كشفت مصادر سياسية مطلعة في مصر أن قوات مشتركة من القوات المسلحة والشرطة ستعيد محاولة اقتحام جزيرة الوراق مجدداً، فور الانتهاء من عمليات إزالة العقارات بمنطقة مثلث ماسبيرو نهاية إبريل/ نيسان الجاري، بدعوى الشروع في مخطط تطويرها بواسطة الجيش، بعد إخلائها من السكان، والذين يقدر عددهم بنحو 90 ألف مواطن من البسطاء.
ووافق مجلس الوزراء المصري، يوم الأربعاء، على استصدار قرار جمهوري بنقل تبعية جزيرة الوراق إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تمهيداً للبدء في تنفيذ مخطط تنمية وتطوير الجزيرة، من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الإسكان "في إطار خطة الدولة (النظام) لإيجاد مراكز حضارية جديدة، والقضاء على العشوائيات".
وقالت المصادر في حديث خاص، إن عملية الاقتحام الوشيكة للجزيرة تستهدف إزالة العقارات المطلة مباشرة على النيل، ومن ثم فتح ملف التفاوض مرة أخرى مع الأهالي من خلال قيادات في الجيش، وتخيير المهجرين ما بين تعويضهم بمساكن بديلة ببعض مشروعات الإسكان الاجتماعي الجاري تنفيذها، أو منحهم تعويضات مادية مع أولوية في الحصول على وحدات سكنية عقب انتهاء مخطط التطوير.
وكان "العربي الجديد" قد حصل على نسخة مُسربة من مكتب "آر إس بيه" للهندسة العقارية في الإمارات، تكشف عن مخطط استثماري لمشروع جزيرة الوراق يعود إلى عام 2013، يستهدف تحويل الجزيرة إلى منطقة خدمات مالية، على غرار جزيرة مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية، بعد طرد وتهجير سكانها من مساحتها البالغة 1600 فدان.
وشرعت قوة مشتركة من الشرطة، ووزارات الأوقاف والري والزراعة، في تنفيذ 700 قرار إزالة لتعديات على أراضي الدولة بالجزيرة، في 16 يوليو/ تموز الماضي، غير أن اشتباكات نشبت بين قوات الأمن والأهالي الرافضين لأعمال الإزالة، أسفرت عن مقتل مواطن، وإصابة 19 آخرين من أهالي الجزيرة، إضافة إلى 37 من أفراد الشرطة.
وأفادت مصادر نيابية لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، بأن رئيس الهيئة الهندسية في الجيش، اللواء كامل الوزير، قد أخطر وفدا من الأهالي بتوليه ملف الجزيرة بشكل شخصي، بناءً على تكليف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أن الجيش مستعد لشراء العقارات ممن يريد أن يبيع ما يملك، علاوة على الأراضي الزراعية من ملاكها بسعر عادل، تحت ذريعة الحفاظ عليها.
من ناحيته، أقر مجلس النواب، في فبراير/ شباط الماضي، تعديلات على قانون تنظيم نزع ملكية الأراضي من المواطنين لصالح المنفعة العامة للدولة، تزامناً مع توسع الحكومة والجيش في نزع الأراضي الخاصة بالمواطنين لإقامة مشروعات جديدة، على خلفية حدوث مصادمات في بعض مناطق محافظات القليوبية والشرقية والمنوفية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حاول مسؤولون في هيئة المساحة العسكرية إجبار أهالي الجزيرة على توقيع إقرارات تلزمهم ببيع ممتلكاتهم، سواء من الأراضي أو العقارات، مهددين إياهم بإمكانية مصادرتها تحت بند المنفعة العامة، وهو ما رفضه الأهالي باعتبار أن ملكياتهم خاصة، ولا يجوز تهجيرهم قسراً من أراضيهم بحسب الدستور.
وحسب مصادر في وزارة العدل المصرية، فإن تعليمات صدرت عن هيئة المساحة العسكرية، بوقف التعامل على أراضي مجموعة من الجزر النيلية، الصادر بشأنها قرار حكومي بإخراجها من نطاق المحميات الطبيعية، وفي مقدمتها الوراق والدهب والقرصاية في محافظة الجيزة، وهو ما يقضي بعدم تسجيل أي عقود ملكية لسكان تلك الجزر بالشهر العقاري نهائياً.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، ترفض الجهات المختصة طلبات سكان جزيرة الوراق بتوثيق عقود ملكية خاصة لأراضٍ وعقارات في الجزيرة، من دون أن يتم توضيح الأسباب لهم، وهو ما يكشف عن نوايا لدى الدولة لإخلاء تلك الجزر من السكان لتنفيذ مشروعات سياحية، وإسكان سياحي عليها، بمساهمة مستثمرين إماراتيين، نظراً إلى موقعها المميز في قلب القاهرة الكبرى.
يشار إلى أن قوات الأمن أوشكت على إنهاء عمليات هدم منازل المواطنين في منطقة "مثلث ماسبيرو"، من دون اكتراث لمصير الأهالي الرافضين إخلاء مساكنهم قسراً، في مقابل منح المتضررين، ممن يملكون أوراقاً ثبوتية، تعويضا ماليا يبلغ 100 ألف جنيه عن كل غرفة، وما بين 3 إلى 7 آلاف جنيه عن المتر المربع للمحال التجارية، وهي قيمة أقل بكثير من السعر التجاري في المنطقة.