ويأتي كلام آدمز بعدما كان صرح بأن أولوياته الآن تنصب حول دمج الأجيال الشابة في قيادة الحزب، بناء على خطة كان قد وضعها مع نائب رئيس الحزب السابق الراحل وزميل كفاحه مارتن ماك غينيس.
ومع استقالة آدمز المرتقبة، يكون قد أنهى واحدة من أطول فترات رئاسة أي حزب، حيث إنه تسلم منصبه في عام 1983، ولعب دوراً أساسياً في سياسة إيرلندا الشمالية منذ ستينيات القرن الماضي.
وبعدما كان قد بدأ حياته السياسية في الحراك الشعبي المطالب بالحقوق الإيرلندية في المملكة المتحدة، ترقى دوره السياسي ليتزعم حزب الشين فين الإيرلندي، الذي طالب، حتى وقت قريب، بتوحيد الجزيرة الإيرلندية تحت نظام جمهوري عاصمته دبلن، كما أن آدمز كان أحد الأطراف الموقعة على اتفاق الجمعة العظيمة، والذي أنهى عقوداً من الصراع في إيرلندا الشمالية وأسس لتقاسم السلطة فيها.
وينتمي آدمز لعائلة انخرطت في العمل الجمهوري منذ بدايات القرن العشرين، حيث ولد في بلفاست عام 1948 لعائلة إيرلندية كاثوليكية مناصرة للجمهورية، شارك أفرادها في حرب الاستقلال الإيرلندية والصراع التالي ضد الوجود البريطاني في الجزيرة الإيرلندية.
كانت بدايات نشاطه السياسي مع حركة الحقوق المدنية في إيرلندا الشمالية في ستينيات القرن الماضي، حيث انخرط في أنشطتها منذ العام 1967. ورغم سلمية أنشطتها، تعرضت الحركة للعنف من قبل الموالين للتاج البريطاني، وهو ما أدى إلى اشتعال المدن الكبرى في إيرلندا الشمالية، مثل ديري وبلفاست في أغسطس/ آب 1969. وقد لعب آدمز دوراً هاماً في حركة التمرد هذه التي قمعها الجيش البريطاني بناء على طلب حكومة إيرلندا الشمالية.
تعرض السياسي ذاته للاعتقال عدة مرات خلال السبعينيات، بتهمة انتمائه للجيش الجمهوري الإيرلندي المحظور في كل من جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية.
واعتقل آدمز لأول مرة سنة 1972 من دون محاكمة، قبل أن يطلق سراحه بعد ذلك بفترة وجيزة، ليشارك في محادثات سلام مع الحكومة البريطانية، لكنه اعتقل، بين 1973-1976، بعد فشل هذه المحادثات، ومجدداً في عام 1978 للتهمة ذاتها، رغم نفيه الدائم انتماءه إلى الجيش الجمهوري الإيرلندي.
ويبقى التحول الأهم في مسيرته السياسية تبنيه للنضال السياسي كوسيلة لضمان الحقوق الإيرلندية في المملكة المتحدة، الأمر الذي وضعه في صدام مع قيادات الجيل السابق لحزب الشين فين، والذي يعد الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الإيرلندي. وكانت تصرّ تلك القيادات على الحسم العسكري، بينما نادى آدمز بالتحول إلى العمل السياسي، بعد إدراكه استحالة تحقيق النصر عسكرياً، ونشر أفكاره المنادية بتعزيز العمل السياسي بين الجمهوريين في صحيفة "ريببليكان نيوز" خلال سنوات اعتقاله.
وتزامن هذا التحول مع قضية إضراب السجناء الجمهوريين عن الطعام في إيرلندا الشمالية في عام 1981، والتي لعب فيها آدمز دوراً محورياً، ما رفع أسهمه داخل حزب الشين فين، لينتخب في 1983 رئيسا له، وأيضاً كعضو في البرلمان البريطاني. وفي تقليد حزبي يستمر حتى هذا اليوم، رفض آدمز المشاركة في جلسات البرلمان البريطاني كي لا يقسم بالولاء لملكة بريطانيا.
واستمرت المحادثات بينهما حتى بداية التسعينيات، أفضت إلى إصدار وثيقة مشتركة عام 1993، موجهة إلى الحكومتين البريطانية والإيرلندية، حددا فيها نقاط التوافق وعدّدا شروط الشين فين لدخول محادثات متعددة الأطراف.
كما شغل آدمز منصب ممثل بلفاست الغربية في البرلمان البريطاني بشكل متواصل، ما عدا الفترة بين 1992-1997، حيث خسر منصبه لصالح ممثل حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي. ومع دخول دول أخرى على خط التسوية السلمية في إيرلندا الشمالية، منحته الولايات المتحدة تأشيرة دخول لأول مرة عام 1994، كتشجيع للشين فين على الانخراط في الحياة السياسية. واستغل آدمز زيارته ليباشر حملة لدعم حزبه بين الجالية الإيرلندية الكبيرة هناك.
وتتابعت خطوات التسوية السلمية، حيث تلا إعلان الجيش الجمهوري الإيرلندي تمديد وقف إطلاق النار الذي أعلن عام 1994، دخول آدمز في مفاوضات أسفرت عن توقيع اتفاق تشارك السلطة والحكم الذاتي في عام 1998.
ويعتبر الإنجاز الأكبر في مسيرة آدمز السياسية توقيع اتفاق الجمعة العظيمة في عام 2007 مع إيان إيان بيسلي عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، نجم عنه تقاسم السلطة في إيرلندا الشمالية. وكان سبق هذا الاتفاق تخلي الجيش الجمهوري الإيرلندي عن سلاحه في عام 2005، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحول جيري آدمز للعمل السياسي ضمن الجمهورية الإيرلندية. وفي عام 2010، تنحى آدمز عن مقعده في مجلس إيرلندا الشمالية ليخوض الانتخابات البرلمانية الإيرلندية، وينجح في الوصول إلى البرلمان عن دائرة دايل. كما حقق حزبه فوزاً هائلاً في الانتخابات، ليكون ثالث أكبر حزب في البرلمان الإيرلندي.