وجاء هذا القرار بعد مداولات حول عدة أسماء رسا بعدها الاختيار على الناطقة الرسمية في وزارة الخارجية.
ويعود القرار إلى عدة أسباب، أهمها قرب ناورت من الوزير مايك بومبيو، المقرب بدوره من الرئيس ترامب.
ثاني الأسباب أن الناطقة جاءت إلى الخارجية من شبكة "فوكس نيوز" المفضلة عند الرئيس. والثالث أن ترامب، الذي لا يرتاح أصلاً للأمم المتحدة، تزايد مع الوقت عدم اكتراثه واستخفافه بها، وبما حمله بالتالي على اختيار سفيرة من خارج السلك الدبلوماسي المحترف، أو حتى الوسط القريب من هذا الحقل.
فالسفيرة المحتملة الجديدة قد تكون غنية بالمواصفات، لكنها تخلو من الشروط المطلوب توافرها لدى صاحب هذا المنصب. فهي إعلامية ناجحة، برزت وتفوقت كصحافية وكمقدمة برامج في "فوكس نيوز".
وفي الخارجية، تمكنت بسرعة من أداء دورها كمتحدثة رسمية، رغم الحواجز التي اعترضتها أيام الوزير السابق ريكس تيلرسون.
ومع مجيء بومبيو لمع دورها أكثر بعد أن جرى تعزيز وضعها باعتبارها خريجة "فوكس" القريبة من الإدارة، التي استقدمت منها ثلاثة من كبار مسؤوليها، من بينهم مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي جون بولتون. ثم جاءت استقالة السفيرة نيكي هيلي المفاجئة لتوفر الفرصة أمام ناورت، حيث أجرى الرئيس معها مقابلة قبل أسبوعين، بدعم من الوزير بومبيو، حسب ما تردد. وبدا مساء أمس أنه حسم اختيارها.
قراره المحتمل أثار ردودا واسعة حول جدارة التعيين. معظم الأوساط أبدت استغرابها من باب أن الدبلوماسية غير الصحافة.
الضليع في الثانية قد يصلح لشغل منصب سفير لدى دولة، لكن ليس لدى مجموع الدول في الأمم المتحدة. فهذا الموقع يحتاج من يشغله إلى معرفة واسعة بالشؤون والعلاقات الدولية، وبخبرة وحنكة في فن الدبلوماسية وصياغة التحالفات، وإدارة المفاوضات، خاصة في مجلس الأمن، لتمرير القرارات.
ثم إن السفير الأميركي في الأمم المتحدة أكثر من سفير، إذ يتمتع عادة بدرجة وزير، ويكون عضوا في مجلس الأمن القومي، المؤلف من الرئيس ونائبه ووزراء الخارجية والدفاع والطاقة، ومدير "سي آي إيه" ورئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة، وأحيانا ينضم إليهم وزراء آخرون.
ولذلك من شغلوا هذا المنصب كانوا بالمقاييس الأميركية من العيار الدبلوماسي الوازن عموما، لكن ليس في زمن ترامب.
السفيرة هيلي، التي تغادر مع نهاية العام، لم تكن لديها تجربة في هذا الحقل. رأسمالها أنها كانت حاكم ولاية ووجها لامعا في الحزب الجمهوري، فضلاً عن أنها متصهينة أكثر من بنيامين نتنياهو نفسه، ومتشددة مع موسكو أكثر من البيت الأبيض. بهذا المزيج، برزت، وبشيء من الاستقلال في أداء تشددها، الأمر الذي أثار عدم ارتياح البعض في البيت الأبيض، فكان أن بادرت إلى الاستقالة قبل أن يصل إليها مقص الإقالة.
هذه التجربة مع هيلي أدت إلى اختيار ناورت، المهيأة لتكون صدى فقط للبيت الأبيض الذي ليس معروفاً ما إذا كان سيمنحها درجة وزير أم لا. لكن المؤكد أنها ستعمل وفق ما يرسم لها من خطوط، وتبقى في حدودها فقط. أي عملياً وفق ما يرسمه الرئيس، وبتأثير بولتون في كثير من الأحيان، والملفات الخارجية، فالأمم المتحدة بالنسبة إلى هذا الأخير مؤسسة منبوذة، والرئيس ترامب لا يقيم لها وزناً، ولا يعول عليها كما جرى تاريخيا، حيث كانت واشنطن تعتبر المنظمة الدولية إحدى أذرع سياستها الخارجية.
اليوم كل شيء دولي مرفوض، من اتفاقيات ومنظمات وهيئات، وتعيين ناورت دليل آخر على التمسك بهذا التوجه.