وقدمت الخميس الماضي بعثتا سورية وروسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية شهادات لأشخاص كانوا في دوما جلبهم النظام من سورية، تُنكر في المجمل حدوث هجوم كيميائي على دوما، كان آخرهم رئيس قسم الإسعاف، الدكتور حسان عيون الذي سأل ممثل النظام الجالس معهم خلال المؤتمر إن كان هناك ما يجب أن يقوله أيضا، قائلا "في شي لسا".
وقال الدكتور أحمد السيد، وهو زميل الدكتور عيون وغيره ممن أدلوا بشهادتهم في لاهاي، في حديث مع "العربي الجديد"، "أعرف جميع من ظهر في مؤتمر الشهادة حول ما جرى في دوما يوم السابع من إبريل/ نيسان الجاري، وبالفعل الدكتور عيون كان المناوب في قسم الإسعاف يوم الهجوم الكيميائي، وهم كانوا معنا تقريبا منذ بداية الثورة إلى يوم خروجنا من دوما".
وأضاف "هناك طبيبان خرجا إلى مناطق النظام قبل أن نخرج من دوما بقرابة الشهر، مع منظمة الهلال الأحمر وهما الدكتور سيف خبية والدكتور عدنان طباجة، يوم سمح بإخراج عدد من الجرحى وبقيا في دمشق، وعندما هجر القطاع الأوسط دخلا إلى المشافي هناك وبدأا بإرسال تطمينات للأطباء في دوما من أجل البقاء دون الخروج".
ولفت إلى أن "أغلب من قدم شهادة من الأطباء هم إما طلاب طب لم يتخرجوا بعد مثل حسان عيون وغيره ومنهم من لم ينل شهادة الاختصاص، والدافع الأساسي لبقائهم ليتاح لهم فرصة لاستكمال دراستهم".
ويسترجع السيد ما حدث معه في يوم الهجوم الكيميائي قائلا "كان قد مر علينا فترة تهدئة لمدة شهر تقريبا، لكن بدأ خرقها في السادس من شهر إبريل/ نيسان، كان القصف كبيرا، حتى يوم السبت بحدود الساعة 7.45 دقيقة، حيث بدأت تصلنا إصابات بالمواد الكيميائية، وقد اتصل بي الدكتور عيون من قسم الإسعاف يطلب المساعدة، حيث كنت حينها بقسم العمليات، وأخبرني حينها أن النظام ضرب بالكيميائي، وبالفعل توجهت فورا إلى قسم الإسعاف".
وأضاف "كانت هناك أعداد كبيرة من المصابين، كان يعاني غالبيتهم من ضيق التنفس، وازرقاق في الشفتين، وهناك حالات كانت تعاني من الاختلاجات، وخروج مفرزات من الفم، ولدى الفحص السريري كان هناك تباطؤ بضربات القلب، وبعض الحالات المتقدمة كان لديها تثبيط بالتنفس، حيث تم نقل 6 حالات للعناية المشددة، بينهم 4 أطفال".
وتابع "في الدفعة الأولى من المصابين كان بينهم رجل فارق الحياة... إضافة إلى امرأة توفيت كان يبدو عليها حلقات دبوسية، ما يشير إلى استخدام غاز الأعصاب، يومها استقبلنا أكثر من 500 إصابة، ولم نستطع توثيق الأعداد بشكل تام، فقد كنا ككادر طبي نحو 20 شخصا بين أطباء وممرضين، كان الوضع مأساويا".
ولفت إلى "أنهم قاموا ضمن الإسعافات الأولية بنزع ثياب المصابين وغسلهم بالماء، وإعطائهم موسعات القصبات، ومنهم من وضع على أجهزة الأكسجين، وبحدود الساعة الحادية عشرة مساء، أخبرنا مسؤول الدفاع المدني أن هناك نحو 40 جثة في مكان الاستهداف".
وبين أن نحو "15 شخصا من الكادر الطبي في المشفى والذي كان شاهدا على الحادثة قد خرج إلى الشمال، إضافة إلى وجود وثائق وأدلة يتم العمل على اعتمادها".
من جانبه، قال الدكتور "أبو يحيى"، اسم مستعار بسبب مخاوف أمنية، في حديث مع "العربي الجديد"، "كل من أدلى بشهادته كانوا زملائي وشاركوا بإنقاذ المصابين جراء الهجوم الكيميائي، وخاصة ممتاز الحنش وياسر مجيد وفني التخدير محمد داوود والمدير الإداري في الإسعاف أبو سليم قشوع، لكن النظام أعطاهم تطمينات للبقاء في البلد وأن يكملوا دراستهم ويحصلوا على شهاداتهم".
ويتابع "يوم بقوا في دوما، كانت آخر قافلة للعسكريين، على أساس أن يخرجوا بعدهم إلا أن النظام أوقف النقل، فجزء منهم حبس داخل دوما، ما أضطره إلى تسوية وضعه، ولم يكن أي أحد منا يعتقد أن هذا الهجوم سيكون له كل هذا الصدى الدولي وخاصة أنه ليس الأول من نوعه".
وأضاف "نقطة مهمة أن أهالي هؤلاء الأطباء بقوا في دوما أو في مناطق النظام، وأعتقد أن أي شخص قدم شهادة قد قدمها تحت الضغط والتهديد".
ولفت إلى أن "هناك شهودا كثرا قدموا شهاداتهم عندما وصلوا إلى الشمال السوري، أما أنا فلم أقدم شهادتي بعد بسبب خطورة الموقف، بانتظار أن يكون هناك ضمانات لسلامتنا".
واسترجع ذكرياته في ذلك اليوم قائلا "يوم السبت بعد مغيب الشمس، بحدود الساعة 7.45 وصلت أول 4 إصابات، تلتها العشرات، كان الهلع منتشرا بين الجميع، وخلال ساعتين كان في المشفى نحو 500 إصابة، 100 منها كانت متوسطة وما فوق، توفي من المصابين لدينا نحو 5 أو 6 حالات، بينهم بحسب ما أذكر امرأة وطفلان".
ولفت إلى أن "من الحالات الشديدة التي وصلت كان يبدو عليها وجود مفرزات فموية وأنفية رغوية، وخرير في الصدر وزرقة في الشفتين والأطراف، وحدقات دبوسية وبطء في التنفس وضغط منخفض، حاولنا تقديم الإسعافات الأولية والأدوية التي تخفف هذه الأعراض، هناك أذكر 4 مصابين لم يستجيبوا للعلاج وقد توفوا في العناية".
وأضاف "كنت مقيما في المشفى بشكل دائم مع زوجتي حتى خرجت من دوما، والأطباء الذين قدموا شهاداتهم أنا أعرفهم جيدا، وأعرف مواقفهم وقناعاتهم، لكن عائلاتهم تحت يد النظام، وما قالوا أجزم أنه جراء التهديد والضغط".
وذكر أن هناك إصابات لم يستطع الدفاع المدني جلبها إلى المشفى جراء القصف الشديد، و"لكن بعد نحو 8 ساعات ذهبنا إلى موقع استهداف الصاروخ، كان كل من في البناء قد فارق الحياة ومعظمهم من الأطفال والنساء، والعدد الكلي بحسب ما أذكر بين الـ40 و 45 قتيلا".