احتلّ ملف المصالحة الفلسطينية أولوية المباحثات الأخيرة بين الفلسطينيين والمصريين في القاهرة وفي قطاع غزة على التوالي، لكن مصادر بارزة في السلطة الفلسطينية قلّلت في حديثٍ مع "العربي الجديد" من "نتائج التحركات الأخيرة بشأن إحياء جهود المصالحة الوطنية الداخلية التي ترعاها مصر"، معتبرة أن "هناك خلافات جوهرية يجب حلّها في المقام الأول، وهو ما لا ترغب حركة حماس في التجاوب معه". وجاء حديث المصادر، فيما أكد مسؤولون بارزون في "حماس" على مدار الأيام الماضية، "تقديم الحركة كل ما بوسعها لإنجاح مساعي المصالحة، واستعدادها لتقديم أية تسهيلات من شأنها إنجاز ملف المصالحة والمساعي المصرية".
وبحسب المصادر في السلطة الفلسطينية فإن "أول تلك الملفات الخلافية هو ملف الموظفين، إذ ترغب حماس في إقرار الأمر الواقع وتعيين نحو 42 ألف موظف بشكل رسمي ودمجهم في السلطة الفلسطينية، خلال فترة سيطرتها على القطاع، قافزة بذلك فوق ما وقّعت عليه في اتفاق القاهرة الأخير في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، من خلال تحسين أوضاع هؤلاء الموظفين عبْر لجنة محايدة، على أن يكون المعيار الأوحد في الاختيار هو الكفاءة، وهو ما ترفضه حماس".
وأشارت المصادر إلى أن "ثاني تلك الملفات الجوهرية في الخلافات الأخيرة بين حماس والسلطة، هو ملف السلاح"، موضحة أنه "لا يوجد نظام في العالم يقر بأن يكون السلاح موزعاً بين عدة أطراف في الدولة". ولفتت إلى أن "هذا السلاح يحتاج إلى ضبط ليكون هناك ضمانة واضحة تكفل عدم استخدامه ضد الفلسطينيين في أي وقت من الأوقات".
واستطردت المصادر قائلة إن "هذا بالنسبة لنا هو التمكين الذي تطالب به السلطة لحكومة الوفاق الوطني، في حين أن حماس لا تزال تحاول أن تصور للعالم أنها سلمت القطاع وتنازلت، وهو ما لم يحدث"، مضيفة "نحن متمسكون بتنفيذ نص اتفاق القاهرة الذي تم في وجود الوسيط والراعي المصري".
في المقابل، حمّل قادة "حماس" المسؤوليةَ لحركة فتح والسلطة الفلسطينية بشأن تعثُّر المصالحة. وبرأي قيادي بارز في الحركة، تحدث مع "العربي الجديد" لكن طلب عدم ذكر اسمه، فإن "الحكومة ترفض تسلم الوزارات وتتعلل بمبررات غير حقيقية، لتحميل حماس المسؤولية". ولفت إلى أن "حماس أعلنت استعدادها لتسليم الجباية الداخلية للحكومة، لكن شرط أن يكون هذا مقروناً بتعهُّد أن تلتزم الحكومة بدفع الرواتب والتزامات القطاع". وفي ما يخص بوادر حسن النية، قال المصدر نفسه إن "حماس قدمت الكثير في حين أن السلطة وفتح لم يقدما شيئاً بعد، فحماس سلّمت المعابر والجباية الخارجية وحلت اللجنة الإدارية، فيما رفضت السلطة دفْع رواتب موظفي القطاع أو حتى جزء منها".
وكانت القاهرة قد استقبلت في التاسع من فبراير/شباط الماضي وفداً من حركة حماس ترأسه إسماعيل هنية، بمشاركة خليل الحية وروحي مشتهى وفتحي حماد، أعضاء المكتب السياسي، قبل أن ينضم إليهم 6 قادة آخرين قادمين من عدة جهات في الخارج، فيما غادر الوفد في اليوم الأخير من شهر فبراير/شباط الماضي بعد زيارة هي الأطول في أعقاب تحسُّن العلاقات بين الجانبين.