انتشرت على الجدران في مدينة إدلب، في الشمال السوري، أخيراً، عبارات غاضبة من "هيئة تحرير الشام"، التي يُشكّل عناصر وقيادات "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) عمادها الأساسي، تحديداً قرب ساحة السبع بحرات، وسط المدينة، التي قُتل فيها عشرات المدنيين خلال الأسبوع الأخير، نتيجة غارات الطيران الروسي. الكتابات الغاضبة أتت إثر تحميل السكان المحليين "الهيئة" مسؤولية تصعيد النظام وروسيا للغارات، سواء في إدلب أو في ريفي حلب وحماه، واتهموها بـ"فتح معركةٍ فاشلة بريف حماه، جرّت ويلاتٍ على سكان المناطق المجاورة"، بينما رأى آخرون أن "روسيا والنظام ماضيان في مخطط سواء حصلت معركة حماه أم لا".
في هذا السياق، اعتبر ناشطون وسكان محليون في محافظة إدلب، خلال حديثهم لـ"العربي الجديد"، أمس الأربعاء، أن "العبارات التي انتشرت بشكل واسع، خلال اليومين الماضيين، في مساكن البقعة، ومنطقة الضبيط، ووسط المدينة قرب ساحة السبع بحرات، وبمحيط الحديقة العامة، لا تمُثل في الواقع إلا رأس جبل جليديٍ مستتر حالياً، عن حالة سخط السكان من هيئة تحرير الشام".
وذكر الناشط الإعلامي المقيم في مدينة إدلب عادل الإدلبي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "السكان هنا يتهامسون ويعبرون عن غضبهم من سلوكيات هيئة تحرير الشام، لكن أحداً منهم لا يجرؤ في العلن على التعبير عن ذلك". وأضاف أن "الناس لم تعد تحتمل. رفض الأغلبية للهيئة قديم وليس بجديد، غير أن الأمر تفاقم، خصوصاً أثناء هذه الغارات التي يشنّها الروس والنظام كل يوم. النظام والروس هم من يقتلون المدنيين هنا، لكن الهيئة هي التي وفرت لهم الذريعة بتقديري".
كما أفاد ناشط إعلامي آخر في مدينة إدلب، بأن "السخط الشعبي من الهيئة تصاعد"، وأبدى اعتقاده في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "حملة القصف الجوي الروسي التي دخلت أسبوعها الثاني في إدلب ومحيطها ليست من أجل تنفيذ اتفاقيات أستانة، ولا رداً على فتح معركة ريف حماه الشمالي، بل هي خطة روسيا والنظام لإضعاف فصائل معينة (معتدلة)، ولدفع الناس بعيداً عن احتضان أي فصيل مسلح ولو كان مقبولاً دولياً".
بدوره، ذهب أبو رائد، وهو صاحب مكتب عقاري في إدلب، بالاتجاه ذاته تقريباً، إذ قال لـ"العربي الجديد"، أمس الأربعاء، إن "حملة القصف الحالية على محافظة إدلب هدفها إخضاع الشعب لأي قرار من أستانة أو غيره، لأن تكاليف الطيران الحربي الباهظة لا يمكن أن تكون فقط من أجل الرد على معركة الهيئة في ريف حماه. بالتالي إن روسيا والنظام ماضيان في مخطط سواء حصلت معركة حماه أم لا".
من جانبه، أشار عدنان الصايغ، أحد أبناء إدلب، المدينة التي خرجت عن سيطرة النظام السوري في 28 مارس/ آذار 2015، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لا أعلم شيئاً عن سبب تصعيد روسيا والنظام حالياً وقصفنا يومياً بعشرات الغارات، لكن ذلك بدأ مع فتح جماعة النصرة لمعركة حماه"، مبدياً خشيته ممّا قد تتعرض له المحافظة مستقبلاً "أخشى أن يكون الآتي أسوأ".
أما عمر الشمالي، الموالي لـ"هيئة تحرير الشام"، فقد اعتبر أن "قصف النظام والروس دائماً يزداد عنفاً مع بدء أي عمل عسكري ضدهم. كل الناس هنا تعرف منذ سنوات أنه ما أن يتم فتح أي معركة ضد النظام من قبل أي فصيل، حتى تزداد الغارات كثافة وعنفاً ضد المدنيين للانتقام".
ورغم مقتل عشرات المدنيين في الأسبوع الأخير، بمناطق متفرقة في محافظة إدلب وأرياف حماه وحلب الملاصقة لها بالغارات، فضلاً عن أن هذه الهجمات دمرت مستشفيات ومدارس، بحسب ما وثق ناشطون بالصور، في المقابل، ادّعت وزارة الدفاع الروسية قبل يومين، أن "القوات الفضائية - الجوية الروسية في سورية لم تقصف مناطق سكنية، بل تم قصف 10 أهداف للإرهابيين في محافظة إدلب السورية بعد طلعات استطلاعية وجمع معلومات من مصادر أخرى". وهي بحسب الادّعاءات الروسية، أهداف "بعيدة عن المناطق السكنية".
ومساء الثلاثاء، نقلت "القاعدة المركزية لقاعدة حميميم الجوية" عن المتحدث باسم وزارة الدفاع في موسكو إيغور كوناشينكوف، قوله إنه "بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الشرطة العسكرية الروسية المتواجدة في ريف حماه، تم العمل على جمع المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتحديد المسؤولين عن تنفيذ الهجوم، وتم التوصل إلى معلومات حول اجتماع لقادة الجماعات الإرهابية حيث شملت هذه المعلومات مكان وزمان انعقاد هذا الاجتماع، والذي ضم قادة من جبهة (تحرير الشام) و(جبهة النصرة) الإرهابيتين، وعُقد الاجتماع في جنوب إدلب، وبعد التأكد من وجود جميع القادة تم استهدافهم بصاروخ في غارة جوية".