في افتتاحيتها، اليوم الإثنين، طالبت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، كلاً من السعودية وتركيا والولايات المتحدة، بتقديم إجابات حول اختفاء الصحافي السعودي وأحد كتابها جمال خاشقجي، واصفة خبر مقتله، في حال تأكد، بأنّه "جريمة مروعة" لا بد من محاسبة مرتكبيها ومن وراءهم.
وقالت افتتاحية هيئة التحرير بـ"واشنطن بوست"، إنّ ثلاث حكومات تتحمّل الآن مسؤولية لا مفر منها عن التحرّك بشأن خاشقجي، الذي اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول، يوم الثلاثاء الماضي.
وذكّرت بأنّ خاشقجي، وعلى مدى أكثر من عام، لفت الانتباه في مقالاته إلى السلوك "المتسلّط" لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، معلّقة على ما ذكرته مصادر في تركيا، السبت، بأنّ المحققين الأتراك يعتقدون أنّ خاشقجي قُتل داخل القنصلية، بالقول إنّه في حال تأكد سيمثّل "جريمة مروعة".
وإذ أشارت إلى أنّها لم تتلقَّ أي دليل على ذلك، لفتت "واشنطن بوست"، إلى أنّ اغتيال صحافي في قنصلية بلده على أرض أجنبية، أمر "لم يسبق له مثيل في العصر الحديث".
وتوقّفت الصحيفة عند ما ذُكر بأنّ خاشقجي دخل إلى القنصلية السعودية في 28 سبتمبر/أيلول، في أول محاولة لتخليص بعض الأوراق الروتينية، وطلب منه العودة في الأسبوع التالي، ناقلة عن مصادرها أنّ 15 مسؤولاً سعودياً دخلوا إلى إسطنبول "على وجه الخصوص من أجل الجريمة"، بينما دخل خاشقجي القنصلية مرة أخرى، يوم الثلاثاء الماضي، ولم يخرج.
وشدّدت في هذا الإطار على أنّه "يجب على السعودية أن تجيب على الفور عن: من هم هؤلاء الـ15 مسؤولاً؟ ماذا حدث، على وجه التحديد، داخل القنصلية؟ مشيرة إلى أنّ "الزيارة" المتفق عليها داخل القنصلية، والتي رتبت لصحافيي "رويترز"، يوم السبت، "لا تبدد القلق" بشأن مصير خاشقجي.
كما أنّ القلق لا يبدده، وفق الصحيفة، سجل تهور النظام السعودي في عهد ولي العهد، بما في ذلك موجات الاعتقالات للنقاد والمعارضين، من بينهم الناشطات النسويات اللواتي دافعن عن الحق في قيادة المرأة، والاختطاف غير العادي لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فضلاً عن الرد المتطرف على انتقادات كندا المبررة لسجل حقوق الإنسان في السعودية.
وشددت الصحيفة أيضاً على أنّه على تركيا أن تعلن على الفور عن أي دليل لديها بشأن الادعاء "المرعب" بأنّ خاشقجي قُتل، وألا تدخر أي سبيل ممكن للتحقيق في ذلك.
ويجب على الولايات المتحدة، أيضاً، وفق الصحيفة، أن تطلب إجابات بصوت عالٍ وواضح، مشيرة إلى أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يتعامل مع ولي العهد السعودي باعتباره "حليفاً مفضلاً"، بينما تحاول إدارته تجنّب الانتقادات الموجهة إلى انتهاكات النظام في المملكة.
كما طالبت "واشنطن بوست"، الولايات المتحدة، بأن تبذل جهداً متضافراً لتحديد جميع الحقائق المتعلقة باختفاء خاشقجي، وقالت إنّه "إذا لم يستجب ولي العهد بالتعاون الكامل، فيجب على الكونغرس، كخطوة أولى، أن يعلّق كل تعاون عسكري مع المملكة".
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "نأمل ألا يكون خاشقجي قد أُصيب بأذى، وأنه سيعود قريباً إلى مكتبه"، مشددة على أنّه، في حال ثبتت صحة التقارير عن مقتله، فيجب أن تصاحب الحزنَ، مساءلة أولئك الذين نفذوا القتل وأولئك الذين أمروا به.
العلاقات الأميركية - السعودية على المحك
وفي تقرير لها، اليوم الإثنين، أشارت "واشنطن بوست"، إلى أنّ اختفاء خاشقجي، يمثّل آخر تحدٍّ لعلاقات الولايات المتحدة مع السعودية، كاشفة أنّ مسؤولين في وزارة الخارجية برئاسة مايك بومبيو، "يشعرون بالإحباط" بسبب عدم وجود رد سعودي موضوعي، على الاستفسارات المباشرة رفيعة المستوى من قبل واشنطن.
واعتبرت أنّ تأكيد مقتل خاشقجي، كما ادعى بعض كبار المسؤولين الأتراك، أو حتى اختفائه على أيدي السعودية، من المرجّح أن يثير جولة جديدة من ضغوط الكونغرس بشأن إعادة تقييم العلاقة مع الرياض.
وذكّرت بأنّ النواب من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، قد انتقدوا، في الآونة الأخيرة، أفعال السعودية في اليمن وفي الداخل، فضلاً عن علاقتها المشبوهة، منذ زمن طويل، بالتطرف الديني والإرهاب.
ورأت أنّ تأكيد مسؤولية السعودية عن اختفاء خاشقجي، قد يعقّد الجهود المبذولة لفكرة ترامب إنشاء تحالف عربي من 6 دول خليجية فضلاً عن مصر والأردن، إذا قرر الكونغرس معاقبة الرياض، ومطالبة الرأي العام بردود في الولايات المتحدة.