رجحت مصادر دبلوماسية سودانية رسمية عدم عودة السفير السوداني، عبد المحمود عبد الحليم، إلى القاهرة، في الوقت الراهن، بعد أن كان قد تم استدعاؤه مطلع يناير/ كانون الثاني الحالي. وقالت "عبد الحليم مُدته الرسمية في منصبه ستنتهي في يونيو/ حزيران المقبل، وهو ما يعزز أنه في حال عاد الهدوء إلى العلاقات بين البلدين، سيكون هناك سفير جديد للخرطوم في القاهرة، وهذا لن يكون بأي حال قبل منتصف العام الحالي، وخصوصاً أن مصر مشغولة بانتخابات رئاسية، وهذا الملف لن يشغل بالنسبة لها حيزاً كبيراً في الوقت الراهن".
يأتي ذلك فيما تضاربت الأنباء حول السبب الذي دفع وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، للاستقالة قبل التراجع عنها. وبعد أن ربط البعض بين الاستقالة ووجود اعتراض لديه على التصعيد في الموقف السوداني بشأن الأزمة، نفت مصادر سودانية، لـ"العربي الجديد"، أن تكون لاستقالة وزير الخارجية أية علاقة بملف العلاقات السودانية المصرية، وما أشيع عن رفضه للقرارات الخاصة بها، ومن بينها قرار سحب السفير السوداني لدى مصر. وأوضحت المصادر أن جميع أجهزة الدولة على توافق تام في إدارة ملف العلاقات مع مصر، مشيرة إلى أن إبراهيم غندور يقف بنفسه على كل تلك القرارات، واجتمع لأكثر من مرة بالسفير عبد المحمود عبد الحليم بعد عودته إلى الخرطوم.
يأتي ذلك فيما تبرأ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس الإثنين، من التصعيد الأخير بين القاهرة والخرطوم، وذلك في أول تصريح له بشأن الأزمة الحالية التي بلغت حد استدعاء السفير السوداني في القاهرة إلى بلاده. وقال السيسي إن "المصريين انشغلوا بتطورات موقف وتصريحات - ليست من جانبنا - مع أشقائنا في السودان"، نافياً بصورة قاطعة أن تكون مصر متآمرة أو تعد للتدخل في شؤون أي من جيرانها وأشقائها. وفيما دعا وسائل الإعلام المصرية للتهدئة مع السودان وإثيوبيا، ثم تطرق إلى اتهامات المسؤولين والإعلام في السودان وإثيوبيا لمصر بالتآمر على البلدين، فنفاها، قائلاً "على مدار شهور طويلة كانت هناك تصريحات بأن مصر تتدخل أو تتآمر، وأنا أؤكد لكم يا مصريين، ولأشقائنا في السودان وإثيوبيا، مصر لا تتآمر أو تتدخل في شؤون أحد، ونحن حريصون على أن تكون علاقتنا طيبة، ويكفي ما شهدته المنطقة خلال السنوات الماضية". وشدد السيسي على أن "مصر لها سياسة ثابتة، هدفها البناء والتنمية والإعمار ولن تقوم بغير ذلك. تعالوا دائماً نبحث عن السلام والبناء والإعمار والتنمية، لأن شعوبنا تحتاج إلى ذلك، ولا تحتاج إلى أن نختلف وندخل في حروب وصراعات".
في غضون ذلك، قالت مصادر سودانية أخرى، لـ"العربي الجديد"، إن أديس أبابا نسّقت مع الخرطوم كافة المواقف بما يتعلق بقضية سد النهضة، والأمور المتعلقة بالجوار والحدود، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الإثيوبي، ورقني جبيو، إلى الخرطوم، أول من أمس، وذلك قبيل زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، هايله ميريام ديسالين، المرتقبة إلى القاهرة، والتي لم يحسم موعدها بعد. وأضافت المصادر "تم تأكيد الاتفاق بين السودان وإثيوبيا خلال الزيارة على رفض المطلب المصري لأديس أبابا الخاص بإشراك البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة، وحصل السودان على تطمينات من جبيو بأن زيارة ديسالين للقاهرة روتينية وستقتصر على تبادل الروئ فقط". وأشارت إلى أن الجانب السوداني أبلغ الوزير الإثيوبي أنه على الرغم من أن أي تحرك مصري في أريتريا موجه بالأساس لإثيوبيا، إلا أن الخرطوم كان موقفها قوياً تجاه ذلك نظراً لطبيعة الوحدة والمصير المشترك بين الخرطوم وأديس أبابا. وكشفت المصادر أن "إثيوبيا قدمت خلال الأيام الماضية للسودان أدلة واضحة وإثباتات بشأن طلب مصر استبعاد الخرطوم من مفاوضات السد، واستحداث مسار مفاوضات جديد ثانٍ بين القاهرة وأديس أبابا"، وهو ما سبق ونفاه وزير الخارجية المصري، سامح شكري. وقالت المصادر إن الجانب المصري لا بد أن يقتنع بأن السد قد تم بناؤه بالفعل، وعليه أن يتعامل على هذا الأساس، ويفكر في نقاط التفاوض التي يريد الوصول إليها، وتتمثل في ثلاث نقاط أساسية، وهي "عوامل أمان السد، والمشاركة في إدارته، وعدد سنوات ملء خزان السد بحيث لا تتضرر حصتها المائية بنسبة كبيرة".
وكانت وزارة الخارجية الإثيوبية كشفت، في بيان، الأحد الماضي، أن اللجنة المشتركة بين إثيوبيا ومصر ستعقد اجتماعها في 18 يناير الحالي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية "إينا". وأوضحت الوزارة الإثيوبية، في بيانها، أنه سيُعقد اجتماع على مستوى الوزراء قبل انعقاد قمة زعيمي البلدين، وسيركز اجتماع اللجنة المشتركة على التعاون في القضايا الإقليمية والقارية والدولية. وأفادت الوزارة بأن اللجنة المشتركة ستقيّم أداء اجتماع اللجنة الخامسة التي أُنشئت قبل 3 سنوات في مجالات التعليم والصحة والزراعة ومصائد الأسماك، مشيرة إلى أنه سيتم توقيع الاتفاقيات للعمل معاً في قطاع الصناعة والمعادن.