انطلقت أعمال القمة العربية في دورتها الـ29، في مدينة الظهران السعودية، اليوم الأحد، وتسلّمت السعودية من الأردن، الرئاسة الدورية للجامعة التي تضم 22 عضواً، في ظل تأكيدات على مركزية القضية الفلسطينية.
وأكد العاهل الأردني، عبد الله الثاني، في كلمته، خلال الجلسة الافتتاحية، دعم الحل السياسي للأزمة السورية "من خلال دعم مسار جنيف، وليس من خلال بديل عنه"، مشددا على "الحق الأبدي الخالد للعرب والمسلمين والمسيحيين في القدس".
وقال ملك الأردن إن "تمسّك الفلسطينيين بحل الدولتين، دليل على التزامهم الثابت بالسلام، وواجبنا الوقوف معهم ودعم صمودهم لنيل حقوقهم"، مؤكدا "التزامنا بمبدأ حسن الجوار، عبر التصدي لأي محاولات تدخّل في شؤون الدول العربية".
وعقب تسلّمه رئاسة القمة من الملك عبد الله، قال العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، إن "القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى، وستظل كذلك حتى حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة"، وأطلق على القمة اسم "قمة القدس".
وأضاف: "ندعم المجتمع الدولي في جهوده لإيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن"، مؤكدا أن "حل الأزمة في اليمن حل سياسي، وفق المبادرة الخليجية (..) ونحن ملتزمون بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه".
وحمّل سلمان، مليشيات الحوثيين، المدعومة من إيران، "المسؤولية الكاملة عن استمرار المعاناة في اليمن"، مطالباً بـ"موقف أممي حازم تجاه السلوك الإيراني الخطير في المنطقة".
وجدد العاهل السعودي الإدانة الشديدة لما اعتبرها "الأعمال الإرهابية التي تنفّذها إيران في المنطقة"، وكذا "رفض تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية". ووصف سلوك إيران بـ"الإرهابي" في المنطقة، مؤكداً أنه يشكل "تهديداً للأمن القومي العربي".
من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في كلمته، إن "دولاً عربية أصبحت ساحة لتدخلات دولية ومنافسات إقليمية"، مضيفاً أن "الأزمات المشتعلة في منطقتنا تخصم من رصيد أمننا العربي"، مبرزاً أنه "يجب إجراء حوار معمق حول أولويات التحرك في الفترة القادمة".
وأكد أن "تآكل تعاطي العرب مع قضاياهم، فتح الباب للتدخلات الأجنبية"، مشيراً، في المقابل، إلى أن "الجهد العربي نجح في اتخاذ موقف حازم ضد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل".
ودعا أبو الغيط إلى دعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشددا على أن من شأن ذلك "إيقاف الأهداف الخبيثة للجانب الإسرائيلي".
وأوضح أن "الوحدة الفلسطينية هدف ملحّ تأخر تحقيقه"، داعياً إلى "تمكين الفلسطينيين من الصمود في وجه التحديات التي يواجهونها".
وأكد أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في كلمته، "ضرورة بذل جهود مضاعفة لحل الخلافات التي تعصف بالعالم العربي"، مشددا على أن هذه الخلافات "تمثل تحديا لنا جميعا، يضعف من تماسكنا وقدرتنا على مواجهة التحديات والمخاطر المتصاعدة التي نتعرض لها، وتتيح المجال واسعا لكل من يتربص بنا ويريد السوء لأمتنا".
وقال الشيخ صباح: "ما زالت سماء أمتنا العربية ملبدة بغيوم سوداء، وما زال الطموح بعيد المنال في وصولنا إلى أوضاع آمنة ومستقرة لبعض دولنا العربية، وما زال عملنا العربي المشترك يعاني جمودا، إن لم أقل تراجعا وشللا، في بعض الأحيان"، مضيفا: "إننا مطالبون بتدارس آليات عملنا العربي المشترك، لتحديد الخلل والقصور الذي يعتريها".
وشدد على أن تطورات الأوضاع في سورية منذ ثمانية أعوام "أدت إلى كارثة إنسانية"، مضيفا: "تابعنا باهتمام وقلق بالغَين التصعيد المتمثل في الضربات الجوية التي جاءت نتيجة استخدام السلطات السورية للسلاح الكيميائي"، مؤكدين أن "هذه التطورات أتت نتيجة عجز المجتمع الدولي، ممثلا في مجلس الأمن، عن الوصول إلى حل سياسي للصراع".
وفي ما يتعلق بالمسيرة المتعثرة للسلام في الشرق الأوسط، دعا أمير الكويت، الإدارة الأميركية، إلى أن تتراجع عن قرارها نقل سفارتها إلى القدس، وقال إن "ما قامت وتقوم به إسرائيل من قمع لتفريق أشقائنا الفلسطينيين في غزة، الذين يمارسون حقهم في التعبير السلمي، والذي أدى إلى استشهاد العشرات منهم، وإصابة الآلاف، يدعو المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، إلى القيام بمسؤولياته، لحماية المواطنين الفلسطينيين في غزة، ووقف هذا العدوان الإسرائيلي الآثم".
وشدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في كلمته، على أن "دولا عربية تواجه، للمرة الأولى منذ تأسيسها، تهديدات لوجودها"، موضحا أن "خطر التنظيمات الإرهابية والكيانات الطائفية يهدد دولا عربية عدة".
وفيما أبرز أن "مصير الشعب السوري ومستقبله بات رهنا بلعبة الأمم وتوازنات القوى الإقليمية والدولية"، أوضح أن "سورية أرض عربية، ولا يجوز أن يُحل الصراع فيها إلا وفقا للشعب السوري".
وذكر أن "الحق العربي في القدس ثابت وأصيل وغير قابل للمساومة"، وأنه "لا يجب السماح باتخاذ الانقسام الفلسطيني ذريعة لتكريس الاحتلال الإسرائيلي". مضيفا أن "الحفاظ على وحدة اليمن ووحدة ليبيا مسؤوليتنا".
وفي كلمته، هاجم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، حركة "حماس"، التي قال إنها "تتحمل المسؤولية الكاملة" عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، وأنها "تتصرف كسلطة أمر واقع في غزة"، مضيفا أن "مساعينا لتحقيق المصالحة وتوحيد أرضنا وشعبنا لم ولن تتوقف".
وقال: "لم ولن نتخلى عن شعبنا في غزة، وقدمنا نصف موازنتنا الحكومية لشعبنا في القطاع"، مشددا: "سنعقد المجلس الوطني نهاية الشهر الجاري على أرض فلسطين لتعزيز صمود شعبنا وتمتين جبهتنا الداخلية".
وذكر عباس أن "الاستيطان الإسرائيلي يتم بدعم مستمر من الإدارة الأميركية"، موضحا أنها "تقول إنها رفعت ملف القدس عن طاولة المفاوضات، وهو خرق للقانون الدولي وسابقة نعتبرها انتكاسة كبرى"، مشيرا إلى أن "القدس تشهد هجمة استيطانية غير مسبوقة تسعى لطمس هويتها التاريخية وانتمائها العربي والإسلامي والمسيحي".
وأبرز أن "القدس الشرقية كانت وستبقى إلى الأبد عاصمة لدولة فلسطين"، مؤكدا "ضرورة الدعوة لتشجيع زيارة القدس، وفق ما أقره مجلس الجامعة العربية".
وشدد على أن إعلان الولايات المتحدة القدس عاصمة لإسرائيل جعلها "طرفاً في الصراع وليست وسيطاً"، مضيفا أن "الحديث عن خطة سلام أميركية بات أمراً غير ذي مصداقية".
وأضاف عباس أن "إسرائيل لم تنفذ جميع القرارات الـ86 من مجلس الأمن الدولي"، مشيرا إلى أنها "لا تحترم مجلس الأمن ولا تحترم الشرعية الدولية، ولا يجوز السماح لها بعضوية مجلس الأمن الدولي".
طالب عباس بتبني ودعم خطة السلام التي سبق أن طرحها في مجلس الأمن الدولي في شهر فبراير/شباط الماضي، موضحا أنها تستند إلى المبادرة العربية، وتدعو إلى "عقد مؤتمر دولي للسلام العام الجاري، يقرر قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف، لرعاية مفاوضات جادة تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترةٍ زمنيةٍ محددة، بضمانات تنفيذ أكيدة، وتطبيق المبادرة العربية كما اعتمدت".
وجدد الرئيس الفلسطيني تأكيده: "لم نرفض المفاوضات يوماً، واستجبنا لجميع المبادرات التي قدمت لنا"، موضحا: "لن أفرط بأي حق من حقوق شعبنا التي نصت عليها وضمنتها الشرائع الدولية.
(العربي الجديد)