قائمة إيطالية لـ"مشتبهين" بقضية ريجيني تضم عناصر أمنية واستخباراتية مصرية... والقاهرة صامتة
ونقلت وكالة "أنسا" عن المصادر القضائية قولها إن "قائمة المشتبه فيهم تضم عناصر شرطية واستخباراتية مصرية"، دون تحديد موعد لإعلان قائمة الاتهام أحادية الجانب، لأنها ستصدر فقط عن المدعي العام الإيطالي، ولن يكون للنيابة المصرية شأن بها، وفق حديث المصادر القضائية الإيطالية.
ونقلت وكالة "أنسا" عن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، قوله للصحافيين، صباح الخميس: "سنبذل كل ما في وسعنا كحكومة بالتنسيق مع البرلمان، لكنا نحكم إيطاليا ولا نحكم مصر".
وفي تطور لاحق، قال الادعاء في إيطاليا إنه يعتزم فتح تحقيق بحق سبعة من ضباط المخابرات المصرية على صلة بتعذيب وقتل ريجيني بحسب وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا).
وأوردت "أنسا" اليوم الخميس أن المدعي العام سيرجيو كولايوكو ينوي رسمياً تدشين تحقيق في جريمة اختطاف بحق المشتبه بهم الأسبوع المقبل.
وتعبر هذه الخطوة عن التوتر الذي أصاب العلاقات بين الجهتين القضائيتين بالبلدين، بسبب الجمود الذي أصاب مسار التحقيقات المشتركة، تأكيداً لما نشره "العربي الجديد" في سبتمبر/ أيلول الماضي عن تلقي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي "أسئلة حاسمة" عن مصير التحقيقات، وضرورة أن تقدم مصر معلومات محددة عن هوية القتلة، وعدم إهدار وقت المحققين الإيطاليين أكثر مما حصل على مدى عامين ونصف من التعاون القضائي المزعوم.
ولم يشر آخر بيان صدر عن النائب العام المصري عن القضية، مساء الأربعاء، إلى توجيه أي اتهام لأي شخص، بل تحدث عن استمرار تبادل المعلومات بين الجانبين، علماً أن رئيس مجلس النواب الإيطالي روبرتو فيكو، سبق وقال إنه "هدد السيسي بقطع العلاقات إذا لم تتضح حقيقة مقتل ريجيني"، معرباً عن امتعاضه من "الأساليب المصرية الملتفة للتستر على هوية القتلة"، وخاصة أن التسجيلات التي تم استرجاعها وتفريغها من بيانات كاميرات المراقبة المثبتة في محطة مترو الدقي، والتي كان الإيطاليون يعولون عليها لبيان دقائق ريجيني الأخيرة قبل اختفائه، لم تظهر أي أثر له.
وسبق أن قالت مصادر دبلوماسية وقضائية لـ"العربي الجديد"، إن المدعي العام الإيطالي أرسل الأسبوع الماضي خطاباً للنائب العام المصري، طلب فيه تقريراً أصلياً وافياً بما أجرته النيابة المصرية في واقعة مقتل أفراد عصابة سرقة على يد الشرطة وادعاء أنهم وراء قتل ريجيني، وهو السيناريو الذي اضطر النائب العام المصري لنفيه العام الماضي، حيث أشار مدعي عام روما إلى أن هناك "أدلة دامغة على تورط قتلة أفراد العصابة في قتل ريجيني، أو التستر عليه قبل ذلك".
وأوضحت المصادر أن هذا الخطاب يعد الأول من نوعه بصفة رسمية، حيث لم يسبق أن طلب الإيطاليون التحقيق في هذه الواقعة باعتبارها خارجة عن الإطار العام للقضية، لكن وبإزاء حالة الجمود الآنية وفشل استرجاع البيانات، لم يعد أمام روما إلّا محاولة حصار السلطات المصرية للتوصل إلى دوافع محاولة إسناد الاتهام لمجموعة من "الأشقياء"، بل وإظهار مقتنيات ريجيني في منزل أحدهم كدليل على تورطهم.
وأعلنت النيابة سلفاً أن التحقيقات أثبتت كذب الرواية الأمنية التي روجتها الداخلية المصرية في مارس/ آذار 2016 عن مسؤولية تشكيل عصابي من 5 أشخاص من ذوي السوابق الجنائية عن قتل ريجيني بدافع السرقة، وأجريت مواجهة مع ضباط الشرطة الذين ارتكبوا جريمة تصفية هؤلاء الخمسة، وبعض عناصر الأمن الوطني والأمن العام، لكن النائب العام المصري لم يرفع حظر النشر الذي فرضه على القضية منذ ظهور تلك الرواية، ولم يتم تقديم المسؤولين الأمنيين قاتلي أفراد العصابة للمحاكمة.
وأشارت المصادر إلى أن مصر ما زالت ترفض إرسال أي مسؤولين أمنيين للتحقيق معهم في روما، لكنها أرسلت تقارير مترجمة من التحقيقات التي أجراها فريق التحقيق المصري المختص مع رجال الأمن بمحطة المترو، وجميعهم من أمناء وأفراد الشرطة، حيث تمت ترجمة الأوراق بواسطة مترجمين معتمدين لدى الجهتين.
في المقابل، لم تسلم إيطاليا للنيابة المصرية تفاصيل التحقيقات التي أجرتها مع الأكاديمية المصرية مها عبدالرحمن، الأستاذة بجامعة كامبريدج، والمشرفة العلمية على ريجيني، في مقر الجامعة وليس في إيطاليا، وكذلك تفاصيل الاتصالات التي جرت مع بعض الأكاديميين الذين أشرفوا على عمل ريجيني بالقاهرة.
وكان وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي، قد زار مصر منتصف الشهر الماضي، ونقلت عنه الرئاسة المصرية إشادته بـ"التعاون الإيجابي والشفافية بين السلطات المعنية المصرية والإيطالية في قضية ريجيني"، كما أشاد بـ"التدابير الفعالة التي اتخذتها مصر في ملف الهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر/ أيلول 2016".