تجددت في الجزائر الدعوات لتدخل الجيش وجنرالات المؤسسة العسكرية، من أجل وقف ما تعتبره القوى المعارضة مخاطر تفكك الدولة وضمان انتقال سياسي وديمقراطي في البلاد، محذرة من تحول الانتخابات الرئاسية في 2019 إلى "كوميديا هزلية لديموقراطية وضيعة".
وفي هذا السياق طالب حزب "جيل جديد" المعارض الجيش بإعلان موقف يساهم في ضمان انتقال ديمقراطي في البلاد، إذ ذكر بيان للحزب العضو في كتلة "مواطنة" المعارضة أن "الجيش كانت له دائماً الكلمة الأخيرة في القضايا الاستراتيجية، وأخلاقياً الجيش لديه مسؤولية، ليس لأخذ السلطة وإنما التأثير لصالح تجسيد انتقال ديموقراطي سينقذ شرفه، وخاصة مستقبل أبنائنا".
ورفض الحزب المبررات التي تسوقها قيادة الجيش في الغالب بشأن التزامها بواجبها الدستوري ورفضها أي تدخل في الشأن السياسي، واعتبرها "حججاً كاذبة"، وقال إن "الجيش الذي كان دائما العمود الفقري للدولة الجزائرية، ويمتلك قوة تأثير واسعة، لا يستطيع التنصل من مسؤولياته تجاه الجزائريين، بدعوى أنه خاضع للالتزامات الدستورية، والتي هي في واقع الأمر انتهكت، وبأنه لا يتدخل في الحياة السياسية. فمن الواضح أن هذه الحجج تعتبر أكذوبة دولة".
وحذر الحزب المعارض الجيش وقوى مؤثرة أخرى في القرار السياسي في الجزائر من "أن استمرار دعم العائلة الحاكمة قد يفتح الباب لانهيار الدولة وفقدان للسيادة الوطنية"، محذراً من تحول الانتخابات الرئاسية 2019 إلى "كوميديا هزلية لديموقراطية وضيعة".
وأكد الحزب السياسي المعارض أنه "يعاين بقلق شديد مشهد تفكك الدولة، في غياب تام لرئيس الجمهورية، في هذه النهاية المطولة من حكم نظام مفترس، وتتحلل المؤسسات وتتلاشى سلطة الدولة في ظل تصاعد السخط والغضب الشعبي".
وأشار إلى أنه "سواء كانت نهاية هذا النظام مدونة من خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة أو في وقت لاحق فإن هذه النهاية لن تَعِدَ بإهانة ذليلة للقائمين على النظام فقط، بل ستؤدي إلى الانهيار الكلي للبلاد ما لم يتدخل صانعو القرار الحقيقيون في رد فعل مُنقذ".
وبرأي قيادة "جيل جديد" فإنه "من غير المجدي انتظار انتخابات رئاسية تكون وفق المعايير الديموقراطية والشروط لم يتم توفيرها لاقتراع حقيقي، وعلى بعد أقل من شهرين على استدعاء الكتلة الناخبة، فإن المناخ السياسي بعيد كل البعد عن التحفيز للمشاركة في منافسة انتخابية لن تكون حقيقية".
وانتقد الحزب المعارض تشتت قوى المعارضة وإخفاقها في الاجتماع على خيار سياسي موحد للتصدي لخطط السلطة "بالرغم من كل المجهودات التي بذلتها، والمبادرات العديدة، لم تتمكن المعارضة لا من التوحد ولا من إثارة تجنيد شعبي"، مشيراً إلى أن "مراوغات السلطة والحسابات الضيقة لبعض الأطراف (من المعارضة) نجحت لحد الآن في الحد من طموحاتها".
ودعا حزب جيل جديد الجزائريين إلى رفض مشروع الولاية الرئاسية الخامسة أو تمرير السلطة إلى رجل مرتبط بالزمرة الحالية، عبر مقاطعة ما وصفها "بعملية السطو الانتخابي".
وقبل بيان الحزب المعارض كان الجنرال المتقاعد علي غديري قد نشر يوم الجمعة مقالاً مطولاً في صحيفة "الوطن" الصادرة باللغة الفرنسية، قدّم فيها معاينة للأوضاع السياسية الحذرة في البلاد، وحث فيها كبار قادة الجيش على التدخل قبل ما وصفه "بحدوث الحريق في البلاد".
وفي الفترة الأخيرة كانت قوى معارضة عدة، بينها كتلة مواطنة التي تضم أحزاباً وكوادر سياسية كرئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، وحركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، وشخصيات وطنية كوزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الابراهيمي، قد طالبت الجيش بالمساهمة في ضمان انتقال ديمقراطي في الجزائر، على ضوء الأوضاع السياسية الغامضة الناتجة عن تردي الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وغموض الأفق السياسي للبلاد.