بات ملف "حزب الله" اللبناني حاضراً بقوة على طاولة مجلس الأمن الدولي، بالتزامن مع تصعيد العقوبات الأميركية ضده وضد إيران، ما يؤكد أن المرحلتَين الحالية والمقبلة، سيكون عنوانهما تصعيد المواجهة مع الحزب، وهي المواجهة التي باتت تكبل الداخل اللبناني، والتي أدت عملياً إلى عرقلة تأليف الحكومة اللبنانية، وفق ما أعلن مواربةً رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قبل أيام.
ويعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم، جلسة مشاورات في مقره في نيويورك لمناقشة التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول تنفيذ القرار رقم 1701، والذي صدر في العام 2006 بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف ذلك العام.
وأعدت التقرير المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة برنيلا دايلر كاردل، ويتضمن إحاطة للأشهر الأربعة الماضية، تفند من خلالها الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، إضافة إلى الأوضاع على طول الخط الأزرق، وسير عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل".
وسيتطرق التقرير إلى دور "حزب الله" عموماً، إضافة إلى الاتهامات الإسرائيلية، التي قدمها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال شهر سبتمبر المنصرم، من على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والمتعلقة بوجود مخازن أسلحة تابعة للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية بالقرب من مطار رفيق الحريري الدولي.
ويتسلح الموقف اللبناني بإنكار هذه الادعاءات واعتبارها تهديداً، مؤكداً التزامه الكامل، بالقرار الدولي رقم 1701 وجميع مندرجاته، وهو أيضاً ما أشار إليه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل أسابيع رداً على نتنياهو، بعد اجتماع مع السفراء المعتمدين في بيروت، وبعد جولة برفقتهم على المواقع التي أشار إليها نتنياهو.
نزع سلاح حزب الله
وعلم "العربي الجديد" أن التقرير سيتضمن مواقف مكررة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خصوصاً تلك التي تصدرت تقريره نصف السنوي الـ 28 بشأن تنفيذ القرار رقم 1559 الصادر عام 2004، والذي تضمن دعوة إلى نزع سلاح "حزب الله"، وتحذيراً من جر لبنان إلى الحرب، خصوصاً أن "تعزيز ترسانته العسكرية، يطرح تحديا خطيرا لقدرة الدولة على ممارسة سيادتها وبسط سلطتها بشكل كامل على أراضيها".
وكذلك، سيكرر التقرير الإشادة بالجيش اللبناني، في سياق استمرار التعويل الدولي على دور الجيش، بوصفه القوة الشرعية الوحيدة في لبنان، كما سيشير التقرير إلى التعاون بين "اليونيفيل" والجيش، وضرورة تعزيز قدرات الجيش لتمكينه من القيام بمهامه، وبسط سيطرته على أراضيه.
وعلى صعيد الحوادث أو الخروقات، سيشير التقرير إلى تكرار حوادث التعرض لقوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل) في جنوب لبنان من قبل بعض الأهالي، وخصوصاً الأخيرة منها التي وقعت في شهر أغسطس/آب المنصرم، قرب الشريط الحدودي، حيث تعرض بعض الأفراد لدورية دوليّة في مجدل زون، تضم 4 آليّات تضمّ اثنتين إيطاليتين واثنتين سلوفاكيتين.
وسيخصص التقرير مساحة لهذه الحادثة، خصوصاً أن الحادث كان الأول من نوعه، ونتج منه إحراق الآلية السلوفاكية ومصادرة أسلحة أفرادها بالقرب من مقر الوحدة الإيطالية في المنصوري، على الرغم من أن أفراد الكتيبة تمكنوا من العودة إلى القاعدة من دون أن يصاب أحد منهم بأذى، وهو ما عُد يومها رسالة غير مباشرة من "حزب الله" قبل أيام من جلسة مخصصة للتمديد لـ"اليونيفيل"، شهدت تصعيداً أميركياً – إسرائيلياً، ودعوات إلى توسيع نطاق عمل القوة الأممية ليشمل المعابر الحدودية مع سورية، إضافة إلى المعابر الجوية والبحرية، لضبط تدفق السلاح إلى "حزب الله"، قبل أن تنجح المساعي الفرنسية في إقرار التمديد دون تعديل مهام القوة.
ويأتي التقرير أيضاً بالتزامن مع استمرار حرب العقوبات الأميركية ضد إيران و"حزب الله"، وآخرها موقف المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران براين هوك الذي شدد على أن "أموال إيران لن تصل بعد اليوم إلى الحزب"، إضافة إلى مواقف نائبة وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب سيغال ماندلكير، التي أكدت أنّ "إيران ترسل ملايين الدولارات إلى الحزب ووكلائها في المنطقة لزعزعة الاستقرار، كما أن البنك المركزي الإيراني يموّل بشكل مباشر الأنشطة الإرهابية على نطاق واسع".
التصعيد الأميركي هذا رافقه تصعيد إسرائيلي موازٍ، وحديث لقائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يوآل ستريك أشار فيه إلى أن بلاده لن تسمح لـ"حزب الله" بـ"إقامة جبهة قتالية معادية في الجولان، إلى جانب الوجود المكثف للقوات الإيرانية في سورية، لأن ذلك سيجعل هذه الجبهة أكثر تعقيدا، ومفتوحة، خصوصاً أن هناك العديد من المحاولات المتواصلة لإيران في نقل معدات قتالية ثقيلة إلى لبنان"، محذراً "كل من يحاول المسّ بأمن سكان إسرائيل" من أنه "سيتلقى ردا قاسيا".
ويأتي التصعيد الإسرائيلي بالتزامن مع الخضة السياسية في الداخل الإسرائيلي بعد الاشتباكات الأخيرة جنوباً مع غزة، والتي نتجت منها استقالة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، وخلط الأوراق السياسية، قبل أقل من عام على إجراء الانتخابات، والتي يتوقع أن يسبقها تصعيد إسرائيلي يحاول من خلاله نتنياهو رفع رصيده الشعبي بعد نكسة غزة، وما تلاها.