قال مسؤولون محليون في الأنبار، كبرى المحافظات العراقية، غربي البلاد، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إن فريق تحقيق خاص وصل إلى المحافظة من بغداد، إثر اختفاء آلاف البطاقات الانتخابية من مراكز اقتراع داخل المحافظة، بينها الرمادي، عاصمة الأنبار المحلية، وقضاء الكرمة، شرق الفلوجة.
ووفقا لمسؤول محلي في المحافظة، فقد اختفت جميع بطاقات النازحين في المركز الانتخابي رقم 1535 في قضاء الكرمة، فضلا عن مركز آخر في الرمادي، وهناك إفادات من مواطنين يؤكدون أن بطاقاتهم اختفت رغم أنهم لم يتسلموها.
وتعمل لجنة تحقيق من وزارة الداخلية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وصلت إلى الأنبار أمس، على التحقيق في ملابسات الموضوع ومعرفة مصير تلك البطاقات.
وتتمثل مشكلة الأنبار الانتخابية، وفقا لمراقبين، في أن غالبية أعضاء فرع مفوضية الانتخابات ينتمون إلى جهات سياسية وحزبية مختلفة، يشكك السكان بحياديتهم، وهو ما يشعل التنافس داخل المحافظة التي خرجت أخيرا من أتون حرب طاحنة مع تنظيم "داعش" الإرهابي، استمرت نحو أربع سنوات، وألحقت دمارا كبيرا فيها، وفقدت من سكانها عشرات الآلاف بين قتيل وجريح ومفقود.
في السياق ذاته، قال مواطنون إنهم ذهبوا لمراكز تحديث البيانات الخاصة بالانتخابات، ووجدوا أن أسماءهم قد تم تحديثها، واعتبروا أنهم تسلموا بطاقاتهم الانتخابية.
وفي السياق، قال عمر عبد الله (35 عاما)، وهو نازح من مدينة القائم عاد قبل أيام ضمن الدفعة التاسعة لإعادة النازحين إلى المدن المحررة، لـ"العربي الجديد"، إنه "عند ذهابي إلى مركز تحديث الناخبين في مدينة القائم فوجئت بتحديث بياناتي مسبقا دون علمي، فيما اختفت البطاقة التي من المفترض أن أتسلمها"، مبينا أنه "عند الإبلاغ عن ذلك، كان الرد أنتم تسلمتموها، ولم يستمع أحد لي".
وكشف عضو مجلس محافظة الأنبار، عيد عماش، في وقت سابق، عن سرقة 48 ألف بطاقة انتخابية في عموم المحافظة من قبل "جهات مجهولة"، مبينا، في تصريحات لوسائل إعلام محلية عراقية، أن "هناك سرقة لبطاقات الناخبين منذ فترة، والمعلومات تؤكد فقدان 48 ألف بطاقة لغاية الآن"، وأوضح أن "المفوضية شكلت لجنة تحقيقية في الأمر، إلا أنها مستمرة في تحديث سجلات الناخبين من أجل المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة".
من جانبه، كشف ضابط في مركز شرطة الحرية في محافظة الأنبار، طلب عدم ذكر اسمه، أنه "أثناء القيام بواجب تفتيش في منطقة التأميم عثرنا داخل منزل على مجموعة من البطاقات الانتخابية تابعة لمواطنين لم يتسلموها"، مؤكدا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "خلال التحقيق مع صحاب الدار، اعترف بشراء تلك البطاقات لصالح مرشح، وتعود غالبيتها لنازحين في مخيمات داخل المحافظة".
وبيّن أنه "تم نقل تلك البطاقات إلى مديرية شرطة المحافظة من أجل تسليمها إلى المفوضية العليا للانتخابات، وتقديم المتهم إلى المحاكم ليحاسب".
بدوره، قال النائب عن محافظة الأنبار، حامد المطلك، لـ"العربي الجديد"، إن "فقدان بطاقات انتخابية مفجع وغير مشجع للمواطنين على المشاركة بالانتخابات"، مضيفا "للأسف نتكلم عن معالجة الفساد وعن انتخابات حرة ونزيهة، لكن هناك أعمالا لا تمت بأي صلة للأخلاق، ومنها على سبيل المثال الحديث عن فقدان أو اختفاء آلاف البطاقات الانتخابية".
وأوضح المطلك أن هناك أيضا "استغلالا للمال الفاسد وشراء بعض الضمائر"، وتحدث عن "ابتزاز لشراء صوت المواطن المنكوب"، مؤكدا أن "كل هذا يؤثر على نتائج الانتخابات، ونحن نأمل أن تكون هذه الانتخابات انتخابات حرة ونزيهة ومهنية لتغيير واقع الحال الذي يعيشه المواطن".
وشدد على أن "هناك خشية كبيرة من أن يكون لأصحاب المال والنفوذ دور في تشويه الانتخابات التي يعول عليها العراقي كثيرا، ونأمل من مفوضية الانتخابات أن توضح الكثير من الأمور التي تثار حولها علامات استفهام".