديمقراطية"، معتبراً أن الاتهامات الأميركية "تؤكد نية واشنطن وسعيها لتصعيد الموقف ضد القوات الحكومية السورية في دير الزور والتي تقاتل تنظيم داعش الإرهابي"، مضيفاً: "هكذا تصرفات غير مسؤولة لن تصب في مصلحة أحد وهي مقوضة للجهود الدولية في محاربة الإرهاب". واعتبر الاتهامات "بمثابة مقدّمة لحماقات تعتزم واشنطن ارتكابها بحق القوات الحكومية السورية"، مؤكداً أن لقوات النظام "الحق في قتال الإرهابيين من دون التقيد بخطوط حمراء تضعها واشنطن أو أي دولة أخرى".

ولا تُعدّ حادثة دير الزور الأولى بين الروس والاميركيين، إذ سبق أن قصفت طائرات أميركية قوات تابعة للنظام حاولت التقدّم إلى مدينة الطبقة التي تسيطر عليها "سورية الديمقراطية"، كما قصفت قوات تتبع للنظام تجاوزت الخطوط الأميركية "الحمراء" في البادية السورية. وكرر قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد أبو خولة، تهديده لقوات النظام في حال عبورها نهر الفرات، مشيراً في تصريحات أمس الأحد إلى أن قواته "سترد رداً قاسياً على أي اعتداء من قبل قوات النظام المدعومة من روسيا".

ويرى مراقبون أن قصف قوات "سورية الديمقراطية" كان رسالة واضحة لها إثر تصريحات قياديين فيها أكدوا نيّتهم محاربة قوات النظام في حال تجاوزها نهر الفرات. كما أكدت الضربة نيّة قوات النظام حصر منطقة نفوذ "سورية الديمقراطية" في مناطق محددة شمال شرقي نهر الفرات، خصوصاً أن النظام وحلفاءه خرجوا خاليي الوفاض من محافظة الرقة.


أما في التطورات الميدانية الأخيرة، فتتابع قوات النظام طرد مقاتلي "داعش" من مواقع في محيط مدينة دير الزور، في وقت بدأت فيه مليشيات موالية للنظام تحركاً باتجاه مدينة البوكمال، فيما تؤكد قوات "سورية الديمقراطية" أنها تحقق تقدّماً على الضفة اليسرى لنهر الفرات.
ونقلت وسائل إعلام موالية للنظام عن مصدر عسكري في قوات النظام بأن الأخيرة تواصل مع مليشيات موالية لها، يُطلق عليها إعلام النظام تسمية "القوات الرديفة والحليفة"، عملياتها ضد تنظيم "داعش" في ريف دير الزور الشرقي، مشيراً إلى أن هذه القوات "دمرت آخر تجمّعات وتحصينات التنظيم في محيط قرية الجفرة"، مؤكداً أن العمليات انتهت بـ"تأمين محيط مطار دير الزور بشكل كامل". كما أكدت وكالة "سانا" التابعة للنظام أن قوات الأخير سيطرت على تلة الكرية في محيط قرية الجفرة شمال المطار، مشيرة إلى فرار مسلحي التنظيم باتجاه منطقة حويجة صكر، موضحة أن قوات النظام استعادت السبت السيطرة على قريتي المريعية وحويجة المريعية والمزارع المحيطة بها في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي. فيما أفادت وكالة "رويترز" بأن قوات النظام قطعت خط الإمداد الرئيسي لتنظيم "داعش" في مدينة دير الزور بعدما استعادت السيطرة على حي الجفرة. ونقلت عن مصدر في هذه القوات أنه ليس أمام مقاتلي "داعش" سوى "أن يعبروا الفرات باتجاه الضفة الشرقية والهروب باتجاه البادية أو البوكمال والميادين".

وفي السياق، نقل الإعلام المركزي في "حزب الله" اللبناني السبت عمن سماه "قائد غرفة عمليات قوات حلفاء الجيش العربي السوري"، تأكيده بدء عمليات "والفجر 3"، مشيراً إلى أنه تمت السيطرة على منطقة شمال شارة الوعر ومنطقة وادي الرطيمة والغزلانية في محاذاة الحدود السورية-العراقية حتى المحطة الثانية، مؤكداً أن العملية "ستستمر للوصول إلى منطقة البوكمال الحدودية" الواقعة شرقي دير الزور بنحو 100 كيلومتر. وأشار المصدر نفسه إلى أن عمليات "والفجر 1"، و"والفجر 2" أدت إلى "تحرير منطقة شرق الضمير حتى الحدود الأردنية، وأيضاً تحرير مثلث البصيري حتى الحدود العراقية والمحطة الثالثة، وتحرير محور السُخنة حتى دير الزور"، موضحاً أن قوات عدة تشترك في هذه العمليات، وهي قوات النظام، والقوات الإيرانية وحزب الله، والحيدريون، والفاطميون، والزينبيون (مليشيات مدعومة من إيران)، والقوات الشعبية السورية وبمساندة الجيشِ الروسي، وفق المصدر.

في المقابل، يواصل مجلس دير الزور العسكري التابع لـ"سورية الديمقراطية"، عملية "عاصفة الجزيرة" في ريف دير الزور شمال نهر الفرات. وأكدت مصادر في هذا المجلس أن مقاتليه سيطروا السبت على المدينة الصناعية، والمعامل الممتدة على مساحة تقدر بنحو 7 كيلومترات، إضافة إلى شركة الكهرباء ومعمل النسيج، ومعمل السكر، ومعمل الغزل. وأشارت المصادر إلى أن مقاتلي المجلس سيطروا على دوار السبعة كيلومتر الاستراتيجي الذي يُعتبر نقطة وصل بين منطقة الصالحية، ومدينة الميادين. وأوضحت أن حملة "عاصفة الجزيرة" التي بدأت في التاسع من الشهر الحالي "تقدّمت بمسافة 63 كيلومتراً"، لافتة إلى أنها استعادت السيطرة على 14 مزرعة وقرية وبلدتين، وتم إجلاء نحو أربعة آلاف مدني من مناطق الاشتباك، مشيرة إلى أن مقاتلي المجلس اشتبكوا مع مسلحي التنظيم 15 مرة، معلنة مقتل 14 من مقاتلي المجلس في الاشتباكات.

إلى ذلك، يواصل الطيران الروسي المساند لقوات النظام، وطيران التحالف الدولي المساند لقوات "سورية الديمقراطية"، ارتكاب مجازر تُوصف من قبل ناشطين بـ"المروعة" بحق المدنيين في ريف دير الزور. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل 34 مدنياً على الأقل بينهم 15 طفلاً أمس السبت بقصف استهدف قرى في ريف دير الزور الشرقي، موضحاً أن قصفاً مدفعياً من قوات النظام تسبب بمقتل مدنيين في إحدى قرى المحافظة. وأكد المرصد أن دير الزور بدأت تشهد حركة نزوح كبرى من مناطق تتعرض للقصف، إلى مناطق يعتقد النازحون أنها أقل خطراً، مشيراً إلى أن الصراع على محافظة دير الزور تسبّب حتى اللحظة بمقتل وإصابة المئات من المدنيين. ويبدو أن المدنيين خارج حسابات القوى المتصارعة، إذ لم تعمل أيٌ منها على توفير ممرات آمنة، أو ملاذات لهم، وهو ما يؤكد أن سيناريو الرقة في طريقه للتكرار في محافظة دير الزور.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
المساهمون