في غضون ذلك، أكّد مسؤولون عراقيون انتهاء سلسلة اجتماعات بين ممثلين عن الجيش العراقي وآخرين عن جيش النظام السوري جرى خلالها الاتفاق على بند يبيح للجيش العراقي التوغّل براً داخل الأراضي السورية وبمسافة لا تزيد عن 10 كيلومترات لمطاردة "داعش"، ليكون ثاني اتفاق من نوعه في غضون أقّل من عام واحد بين الطرفين، بعد اتفاق يبيح لسلاح الجو العراقي قصف مناطق سورية تقع ضمن خط عرض 35 و34 الذي يشمل البو كمال السورية المقابلة للقائم العراقية غرباً، وصولاً إلى ريف دير الزور الشمالي المقابل لمدينة البعاج العراقية، على الحدود الشمالية للعراق مع سورية.
وتوجد 13 مليشيا عراقية في سورية لدعم نظام الأسد، إلى جانب المليشيات الإيرانية والأفغانية، متورطةً بتنفيذ جرائم بشعة بحقّ المدنيين السوريين. ومن أبرز تلك المليشيات، "أبو الفضل العباس" وتوجد في القلمون وجنوب دمشق ومنطقة السيدة زينب وحلب، وينسب لها عدد من المجازر الطائفية في القلمون خلال العام 2014 بحق المواطنين السوريين، ومليشيا "أسد الله الغالب" في ريف دمشق وقدسيا، ومليشيا "كتائب حزب الله العراقي" وتنتشر في قرى طريق حلب القديم، و"كتائب سيد الشهداء" وتنتشر في الغوطة الشرقية بإشراف "حزب الله" اللبناني، فضلاً عن مليشيات "فيلق الوعد الصادق" و"لواء كفيل زينب" و"النجباء" و"لواء ذو الفقار" و"لواء الإمام الحسين" و"المؤمل" و"الثأر" و"البدلاء"، والتي تنتشر في مناطق عدرا والنبك والقصير وحماة وإدلب وداريا.
واتهمت منظمات دولية وأخرى محلية سورية تلك المليشيات التي لها أجنحة أيضاً وتقاتل في العراق ضمن ما يُعرف بـ"الحشد الشعبي"، بارتكاب جرائم قتل وتعذيب واغتصاب وسرقة وانتهاكات مختلفة بحق المواطنين السوريين بدوافع طائفية، وبرز منها زعماءُ حرب مختلفون مثل قيس الخزعلي وأكرم الكعبي وأوس الخفاجي، والثلاثة شكلوا اليوم أحزاباً لخوض الانتخابات البرلمانية في العراق.
ووفقاً لمسؤول بارز في مليشيا "أبو الفضل العباس"، وهو الشيخ وسام عباس الهلالي، فإن "الفصائل المجاهدة ستعود إلى العراق بعد انتهاء مهمتها في تلبية نداء الإمام علي خامنئي"، على حدّ قوله، معتبراً أنّ "الفصائل العراقية الجهادية غيّرت المعادلة منذ دخولها في سورية واستعادت أكثر من 22 بلدة، ولولاها لسقط جنوب دمشق"، في إشارة إلى منطقة السيدة زينب في ريف دمشق. وبحسب الهلالي، فإن المليشيات العراقية الشيعية "قدّمت مئات الشهداء والجرحى في سورية خلال السنوات الماضية".
وأوضح أن "هناك مدناً سيبدأ تسليمها للجيش السوري ومتطوعين من أبناء البلد، لكن سيتأخّر الأمر قليلاً في مناطق ما زالت ساخنة وقلقة، مثل دير الزور والبو كمال"، مضيفاً أن ذلك "سيتم في غضون أسبوعين أو أكثر، لا أعلم لكن القرار اتخذ".
وكان وزير دفاع النظام السوري، علي عبد الله، اعتبر في وقت سابق، وجود "فصائل عراقية" في سورية يأتي "تعضيداً لعمليات تحرير سورية من الإرهاب"، على حد زعمه. في السياق ذاته، حصلت "العربي الجديد" على معلومات مؤكدة تفيد بمنح الأسد موافقة للقوات البرية العراقية التوغّل داخل المناطق الحدودية السورية بمسافة لا تزيد عن 10 كيلومترات لمطاردة "المسلحين والإرهابيين".
وقال جنرال عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن سلسلة اجتماعات بين ممثلين عن الجيش العراقي وجيش نظام الأسد جرت بتنسيق من مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، تمّ خلالها التوصل إلى اتفاق يبيح للقوات العراقية التوغل برياً داخل الأراضي السورية "في حال الضرورة أو الحاجة لذلك، وبمسافة لا تزيد عن 10 كيلومترات".
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن الاتفاق "يسمح بقصف أهداف وإدخال الدبابات والدروع العراقية إلى داخل الأراضي السورية ضمن المسافة التي اتفق عليها، من دون الحاجة لإخطار دمشق، على أن تكون الاتفاقية محددة بعام واحد وتنتهي مطلع العام 2019".
وحول ذلك، قال الخبير في الشأن العراقي، العميد المتقاعد أحمد الحمداني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاتفاق الأخير يمثّل خطوة تصب في صالح النفوذ الإيراني في كلا البلدين، إذ يضمن حدوداً مشتركة ومفتوحة على مدار السنة، وبشكل قد يخلط أوراق أي تحرّك أميركي مستقبلاً على ملف الحدود العراقية السورية"، لافتاً إلى أنّ موضوع سحب المليشيات العراقية "قد يندرج ضمن محاولات إعادة تدوير نظام بشار الأسد من قبل موسكو"، وفقاً لقوله.