بعث العراق ومهمة الدفاع عن بن سلمان

18 ديسمبر 2018
يلمّع البعثيون صفحة بن سلمان (فايز نورالدين/ فرانس برس)
+ الخط -


من بوابة الدفاع عن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عادت شخصيات بعثية عراقية، تعيش في المنفى بدول غربية وعربية مختلفة، إلى الواجهة، بعد اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. وبات الأمر من بين الأحداث البارزة المتداولة بالوقت الحالي داخل الشارع، بل ذهب بعضهم إلى حدّ إطلاق تكهنات واستنتاجات حول سبب ذلك وتوقيته بعد القطيعة الطويلة بين بعث العراق والنظام الحاكم في السعودية منذ عام 1990. وترسّخت تلك القطيعة بعد وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى السلطة عام 2015 في الرياض، وهو الذي عُرف عنه خلافه الحاد مع الأمين العام الحالي لحزب البعث العراقي عزة الدوري، منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وينشط عدد من البعثيين المعروفين، الذين يعيشون في بريطانيا والإمارات والأردن والنمسا ودول أخرى مختلفة منذ عام 2003، على محطات التلفزيون العربية الممولة من الرياض وأبوظبي، وكذلك عبر موقع "تويتر". ودائماً ما يبدون وكأنهم في مهمة للدفاع عن ولي العهد السعودي شخصياً، وترويجهم أن "ما يجري هو مخطط صهيوني وإمبريالي واستهداف للعروبة"، وما إلى آخره من المصطلحات التي يتميّز بها حزب البعث في أدبياته منذ خمسينيات القرن الماضي. ويحاول هؤلاء تبرير عملية اغتيال خاشقجي بـ"الخطأ الفردي" وأيضاً اعتبار العلاقة بين النظام السعودي والاحتلال الإسرائيلي "مجرد حرب ضد الرياض".

في هذا الإطار، كشفت مصادر مقرّبة من حزب البعث العراقي عما سمته "تحوّل سفارات سعودية في الخارج، خصوصاً في بريطانيا والأردن، إلى أشبه ما تكون بمكاتب محاسبة، باتت تمنح مكافآت شبه ثابتة لأقلام وشخصيات تدافع عن النظام، حتى لو كان عبر تويتر، وكثير منهم بعثيون عراقيون من الذين تركوا البلاد عقب الاحتلال عام 2003".

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن "النظام السعودي يحاول جمع أكبر قدر ممكن من المناصرين، بغض النظر عن انتمائهم أو وجود مواقف سابقة منهم أو لا"، مضيفاً أن "بعثيين انخرطوا في مشروع الدفاع عن بن سلمان لقاء المال".

وحول موقف قيادات بعث العراق في المهجر، قال قيادي بعثي بارز، يعيش حالياً في الأردن، إن "عدداً من مسؤولي حلقات الحزب العليا، علّقوا على تهافت بعثيين على الدفاع عن بن سلمان، بالقول إنها مفيدة، لأنها يمكن أن تفتح خطاً وترطب الأجواء مع السعودية بعد قطيعة طويلة"، مؤكداً أن "السعوديين يمكن أن يكونوا نافذة لبعث العراق بشكل أو آخر في المستقبل".

وشدّد على أن "هذا التصرف لم يلقَ قبولاً من جميع مفاصل البعث، خصوصاً أن الحديث يدور حول أن السعودية لا تريد أن تزعج الكويت بتقريبهم أكثر، وأنها ستستخدمهم لفترة وتتخلى عنهم، لذا تجد أن بعضهم، ممن دخل على خط الدفاع عن السعودية الآن، يتجنب الحديث عن بعثيته كما كان يفتخر سابقاً ويحاول أن يقدم نفسه كمفكر عروبي".



وختم بالقول إن "موضوع تلقيهم مكافآت أو منحاً أو هدايا، أياً كان اسمها، فهو صحيح لهم ولغيرهم. وبعضهم لم يكن يعرف شيئاً عن تويتر، غير أنهم فتحوا حسابات. جميع هؤلاء بلا استثناء يكرهون النظام السعودي، لكنهم منتفعون مادياً. كما تم استقطاب عدد منهم في قناة سعودي 24 كمقدمي برامج أو محللي أخبار سياسية، وكذلك قناة العربية والعربية الحدث وسكاي أبوظبي والإخبارية السعودية، وآخرين ظهروا على شاشات عربية معارضة لبن سلمان، يتولون دور الرأي الآخر في الدفاع عنه وعن جريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي أو حتى عن مأساة اليمن".

وحول ذلك، قال عضو التيار العربي القومي في بغداد، علي نعمة، إن "وجود بعثيين في صف الدفاع عن بن سلمان يمكن اعتباره التطور الذي يهمّ العراقيين، تحديداً بعد أزمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وبرزت بقوة أسماء بعثيين كتاب وحتى أدباء وشعراء مستخدمين خطاباً عروبياً ومصطلحات من كتب ميشال عفلق وخطب حافظ الأسد وصدام حسين حول الإمبريالية والصهيونية وبوابة العرب وما إلى ذلك من مصطلحات".

وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "دفاعهم عن مجرم مثل بن سلمان واستيرادهم قضايا العروبة في هذا الإطار، أمر مقزز، لأن إعلان ترامب بأن السعودية مهمة للكيان الصهيوني لم يترك شيئاً يقال بعده". وألقى باللوم على "بعض القنوات المعارضة للسياسة السعودية التي تقوم باستقدامهم كرأي آخر، كون السعوديين ممنوعين من الظهور في هذه القنوات وهو ما أدى الى بروزهم بشكل أكبر".

من جهته، أبدى عضو قيادة فرع بحزب البعث، المقيم حالياً في أوروبا، علي الجوراني، تحفظه على اعتبار أن "بعث العراق يدافع عن بن سلمان". وأضاف أنه "في كل مكان حتى بزمن عصر الرسالة هناك من شذّ عن الطريق، ولا يمكن تحميل أسماء عدة، سقطوا في فخ دولارات بن سلمان وساعات الرولكس الذهبية التي توزعها سفاراته هنا وهناك على من يدافع عنه من صحافيين وكتّاب، على أنهم لكل حزب البعث". وتابع "نحن نجد أن النظام السعودي شريك في الحصار الاقتصادي على العراق، الذي قتل عشرات الآلاف من الأطفال بين 1991 ولغاية عام 2003، كما أنهم كانوا منطلقاً لاحتلال العراق"، مشيراً إلى أنه "رغم ضعف تواصلي مع بعض الرفاق لكن آمل أن يتم وقف هذه المهزلة".


المساهمون