أثمرت اللقاءات الكثيرة التي عقدها أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع مسؤولين من منظمة "حلف شمال الأطلسي" في بروكسل قبل يومين، على رأسهم ينس ستولتنبرغ، الأمين العام للحلف، توقيعاً على مجموعة من الاتفاقات تخصّ وجود موظفين وقوات تابعة للحلف الغربي في قطر، إضافة إلى التعاون في المسائل العسكرية والأمنية.
ووقّعت قطر اتفاقية أمنية يمكن من خلالها السماح لقوى التحالف الأطلسي بدخول البلد والعبور منه واستخدام قاعدة "العديد" العسكرية. وتستضيف القاعدة المذكورة، التي تقع على بعد نحو 30 كيلومتراً جنوب غرب الدوحة، حوالي 11000 من القوات العسكرية، معظمهم من الأميركيين.
وقال ستولتنبرغ إن الاتفاقية ستسهّل مهمات وعمليات الحلف في المنطقة، بما في ذلك بعثة الدعم لأفغانستان، وهي مهمّة تقودها الولايات المتحدة التي أنهت مهمتها القتالية رسمياً في أفغانستان في عام 2014. وفي هذا الصدد، ذكر ستولتنبرغ أن قوات "الناتو" والقوات القطرية "تعمل بالفعل جنباً إلى جنب في العديد من مسارح العمليات، سواء في منطقة الخليج أو في البحر الأبيض المتوسط أو الصومال".
وفي هذا الإطار، قال الخبير في الشؤون الدفاعية، نيكولا غرو فيرهايد، لـ"العربي الجديد"، إن "الطابع الأمني والعسكري للاتفاقات الموقعة مع الأطلسي لا يسمح بالاطلاع على تفاصيلها، ولكن توقيع دولة ما لاتفاقية أمنية وعسكرية مع الناتو يعني ضمنياً الحصول على دعم من قبل أكبر تحالف عسكري"، مضيفاً "وفي حالة قطر، فإن توقيع اتفاقية مع هذا الحلف يمكن أن يعتبر نصراً دبلوماسياً يمنحها دعماً خاصاً في وقت حرج بسبب الأزمة الخليجية".
وأشار فيرهايد إلى أنّ "السماح بدخول قوات الحلف وعبورها البلد مع استخدام قاعدة العديد قد يعتبر تنازلاً عن السيادة، لكن ذلك ليس صحيحاً إلى حدّ ما، لأن الاتفاق يحمل بالتأكيد مجموعة من الضوابط كما هو الحال في استعمال القوات الأميركية للقاعدة الجوية مثلاً".
وقطر هي واحدة من أربع دول، إلى جانب البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة، التي تشارك في "مبادرة إسطنبول للتعاون" في منظمة "حلف شمال الأطلسي". وتهدف هذه المبادرة التي أطلقت في عام 2004، إلى تشجيع التشاور السياسي والتعاون العملي بين "الناتو" ودول منطقة الخليج. وانضمت دولة قطر إلى المبادرة في 16 فبراير/ شباط 2005، وذلك تعبيراً عن حرص الجانبين على تطوير وتعزيز التعاون الفعلي بينهما في مجالات تتعلّق بتحقيق الاستقرار الدائم والأمن في منطقة الخليج وإصلاح القطاع الدفاعي والتعاون الأمني والعسكري وأمن الطاقة وغيرها، إضافة إلى تبادل الزيارات والمشاورات السياسية، وكذلك المشاركة في الدورات الدراسية والتدريبية التي يوفّرها حلف "الناتو" في المجالين العلمي والعسكري.
وقد وقعت البلدان الأربعة الشريكة في المبادرة اتفاقات أمنية فردية مع التحالف العسكري.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، وقّع رئيس إدارة التعاون العسكري الدولي في القوات المسلحة لدولة قطر، العميد طارق خالد محمد العبيدلي، ونائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، روز غوتيمولر، مذكرة تفاهم مهمة بين الجانبين، في إطار "مبادرة إسطنبول للتعاون". وتعد هذه الاتفاقية الأمنية بمثابة إطار لحماية تبادل المعلومات المصنفة حساسة، من قبل الدول الأعضاء في الحلف، وستمكّن من تنفيذ برامج الشراكة والتعاون الفردية مع "الناتو" من قبل بلدان "مبادرة إسطنبول للتعاون".
وتسعى قطر إلى تعزيز منظومتها العسكرية، إذ عقدت العديد من الصفقات خلال عام 2017، كانت آخرها اتفاقية لشراء 12 مقاتلة "رافال" إضافية من شركة "داسو" الفرنسية، مع إمكانية لشراء 36 مقاتلة أخرى. كما بدأت تعاوناً عسكرياً مع تركيا، مكّن من نشر قوات عسكرية تركية في البلاد، منذ يونيو/ حزيران 2017.