ويتهم حسين مسؤولي الدولة بمحاولة انتزاع اعترافات كاذبة من السجناء، وحرمانهم من الاستعانة بمحامين، وممارسة أساليب استجواب عنيفة، تتضمن الضرب واستخدام الصدمات الكهربائية، وجميعها ينتهك الدستور المصري والقانون الدولي.
بدأ كابوس حسين في الساعات الأولى من يوم 17 يونيو/ حزيران، عندما دُق باب منزل عائلته في كفر حمزة شمال القاهرة. وعندما فتحت والدته الباب، وجدت أكثر من 50 ضابط شرطة مدججين بالسلاح ينتظرون في الشارع.
وقد طلب حسين، وهو ناشط مؤيد للديمقراطية، عُرف بعد سجن شقيقه المراهق لأكثر من عامين بسبب ارتداء قميص مكتوب عليه "أمة بلا تعذيب"، أن يطلع على أمر القبض عليه. رد الضابط: "أنت تعرف، ليس هذا ما تسير به الأمور الآن".
بعد ذلك، اختفى حسين في متاهة من البيرقراطية القانونية والعنف الممنهج لمدة 42 يوما. وتم نقله بين عشرات مراكز الشرطة والزنازين والمحاكم في جميع أنحاء شمال مصر، ولم يكن لدى أسرته أي فكرة عن مكان وجوده في كثير من الأوقات.
وقال حسين: "إذا كان لديك حلم بتغيير مصر إلى الافضل، والعيش في بلد تُحترم فيه سيادة القانون، وتُرفض أعمال العنف غير القانونية من قبل الدولة، فإن هناك ثمنا ستدفعه". وأضاف أن "هذا النظام يعتقد أن القتال من أجل حقوقك جريمة، لكن الجريمة الحقيقية هي ما يحدث داخل سجون مصر".
وخلال فترة احتجازه، تم استجوابه مرارا وتكرارا حول أفكاره عن ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011، وحول علاقته مع شخصيات المعارضة البارزة، والمقالات التي كتبها للمنظمات الدولية لحقوق الإنسان. ولم يتم إبلاغه في البداية بالتهم الموجهة إليه وتم منعه من الاتصال بمحاميه.
وعندما عرض أخيرا أمام المدعي العام، اتهم بالتحريض ضد الدولة وبالانتساب إلى منظمة محظورة، أي الإخوان المسلمين. وهذا الادعاء حسب الصحيفة غير معقول، لأن حسين كان من المعارضين البارزين لجماعة "الإخوان المسلمين" برئاسة الرئيس المخلوع، محمد مرسي.
وعلى مدى الأسابيع التالية، قال حسين إنه احتجز في الحبس الانفرادي، في زنزانة مكتظة مع حوالي 150 سجينا آخرين، وفي شاحنة شرطة معبأة كانت متوقفة في الخارج وفي حرارة الصيف. وعندما مرض وبدأ يتقيأ الدم، لم تقدم له أية مساعدة طبية. وقيل له إنه محكوم بالسجن لمدة عام، من دون أن يعرف ما هي الجريمة التي أدين بها.
وبين حسين أن أسوأ تجاربه وقعت في مركز اعتقال في مدينة البحيرة الواقعة غرب دلتا النيل. وأضاف أنه "منذ اللحظة التي وصلت إليها هناك، كان واضحا أن الإجراءات في هذا السجن قاسية وقاسية بشكل خاص". وكان على الوافدين الجدد أن يقفوا قبالة الجدار عراة، بينما يجلدهم الضباط من الخلف بخراطيم بلاستيكية.
يتابع: "على طول الممر يمكننا أن نسمع صراخ الناس يتعرضون للتعذيب والصدمات الكهربائية". "أنا محام من أجل حقوق الإنسان، ومن المفترض أن عملي هو الدفاع عن الناس ضد هذا النوع من الوحشية... كانت هذه هي اللحظة في حياتي التي فهمت فيها حقا ما معنى أن تكون محطما".
وقال حسين بومي، وهو موفد حملة منظمة العفو الدولية في مصر، إن مشكلة طارق حسين تكرر أزمة حقوق الإنسان الكبرى التي تجتاح مصر، حيث توجد حالة طوارئ، وتُحظر الاحتجاجات غير المرخصة، ويتم سجن العديد من الصحافيين، وتخضع مئات المواقع الإلكترونية للرقابة.
وأضاف أن "السلطات المصرية استهدفت طارق لأنه يتجرأ على الدفاع عن ضحايا انتهاكات الدولة، ولأنه يتجرأ على التعبير عن آرائه سلميا".
وطلبت "ذا غارديان" من الحكومة المصرية الرد على اتهامات حسين، ولكنها لم تتلق أي رد قبل نشر التقرير.وتأتي هذه الادعاءات بعد أيام من إصدار منظمة "هيومن رايتس ووتش"، تقريرا مفصلا يحذر من "وباء التعذيب" في مصر تحت حكم الجنرال العسكري المنقلب، عبد الفتاح السيسي، ومن حجم انتهاكات حقوق الإنسان التي "ربما تشكل جريمة ضد الإنسانية".