وشنَّ تنظيم "داعش" هجوماً غير مسبوق، كان الأعنف منذ سنوات، بحسب ما أكد ناشطون، استهدف خلاله مواقع "قوات سورية الديمقراطية"، التي كانت تشنَّ هجوماً ضدّه، ما أسفر عن استرجاع التنظيم مناطق واسعة كان قد خسرها سابقاً.
وجاء هجوم التنظيم بالتزامن مع حملةٍ عسكرية كبيرة تشنّها مليشيات "قوات سورية الديمقراطية"، ما يعني أنّ هجمات التنظيم كانت معاكسة ضمن معركة، ولم تكن مفاجئة، ما وضع المراقبين العسكريين في حيرة من أمرهم حول أسباب هذا الهجوم الذي تكلّل بالنجاح، لا سيما مع المكاسب الميدانية الواسعة التي حقّقها التنظيم.
وأوضح المحلّل العسكري العميد الركن أحمد رحال لـ"العربي الجديد"، أن "تكتيك داعش العسكري يشهد منذ أشهر تحسّناً في منطقة ريف دير الزور الشرقي"، موضحاً أن أساليب التنظيم العسكرية "تطوّرت بشكلٍ ملحوظ، وبانت عليها الخبرة في التعامل مع الحملة ضده".
وأوضح رحال أن الهجوم الذي شنّته "قسد" على مواقع "داعش"، الأربعاء الماضي، كان "خاطئاً من الناحية التقديرية، بسبب عدم قيام القوات المُهاجمة بدراسة المنطقة بشكلٍ كافٍ، كما لم تقدم عملية تقدير للموقف ودراسة الحالة، وهي من الخطوات الأساسية التي يتم عملها قبل البدء بأي هجوم عسكري، حيث تتم دراسة الخريطة الميدانية والحالة العامة للمنطقة وللعدو قبل الهجوم".
وأوضح الخبير أنّه "تزامناً مع الهجوم، كانت هناك عاصفة رملية ضربت مناطق ريف دير الزور الشرقي"، لافتاً إلى أن هذه العاصفة "تخدم التنظيم بشكلٍ كبير خلال المعارك، لأنّها من جهة تعيق تقدّم القوات المُهاجمة وتمنعها من التوغّل العسكري، كما أنها تؤدّي إلى منع الطيران الحربي من التحليق، وإن حلّق، فإنّها تمنعه من القصف على أهداف محكمة".
ولفت رحّال إلى أن التنظيم "أقدم بالتزامن مع العاصفة على حرق النفط الخام وحرق إطارات السيارات المطاطية، ما منع الرؤية بشكلٍ كامل عن طيران التحالف ونجح التنظيم في شل حركة الطيران في تلك المنطقة".
وأوضح رحّال الذي يُتابع سير المعارك في ريف دير الزور أن "المناطق التي سيطرت عليها مليشيا قوات سورية الديمقراطية خلال الأيام الماضية، وطردت داعش منها، كانت ملغّمة بالكامل، حيث انسحب التنظيم من تلك المناطق، وقام بتفجيرها خلال وجود قسد هناك، ما جعل إعادة الهجوم أمراً شبه ناجح من الناحية العسكرية".
وختم بأنّ السبب الرئيسي لهذه الانتصارات الميدانية للتنظيم "يعود إلى عدم وجود إرادة دولية لإنهائه بشكلٍ كامل، كونه لم تنته مهمّته الدولية بعد"، بحسب تعبيره، معتبراً أنّه "عندما يكون هناك قرار دولي جدّي بالقضاء على التنظيم، فإن السيطرة على مناطقه ليست صعبة". ورأى أن "الولايات المتحدة تحمّل روسيا مسؤولية محاربة التنظيم، والعكس، لكن لا يوجد قرار بالقضاء عليه".
من جهتها، أشارت المصادر المحلية المطلعة على ملف المعارك في ريف دير الزور إلى أن التنظيم حشد خلال الأيام الماضية نحو ثلاثة آلاف مقاتل وزوّدهم بأسلحة متطوّرة، حيث شنّوا الهجوم بشكلٍ انغماسي، بالتزامن مع العاصفة الغبارية التي منعت طيران "التحالف الدولي" من التحرّك.
وأشارت المصادر إلى أن الهجوم أسفر عن استعادة التنظيم مناطق واسعة، وقتل العشرات من عناصر "قسد" وأسر آخرين.
وذكرت شبكة "فرات بوست"، أمس الأحد، أنّه "للمرة الأولى منذ سيطرتها على مناطق ريف دير الزور الشرقي، استقدمت قوات التحالف الدولي دبابات وعتادا ثقيلا إلى حقلي العمر والتنك النفطيين، كما قامت قوات التحالف بسحب كتيبة المدفعية المتقدمة في بادية هجين إلى القواعد الكبيرة".
وأسفرت هجمات التنظيم عن سيطرته على بلدتي السوسة والباغوز فوقاني، التي خسرها منذ نحو ستة أشهر، إضافة إلى السيطرة على عدد كبير من العربات العسكرية وكميات ضخمة من الأسلحة والذخائر، وسط غياب كامل للطيران الحربي التابع للتحالف، والذي اكتفى بتدمير آليتي "هامر" من ضمن العتاد الذي استولى عليه التنظيم.
وأضافت الشبكة المعنية بتوثيق الأخبار اللحظية لمحافظة دير الزور، أن التنظيم يسعى من خلال هذا الهجوم إلى "الوصول إلى الجانب الآخر من نهر الفرات، وشنّ هجمات ضد النظام والمليشيات الإيرانية، بهدف الوصول إلى بادية الميادين، التي من خلالها تفتح له طرق البادية وصولاً إلى تلال الصفاء الاستراتيجية، والتي يتمركز فيها عناصر داعش بكثافة قرب محافظة السويداء".
وتعتبر منطقة تلال الصفا بؤرة مهمّة للتنظيم بسبب استحالة اقتحامها عسكريا، وذلك لسبب احتوائها على "صبّات بازلتية" وأحجار سوداء تعرقل عمليات الهجوم عليها.