ألم خسارة الأحزاب التقليدية في بافاريا يتردد صداه في برلين

15 أكتوبر 2018
تقديرات بأن التصويت جاء "على رحيل ميركل"(Getty)
+ الخط -

بدأ أمس الأحد، عصرٌ جديدٌ في ولاية بافاريا الألمانية، بعدما خسر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" الأغلبية المطلقة التي احتفظ بها منذ عقود، ليطوي بذلك قصة نجاح، بهزيمة مرّة سيكون لها ارتداداتها في برلين.

وحصد "الاجتماعي المسيحي"، وفق النتائج الأولية لانتخابات المجلس التشريعي للولاية، 37,2 في المائة فقط من أصوات الناخبين، مقابل 17.5 في المائة لـ"الخضر"، و10.2 في المائة لحزب "البديل"، و9.7 في المائة لـ"الاشتراكي"، و11.5 في المائة لـ"الناخبين الأحرار"، فيما وضع الحزب "الليبرالي" لا يزال غير ثابت، والسبب أن أرقامه تقارب نسبة الخمسة في المئة المطلوبة لدخول البرلمان، علماً أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت نسبة 72.4 في المائة. ووفق هذه الأرقام، قد ينال "الاجتماعي المسيحي" 85 مقعداً، و"الاشتراكي" 22، والناخبون الأحرار 27، والخضر 38، و"البديل" 22. وإذا حصل "الليبرالي" على نسبة الخمسة في المائة المحددة قانونياً، فسيتمكن من دخول برلمان الولاية بـ11 نائباً.

قصة النجاح الطويلة التي طوت صفحتها أمس إلى غير رجعة عند "الاجتماعي المسيحي" سيكون لها ارتداداتها في برلين، ومن الممكن أن تحدث صخباً سياسياً جديداً في البلاد، بعدما بدت الأحزاب التقليدية أمام تقبلٍ مرّ للهزيمة، والحديث الآن هو عن حجمها وتداعياتها على الحكومة المستقبلية في بافاريا، والصراع على زعامة الأحزاب، إلى وضع مصير الائتلاف الحاكم في برلين، مع الحديث عن نية "الاشتراكي" المغادرة.

ومع عدم إعلان زعيم الحزب هورست زيهوفر ليل أمس استقالته من زعامة "الاجتماعي المسيحي"، ما يفيد بحسب كل التقديرات، بعزم الرجل على البقاء في منصبه، يفترض الخبراء أن القيادة الحزبية فضلت عدم إحداث ضجة داخلية، والتركيز على تشكيل الحكومة وتأمين الاستقرار في الولاية، خاصة أن الحزب مضطر للاتئلاف مع الأحزاب الأخرى لتأليف الحكومة، ويمكن بعدها الحديث عن انتقال منظم.

ويعني ذلك أنه سيتمّ الانتظار حتى موعد انتخاب رئيس الوزراء والاتفاق مع شريك حكومي، علماً أن المادة 16 من الدستور البافاري تنص على ضرورة أن يجتمع البرلمان في مهلة أقصاها 22 يوماً بعد الانتخابات، وأن ينتخب خلال أسبوع واحد رئيس الوزراء. أما الاحتمال الآخر، فهو أن يبقى زيهوفر في منصبه حتى نهاية ولايته الخريف المقبل، هو الذي انتخب العام 2017 لمدة عامين لتزعم الاجتماعي المسيحي، وأن يثبت نفسه كمدير لإدارة الأزمة.

ووفق الأرقام غير الرسمية لنتائج الانتخابات، وعملاً بالقانون النسبي المعمول به في بافاريا، يرجح أن يصل عدد نواب الولاية الى 205 نواب، بعدما كان 181 نائباً عام 2013، وهذا ما يصعب من عملية التحالف للحزب الأكبر، "الاجتماعي المسيحي"، الذي قال مرشحه الرئيسي، رئيس الوزراء الحالي ماركوس سودر، إنه رغم الخسارة، فقد أعطى الشعب البافاري حزبه تفويضاً واضحاً للحكم في الولاية.

وبدا من نتائج الانتخابات أن أكثر المستفيدين هو حزب "الخضر"، الذي حقق قفزة نوعية في النتائج، بنسبة قاربت الـ10 في المائة عن الانتخابات الماضية، وبات ثاني أكبر قوة في بافاريا، مقابل تراجع "الاشتراكي" إلى المركز الخامس.

وتفيد الاستطلاعات بأن "الاجتماعي" و"الاشتراكي" خسرا حوالي 400 ألف صوت لصالح "الخضر" و"البديل" (اليمين الشعبوي) و"الناخبين الأحرار". أما "البديل" الشعبوي، فاستقطب أيضاً أصوات المترددين أو من كانوا يعرفون بغير المكترثين. وفي أول تصريح عن نتائج الحزب في بافاريا، قالت رئيسة كتلته البرلمانية اليس فايدل إن الحزب راض عن النتائج، معتبرةً أن من صوّت لحزبها "صوّت أيضاً لرحيل ميركل".

في المقابل، يرى محللون أن خسارة زيهوفر وحزبه في بافاريا قد تمنح ميركل بعضاً من الاستقرار، في حال توقف الرجل عن شغبه المفتعل، هو الذي لا يزال يناضل من أجل مستقبله السياسي، والمدفوع بالإرادة المطلقة للسلطة، وبجرعة إضافية من الغطرسة، في وقت يعتبر آخرون أنه بات عبئاً لحزبه، ولم يعد يمثل مستقبل الكثيرين داخله، حيث ترسم له مراسم وداع كثيرة .

تجدر الإشارة إلى أن التوقعات تشير إلى إمكانية تشكيل ائتلاف بين "الاجتماعي المسيحي" و"الناخبين الأحرار"، أو بين "الاجتماعي المسيحي" و"الخضر"، وبالتالي غياب أي إمكانية لتكتل باقي الأحزاب ضد "الاجتماعي" وبقائه خارج السلطة. مع العلم أن رئيس الوزراء البافاري المنتمي إلى "الاجتماعي"، اعتبر في حديث تلفزيوني بعد إعلان النتائج الأولية، أن حزبه منفتح على جميع الأطراف، ما عدا اليمين الشعبوي.  
دلالات