ذكرت تقارير إعلامية، أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ستحاول في خطابها، غداً الجمعة، في فلورنسا بإيطاليا، الالتفاف على الوفد المفاوض الأوروبي، ومخاطبة رؤساء الدول الاتحاد مباشرة.
وترى ماي أن أي صفقة سيتم التوصل إليها ستُعرض على رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بدلاً من كبير مفاوضي الاتحاد الأوربي، ميشيل بارنييه، وبقية وفده.
ويُتوقع أن تحاول ماي كسب ود الدول الأعضاء في الاتحاد عبر تعهدها بالتزام بريطانيا بواجبها الأخلاقي، وضمان ألا تتضرر الدول الأوروبية الأخرى جراء قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد.
ويعني هذا الأمر أن ماي ستتطرق إلى المرحلة الانتقالية ما بعد بريكست، ومساهمة بريطانيا المتوقعة في ميزانية الاتحاد في هذه الفترة، وعلى الرغم من أنه من المستبعد أن تعطي رقماً محدداً، يُفترض أن يكون بحدود 20-30 مليار جنيه إسترليني.
إلا أن هناك مخاوفَ من أن يكون تفاؤل رئاسة الوزراء في غير محله، وأن تفشل ماي في ترك الانطباع المرجو. فقد علّق أحد سفراء الاتحاد الأوروبي بأن أي محاولة بريطانية للالتفاف على الوفد المفاوض الأوروبي ستنتهي بالفشل.
وأضاف "لا تستطيع ماي تجاوز المفوضية الأوروبية. هذه الشروط لا لبس فيها. هناك إشارات بأن البريطانيين يحاولون التفاوض مع كل حكومة على حده. لا شك أن المملكة المتحدة أخطأت في تقييم الأمر. لن ينجح تكتيك فرّق تسد لأن الوحدة الأوروبية صلبة".
وكانت ماي قد ذكرت أنها ستلتقي بعدد من زعماء دول الاتحاد، هذا الأسبوع، وقالت "ما سأقوم به يوم الجمعة هو طرح تحديث عن موقفنا الحالي، والتطلع إلى مستقبل المفاوضات.
المفاوضات مبنية على أن يفوض المجلس صلاحياته للمفوضية التي عينت ميشيل بارنييه، ولكن القرار يتخذه الزعماء".
إلا أن جو التوتر الذي ساد، هذا الأسبوع، بين مؤيدي بريكست المخفف والمشدد في الحكومة البريطانية، والذي دفع وزير الخارجية، بوريس جونسون، للتهديد بالاستقالة، كانت له انعكاساته على الموقف الأوروبي.
فبروكسل ترى أن حكومة تيريزا ماي الضعيفة لن تستطيع الوفاء بأي من التعهدات التي ستقطعها في الخطاب، يوم الجمعة، أو في المفاوضات المستقبلية. وكان كير سترامر، وهو وزير شؤون بريكست في حكومة الظل العمالية، قد صرح لصحيفة "ذي غارديان" بوجود توقعات عالية في بروكسل من خطاب ماي المنتظر، إلا أن هناك قلقاً من ضعف حكومتها.
وأضاف سترامر أنه خلال الاجتماعات التي عقدها، يوم الأربعاء، عبّر بارنييه، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، عن شكوكهما في قدرة ماي بالوفاء بأي من وعودها.
وتابع: "يريدون أن يروا تقدّماً حقيقياً، ويريدون وفاء بالوعود المقطوعة، وليس مجرد خطاب، ولا شيء آخر".
وأوضح أن زعماء الاتحاد قلقون من أن تعيد ماي خطابها الذي ألقته في مؤتمر حزب المحافظين السنوي العام الماضي. "أصابهم الذهول مما قالته في المؤتمر، العام الماضي، وهم واعون تماماً بأنها ستُلقي الخطاب يوم الجمعة، وستلقي خطاباً آخر في غضون أسبوعين (في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين لهذا العام). سيحتاجون إلى كثير من الحجج ليقتنعوا أن خطاب الجمعة كافٍ، إن لم يكن هنالك استمرارية. إذا كانت ستأخذ موقفاً، يجب أن يكون هذا الموقف حقيقياً".
كما تطرّق إلى موقف جونسون الأخير قائلاً "يجب عليها أن تضع حدّاً لبوريس جونسون وتصوّره الخيالي عن بريكست، وخاصة في ما يتعلق بالمسؤوليات المالية"، في إشارة إلى رفض جونسون دفع أي مبلغ في ميزانية الاتحاد بعد بريكست.
أما في ما يتعلق بحقوق المواطنين وسلطة محكمة العدل الأوروبية فقال "إنها بحاجة لأن تتخلى عن بعض من خطوطها الحمراء" كي يتم الوصول إلى حلّ سريع وسهل. "لن يتم التوصل إلى تسوية ما لم تتخلَ رئيسة الوزراء عن خطها الأحمر الأيديولوجي بأن المحكمة الوحيدة التي سيكون لها أي سلطة هي المحكمة العليا في لندن – هذه المحكمة ليست هيئة تسوية دولية".
ويأتي هذا الحراك في ظلّ وصول المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى طريق مسدود بعد انتهاء جولتين من المفاوضات، واقتراب موعد الجولة الثالثة في نهاية هذا الشهر.