دخلت أميركا أمس الاثنين من الباب العريض لقضية إخفاء الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي، وسط رمي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إشارات متناقضة في كلامه ربما توحي ببحث أميركي ـ سعودي مشترك لمخرج ينقذ السلطات السعودية من ورطة قتل خاشقجي، وهو ما قد يكون مطلوباً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي ينتقل من الرياض إلى أنقرة، حيث سربت السلطات هناك المزيد من المعلومات التي تجزم بقتل الرجل في القنصلية التي دخلها وفد البحث الأمني التركي أمس مساءً، بعد ساعات قليلة من تسريب الرياض ما مفاده بأن الملك سلمان أمر بإجراء "تحقيق داخلي" حول قضية خاشقجي، بما أنه، أي العاهل السعودي، لا يعرف شيئاً عن مصير "مواطننا السعودي" بحسب ما نقل ترامب عنه أمس. واتصل الرئيس الأميركي بالعاهل السعودي، وقال سيد البيت الأبيض بعدها إنه "لا يريد أن يدخل في عقل العاهل لكنه فهم من الملك السعودي أن ما حدث مع خاشقجي قد يكون فعله قتلة مارقون... من يعرف؟". كلام أثار خشية كثيرين من المعلقين الأميركيين، مثل السيناتور كريس مورفي والسفير الأميركي السابق في الرياض، روبرت جوردان، وقد أبديا قلقهما من أن يكون "الملك قد تمكن من إقناع ترامب بالرواية التافهة للقتلة المارقين".
وقبل التطورات الواردة من أميركا، أمر العاهل السعودي النائب العام بفتح تحقيق داخلي في قضية خاشقجي، قبل دقائق من موعد تفتيش القنصلية السعودية في إسطنبول من "قبل فريق تركي فقط" بحسب ما نقل مراسل قناة "الجزيرة" عن مصدر تركي رسمي. وقال مصدر دبلوماسي في أنقرة إن المحققين سيفتشون القنصلية السعودية في إسطنبول بعد ظهر اليوم (أمس) الاثنين. وبالفعل، حوالي الساعة السادسة عصراً بتوقيت إسطنبول، دخلت مجموعة أشخاص مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول. وكان مسؤول سعودي، غير مصرح له بالحديث علناً، قد كشف لوكالة "رويترز" أن الملك "أمر النائب العام بفتح تحقيق داخلي في مسألة خاشقجي بناء على المعلومات من الفريق المشترك في إسطنبول". ورد المصدر على سؤال عن متى يمكن أن يصدر النائب العام بيانا عن التحقيق، بالقول إنه تلقى أوامر بالعمل بسرعة. وكان لافتاً رصد عدسات وسائل إعلام أمس دخول كميات كبيرة من مستلزمات التنظيف إلى القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول قبل ساعات من دخول وفد التحقيق إلى مقر القنصلية. وذكر مراسل "الأناضول" أن عشرات الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام لاحظوا إحضار العاملين بالقنصلية كميات كبيرة من مستلزمات التنظيف، كانوا يحملونها على عربة يدوية خلال ساعات الظهيرة. وبموازاة دخول الوفد التركي إلى القنصلية، وصل وفد التحقيق السعودي إلى منزل القنصل في إسطنبول، محمد العتيبي، الذي يعتقد أنه شهد فصولاً من جريمة خاشقجي وإخفاء جثته.
والتقى مسؤولون سعوديون وأتراك، أمس، في مديرية أمن إسطنبول، للتحقيق في إطار لجنة التحقيق المشتركة بين البلدين ليكون هذا الاجتماع هو الأول للجنة بعد أسبوعين على وقوع الجريمة. وبحسب المعلومات التي حصل عليها مراسل وكالة "الأناضول"، فإن مجموعة العمل المشتركة التركية السعودية وصلت أمس في الساعة الواحدة من بعد ظهر أمس بالتوقيت المحلي لإسطنبول والقدس المحتلة. وقد استؤنفت أمس التسريبات المنقولة عن المصادر التركية، فقالت وكالة "رويترز" إن مسؤولاً ومصدراً أمنياً تركيين أمس الاثنين أكدا أن السلطات التركية "لديها تسجيل صوتي يشير إلى أن خاشقجي قتل في القنصلية بالفعل".
واستمرت التداعيات المالية لأزمة خاشقجي على اقتصاد السعودية، فتراجع الريال السعودي أمام الدولار الأميركي، في المعاملات الفورية، أمس الإثنين، لأدنى مستوى في 15 شهراً. وبلغ سعر صرف الدولار في التعاملات الفورية اليوم الإثنين، 3.752 ريالات للدولار الواحد، مقارنة مع متوسط 3.75 ريالات للدولار سابقاً.