أثارت استقالة رئيس الوزراء الأرميني، سيرج سركيسيان، من منصبه تحت ضغط الاحتجاجات الحاشدة وسط يريفان، تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى خروج أرمينيا من دائرة النفوذ الروسي في الفضاء السوفييتي السابق تكرارا لسيناريو جورجيا وأوكرانيا، أم ستظل موسكو هي اللاعب الرئيسي في هذه الجمهورية الواقعة في جنوب القوقاز، لكونها أكثر ارتباطا بروسيا سياسيا واقتصاديا، وحتى عسكريا.
وفي مقال بعنوان "ماذا خسرت روسيا في أرمينيا؟"، ذكرت صحيفة "فزغلياد" الروسية، اليوم الثلاثاء، أن أرمينيا لا يوجد أمامها بديل للتحالف مع روسيا في ظل مجاورتها لتركيا وأذربيجان "الخصمين التاريخيين للأرمن".
وأشار كاتب المقال إلى أن إقليم قره باغ المتنازع عليه ذي الأغلبية الأرمينية، والذي فقدت أذربيجان السيطرة عليه في أعقاب تفكك الاتحاد السوفييتي، يمثل "قنبلة موقوتة"، ولكنها "لن تنفجر طالما ظلت يريفان حليفا عسكريا لموسكو"، وفق توقعاته.
وأضاف أن استقالة سركيسيان "لن تغير شيئا في العلاقات الروسية الأرمينية"، معتبرا أنه من "الحماقة" مقارنة الأحداث في أرمينيا مع "الميدان الأوروبي" في أوكرانيا، والذي كانت له توجهات مؤيدة للتكامل مع الاتحاد الأوروبي ومعادية لموسكو.
وتعد يريفان حليفاً مهماً لموسكو في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق، وهي بلد عضو في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يضم روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزيا، كما تقع القاعدة العسكرية الروسية الـ102 في مدينة غيومري الأرمينية. ويعتمد الاقتصاد الأرميني بدرجة كبيرة على تحويلات الأرمن المقيمين في روسيا، والبالغ عددهم نحو 2.5 مليون شخص.
من جهتها، رأت صحيفة "فيدوموستي" أن استقالة سركيسيان جاءت بمثابة خطوة براغماتية من شأنها الإبقاء على سيطرة الحزب الجمهوري الحاكم على البرلمان، وتجنب أزمة سياسية كبرى.
وفي مقال بعنوان "استقالة رئيس الوزراء ليست ثورة بعد"، اعتبر كاتب المقال أن "المعارضة التي تحتفل بالنصر، متمثلة في البرلمان بكتلة صغيرة جدا، وانتصارها في الشارع، لا يثير أملا في الانتصار في أروقة السلطة"، وخاصة أن كتلة "يلك" التي تضم حزب زعيم المعارضة نيكول باشينيان، تشغل تسعة مقاعد فقط من أصل 105.
وأرجع الخبير بمركز تحليل المشكلات الدولية التابع لمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، نيقولاي سيلايف، قرار سركيسيان بالاستقالة إلى النطاق الواسع للاحتجاجات ومشاركة القساوسة وأفراد لواء حفظ السلام والمحاربين القدماء بنزاع قره باغ، والذين يحظون بمكانة كبيرة في المجتمع الأرميني.
يذكر أن سركيسيان أعلن، أمس الاثنين، عن استقالته من رئاسة الحكومة الأرمينية بعد موجة من الاحتجاجات الحاشدة على تعيينه رئيسا للوزراء في إطار إصلاح دستوري أسفر عن انتقال أرمينيا إلى نظام حكم برلماني، ومهد لسركيسيان الطريق للعودة إلى رأس السلطة بصفة جديدة، ولفترة غير محدودة، بعد أن شغل منصب رئيس الدولة لمدة عشر سنوات.
وفي بيان استقالته، اعترف سركسيان بعدم أحقيته، ملمحا إلى أنه لم يكن ينظر في تسوية الأزمة السياسية باستخدام القوة ضد المتظاهرين.