وأكّدت مصادر خاصة، مُقرّبة من حكومة الوفاق، عزم عدد من وزراء الحكومة زيارة مناطق في الشرق، وذلك ضمن ترتيبات جرت بعد التقارب الأخير بين السراج وعدد من قيادات شرق البلاد خصوصاً حفتر.
وكان وزير الثقافة في الحكومة حسن ونيس، قد أعلن، أمس الجمعة، عن زيارة مدينة طبرق، التي تحتضن مقرّ مجلس النواب شرقاً، دون أن يحدد زمنها.
وقال ونيس، خلال تصريح صحافي لقناة محلية، إنّ "زيارته جاءت لتتويج تواصل سابق مع رؤساء مكاتب وزارة الثقافة بالشرق الليبي".
ولفت إلى أنّه التقى خلال زيارته عدداً من الأدباء والكتاب، موضحاً أنّ الزيارة جاءت كـ"خطوة ونواة أولى نحو كسر الجمود بين المنطقة الغربية والشرقية".
في السياق ذاته، كشفت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أنّ وزراء المالية والصحة والتخطيط والعدل بالإضافة لوزير الخارجية من ضمن المرشحين إلى زيارات متتابعة لمناطق شرق البلاد، في خطوة لإعلان بدء التقارب الفعلي مع السلطات هناك.
وأكّدت المصادر أنّ "تلك الزيارات ستكون برعاية من حفتر شخصياً، وبدعم من شخصيات أخرى موالية له، منها عمداء البلديات وزعامات قبلية".
وكانت قيادة قوات حفتر قد أعلنت، في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي، منع أي مسؤول في الشرق الليبي من التعامل مع حكومة الوفاق.
وجاء في خطاب رسمي نشرته القيادة عبر وسائلها "يمنع منعاً باتاً مزاولة أي أعمال لأي مسؤول من حكومة الوفاق بالمناطق المحررة الخاضعة للقيادة العامة وعدم تنفيذ تعليماته أو التعاون معه"، مشددة غلى أنها ستمنع أي تعاون و"لو تطلب الأمر استخدام القوة".
تحالف مرتقب
غير أن تقارباً حثيثاً جرى في الآونة الأخيرة بين السراج وحفتر، خصوصاً خلال لقاءات نجحت القاهرة في استضافتها تجمع بين ضباط تابعين لحفتر وآخرين تابعين لحكومة الوفاق من أجل ما يعرف "بتوحيد مؤسسة الجيش".
وبحسب المصادر، فإن "السراج وحفتر يسيران في اتجاه استباقي لأي تقارب قد يحدث بين لجنتي تعديل الاتفاق السياسي؛ من أجل إفراز حكومة جديدة قد تغير من المشهد الحالي كما أنها ستضمن من خلال التحالف المرتقب التأثير على اتجاه وزمن الانتخابات المقبلة".
ولفتت المصادر إلى أنّ "السراج بدأ سلسلة من التحضيرات للوضع المرتقب من خلال العمل على تعديل وزراي سيعلن عنه قريباً يتضمن شخصيات موالية لحفتر لشغل حقائب وزارية جديدة في الحكومة، كحكومة وحدة وطنية لقطع الطريق أمام مساعي تعديل الاتفاق السياسي وإنتاج حكومة موحدة".
وكشفت أنّ الجسم العسكري، الذي لم يتفق على شكله حتى الآن، سيتضمن حفتر بصفته رئيساً للمؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى عدد من الضباط البارزين في غرب البلاد، بينما سيحتفظ السراج بمهام القائد الأعلى للقوات المسلحة، كشرط لخضوع المؤسسة العسكرية لقيادة مدنية.
وحذّرت المصادر من وضع مجلسي النواب والدولة، إذ بات مهدداً قانونياً بسبب تعنتهما في تعديل الاتفاق، وبالتالي فإن وضعهما أصبح غير مقبول.
كذلك لفتت المصادر إلى أن زيارة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أخيراً، إلى المملكة العربية السعودية جاءت للسعي لدى سلطة الرياض للتأثير على المسار الجديد، الذي تقوده القاهرة ودول كبرى كفرنسا، يتجاوز سلطة مجلس النواب ودوره، خصوصاً مع تنامي الخلافات، الأشهر الماضية بين صالح وحفتر.
وأوضحت أنّ ما يحدث في كواليس أحداث ليبيا هو تطبيق شبه عملي لاتفاق باريس المتفق عليه بين السراج وحفتر في يوليو/تموز الماضي، أجبرت عليه حكومة الوفاق بعد الغموض الذي تعيشه إيطاليا الداعم الأكبر لها، والتي لم يعد يمكن تكهن مواقف سلطتها الجديدة.
وعن مواقف الكتل السياسية والعسكرية في غرب ليبيا، أكّدت المصادر نفسها أنّ حكومة الوفاق، ومواليها تمكنوا من استمالة عناصر قوية في مصراته والزنتان، وهما الأبرز عسكرياً وسياسياً في غرب البلاد، مرجحةً في الوقت نفسه، أن تمارس بعض الدول الفاعلة في المشهد الليبي ضغوطاً على الأطراف الرافضة للمسار الجديد، خصوصاً بعد إعلان سفارة الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا، أمس، ترحيبها بلقاءات القاهرة، وإعلانها دعمها لهذا المسار.