أظهرت نتائج استطلاع المؤشر العربي لعام 207/2018 الذي نفّذه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، في 11 بلداً عربياً، وأعلنها، أمس الأربعاء، في الدوحة، مدير وحدة استطلاعات الرأي العام في المركز محمد المصري، أنّ إسرائيل عدو أول في الوطن العربي، فيما البطالة تتقدم المشكلات.
وبحسب النتائج، فقد تصدّرت أولويات نحو نصف المستجيبين (47 %) مشكلات البطالة، وارتفاع الأسعار، وسوء الأوضاع الاقتصادية والفقر، فيما أورد 18 % مشكلات غياب الأمن والأمان، وخطر الإرهاب والانقسام الجهوي والإثني، وعدم الاستقرار السياسي، ومخاطر التدخل الخارجي والاحتلال الإسرائيلي.
كما اعتبر 20% من المستجيبين ضعف الخدمات العامة، والفساد المالي والإداري، والحكم وسياساته والانتقال الديمقراطي، مشكلات تقع في إطار سياسات الحكم ومؤسساته في البلدان العربية، حيث توافق نحو نصف مواطني المنطقة العربية على أنّ المشكلات ذات الطبيعة الاقتصادية؛ من بطالة، وفقر، وارتفاع أسعار، وسوء أوضاع اقتصادية، هي المشكلات الأهمّ التي تواجهها بلدانهم.
وشمل الاستطلاع الميداني الذي أجري في موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، بين ديسمبر/كانون الأول2017 وأبريل/ نيسان الماضي، 18830 مستجيبًا ومستجيبة أُجريت معهم مقابلات شخصية وجاهية ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، بهامش خطأ يتراوح بين 2 و3%
وتُبرز اتجاهات الرأي العامّ في البلدان المُستطلَعة آراء مواطنيها تبايناتٍ ذات أهمية في المشكلات التي ركّز عليها المستجيبون بين بلد وآخر؛ فقد كان التركيز على القضايا الاقتصادية، خصوصًا البطالة وارتفاع الأسعار، في الأردن، والمغرب، وموريتانيا، والسودان وتونس، إذ إن نحو ثلثي المستجيبين في تلك البلدان ركزوا على الأوضاع الاقتصادية، وتصل النسب إلى أكثر من 80% في الأردن والسودان.
في حين أنّ الرأي العام في بلدان أخرى ركز أكثر من غيره على غياب الأمن والأمان وخطر الإرهاب؛ فقد ركز نحو خمس العراقيين والمصريين على هذا الأمر، وذكر ذلك 10% من الرأي العام التونسي، إلا أن التركيز على عدم الأمان تراجع في الاستطلاع الحالي (2017/ 2018) في غالبية البلدان، خصوصاً في العراق ولبنان وتونس، مقارنة باستطلاعي 2016، و2015. وحظي ضعف الخدمات العامة بأكثر من ربع الرأي العام في الكويت والمغرب ومصر وموريتانيا.
ويجد الرأي العام السعودي، بنسبة غير مسبوقة (13%)، أنّ أهم مشكلة تواجهها السعودية اليوم هي السياسات الخارجية لبلدهم ومخاطر خارجية، في إشارة واضحة إلى الحرب في اليمن.
وكان التركيز على الاحتلال الإسرائيلي وما يتعلق به من بناء المستوطنات والحواجز والحصار على قطاع غزة والقدس هو الأعلى بين مستجيبي فلسطين (الضفّة الغربية، وغزّة) بنسبة 51% من المستجيبين، وهذا مفهوم في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي، وفي ضوء حالة الانقسام بين الضفّة الغربية وغزّة.
مصادر التهديد
تُعدّ إسرائيل الأكثر تهديدًا لأمن بلدان المنطقة العربية. وهناك رأي عام يفرض نفسه من الناحية الإحصائية في كلّ دولةٍ، مفاده بأنّ إسرائيل هي الدولة الأكثر تهديدًا لأمن بلده. وتتفاوت نسبة هذا التيّار من دولةٍ إلى أخرى؛ إذ عبّرت عن هذا الرأي أكثرية الفلسطينيين واللبنانيين بنسبة 70%، و73% على التوالي، وأكثر من نصف المصريين، وأكثر من ثُلث الأردنيين، ونحو رُبع المستجيبين في السودان.
وفي السياق نفسه، رأى نحو ثلث السودانيين، والعراقيين أن الولايات المتحدة تمثل مصدر التهديد الرئيس لبلديهم، وكذلك خمسة الفلسطينيين، والتونسيين، والكويتيين. وتمثّل إيران أيضًا مصدرَ تهديدٍ، بحسب وجهة نظر نصف الكويتيين والسعوديين، ونحو ربع العراقيين.
ويذكر بعض مستجيبي البلدان العربية بلدانًا مجاورةً لبلدانهم، أو بلدانًا تقع في إقليمهم ضمن الدول التي تُعدّ مصدر تهديد لأمن بلدانهم، لأسباب مختلفة؛ فقد ذكر ذلك 30% من الرأي العامّ المغربي، ونحو رُبع السودانيين، و13% من التونسيين. كما ذكر مستجيبو بعض البلدان العربية بلدانًا مجاورةً، أو من الإقليم نفسه، يسود علاقات دولهم بها التوتر أو شبه التوتر؛ كما هي الحال بين مستجيبي الجزائر والمغرب، ومستجيبي السودان والعراق الذين أوردوا، أيضًا، دولًا عربيةً في أقاليمهم رأَوا أنها تمثّل مصادر تهديد لبلدانهم.
وعند احتساب معدّل للدول التي أوردها المستجيبون على أنّها مصدر تهديد لبلدانهم، حلّت إسرائيل في المرتبة الأولى بنسبة 29% من المستجيبين، تليها الولايات المتحدة بنسبة 15%، ثمّ إيران بنسبة 13%، وجاءت دولٌ عربية مجاورة، أو في الإقليم، بنسبة 10%.
الديمقراطية
خلصت نتائج الاستطلاع إلى أنّ الأغلبية الكبرى من مواطني المنطقة العربية قادرة على تقديم تعريف ذي دلالة لمفهوم الدّيمقراطية؛ إذ قدّم 87% من المستجيبين إجابة ذات محتوى ودلالة عند سؤالهم عن أهمّ شرط يجب توافره في بلدٍ ما حتّى يُعدّ بلدًا ديمقراطيًّا. أمّا الذين أجابوا بـ "لا أعرف" أو رفضوا الإجابة، فقد كانت نسبتهم 13% من المستجيبين.
وانقسم الرأي العامّ في المنطقة العربية إزاء مقولة "إنّ مجتمعنا غير مهيأ لممارسة النظام الديمقراطي" ما بين مؤيد ومعارض؛ إذ وافق على هذه العبارة 48%، مقابل معارضة 42%.
وتتباين اتجاهات الرأي من بلد إلى آخر نحو هذه المقولة؛ ففي حين كانت أكثرية الأردنيين (56%)، واللبنانيين (51%)، والكويتيين (67%)، والمصريين (54%)، والمغاربة (52%)، والموريتانيين (61%) رافضة هذه المقولة، فإنّها تجد تأييدًا لدى التونسيين (64%)، والعراقيين (65%).
وانقسم الرأي العامّ في البلدان العربية الأخرى بين من يوافق على أنّ مجتمعاتنا غير مهيأة للديمقراطية، ومن يرفض هذه المقولة. عبرت الكتلة الأكبر من السعوديين 39% عن رفضها للمقولة، مقابل موافقة 31% منهم عليها في حين لم يبدِ 30% رأيًا تجاه هذا الموضوع.
وأظهرت نتائج المؤشر أنّ تقييم مستوى الديمقراطية في البلدان العربية المستطلعة آراء مواطنيها 5.5 نقاط، وهو في منتصف المقياس الرقمي.
وتتباين تقييمات المستجيبين لمستوى الديمقراطية في بلدانهم؛ فقد قيّم المستجيبون مستوى الديمقراطية في بلدانهم جميعًا بعلامة 6 نقاط فما هو أدنى، وكان أعلى مستوى للديمقراطية هو الذي عبّر عنه مستجيبو السعودية، الذين أفادوا أن مستوى الديمقراطية هو 7.5 نقاط مع العلم أن 24% لم يبدوا رأيًا في هذا السؤال. تليها الكويت حيث تم تقييم مستوى الديمقراطية بـ 6.9 نقاط، ثمّ الأردن بـ 6.2 نقاط، فموريتانيا 5.9 نقاط، وفي لبنان 5.8 نقاط. وكان التقييم أقلّ من 5 نقاط في العراق، وفلسطين، والسودان.
وقيّم الرأي العام مستوى قدرة المواطن على انتقاد الحكومة بـ 5.6 نقاط من أصل 10 نقاط وتعدت ستّ بلدان عربية حاجز 6 نقاط من أصل عشر نقاط، بينما كانت أقل من 5 نقاط في فلسطين، والسودان. وجاءت السعودية في أدنى مستوى، إذ قيّم السعوديون قدرة المواطن على انتقاد الحكومة بـ 3.1 نقاط من أصل 10 نقاط.
وأظهرت النتائج أنّ 49% من المستجيبين يرون أنّ الثورات والاحتجاجات التي حدثت في عام 2011 كانت "إيجابية"، مقابل 39% رأوا أنّها "سلبية". وهنالك شبه إجماع بين المصريين (79%)، والكويتيين (72%)، على أنّ الثورات 2011 واحتجاجاتها هي أمرٌ إيجابي. في حين سُجّلت أعلى النسب التي عَدّت الثورات التي جرت عام 2011 سلبيةً في الأردن بنسبة 72%، والعراق بنسبة 48، إضافة إلى 55% من الرأي العام السعودي الذي عَدَّ ثورات 2011 أمرًا سلبيًا، مقابل 15% اعتبروها إيجابية، مع ملاحظة أن 30% من المستجيبين السعوديين، قالوا إنهم لا يعرفون أو رفضوا الإجابة.
الحكومات غير جدية
وأظهرت نتائج المؤشر العربي أنّ الرأي العامّ في المنطقة العربية غير متفائل بجدية حكومات بلدانه في العمل على حلّ المشكلات التي قالوا إنّها أهمّ مشكلة تواجهها بلدانه؛ إذ يرى 9% فقط من الرأي العامّ أنّ دولهم "جادّة جدًّا" في العمل على حلّ هذه المشكلات. وأفاد 24% من المستجيبين أنّ دولهم "جادّة إلى حدّ ما" في العمل على حلّ هذه المشكلات.
وفي المقابل، أفاد 31% من المستجيبين بأنّ حكومات بلدانهم "غير جادّة على الإطلاق" في حلّ هذه المشكلات. وبناء عليه، فإن 37% لديهم ثقة بأن الحكومة جادة في معالجة مشكلات بلدانهم مقابل 61% ليس لديهم ثقة بذلك. وأفاد 30% أنّ دولهم "غير جادّة إلى حدّ ما" في حلّ هذه المشكلات.
وترى أكثرية مستجيبي السعودية أنّ حكومتهم جادّة في معالجة المشكلات التي تواجهها بلادهم. في حين أنّ الرأي العامّ في مصر وموريتانيا منقسمٌ حول جدّية الحكومات.
وعبّرت أغلبية المستجيبين في باقي البلدان المستطلعة عن عدم جدّية حكوماتها في معالجة هذه المشكلات، بل هنالك شبه توافق على عدم جدية الحكومات في لبنان والعراق والأردن في البحث عن حلّ.
الهجرة
وقد أظهرت النتائج أنّ 26% من المستجيبين "يرغبون أو ينوون" الهجرة إلى الخارج، مقابل 73% لا يرغبون في ذلك. وتشير النتائج، بحسب البلدان المستطلعة، إلى أنّ ما يزيد قليلًا على نصف المستجيبين في السودان يرغبون في الهجرة، في حين بلغت النسبة نحو الثلث أو أكثر في كل من المغرب والأردن والعراق.
وراوحت نسبة الذين أفادوا بأنهم يرغبون في الهجرة بين ربع المستجيبين وخُمسهم في كل من تونس وفلسطين والعراق وموريتانيا والأردن. وكانت أقلّ نسبة، في هذا الشأن، في الكويت والسعودية؛ إذ عبّر 8% من الكويتيين و5% من السعوديين عن رغبتهم في الهجرة.
وأفاد نحو نصف العراقيين الذين يرغبون في الهجرة أنّ دافعهم تحسين الأوضاع الاقتصادية، في حين كان دافع النصف الآخر هو عدم الاستقرار الأمني (30%)، وأسباب سياسية (11%). ورأى 38% من السعوديين أن دوافعهم للهجرة هي نتيجة أسباب سياسية، كما أنّ أكثر من ربع الفلسطينيين، و14% من اللبنانيين، و10% من السعوديين، و9% من المصريين الراغبين في الهجرة، عزوا رغبتهم في الهجرة إلى عدم الاستقرار الأمني، في حين عزا 38% من السعوديين، و10% من المغاربة و9% من التونسيين، و5% من الفلسطينيين رغبتهم في الهجرة إلى أسباب سياسية.
الأمان
يشير تقييم المستجيبين لمستوى الأمان في مناطق سكنهم إلى أنّ أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين قيّموا مستوى الأمان في مناطق سكنهم بأنّه إيجابي (29% "جيّد جدًّا"، و51% "جيّد")، مقابل 20% قيّموه سلبيًّا (15% "سيّئ"، و5% "سيّئ جدًّا").
وكان هناك شبه إجماعٍ بين مستجيبي الكويت والسعودية والأردن والعراق، (بنسبٍ راوحت بين 80% و99%) على التقييم الإيجابي لمستوى الأمان في مناطق سكنهم. في حين بلغت نسبة الذين أفادوا أنّ مستوى الأمان "جيّد" و"جيّد جدًا" في السودان، وتونس 77% و76% على التوالي.
وتراوحت نسبة الذين قيّموا مستوى الأمان في مناطقهم بـ "جيّد" و"جيّد جدًّا" بين 59% و68% في كل من لبنان والمغرب وفلسطين. وقال ربع المستجيبين أو أقلّ في كلٍ من الكويت ولبنان والمغرب والسودان وموريتانيا وفلسطين ومصر وتونس إنّ مستوى الأمان في بلدانهم "جيدة جدًا"، ووصلت هذه النسبة إلى 11% في كل من فلسطين ولبنان في حين كانت النسبة نحو نصف المستجيبين في الأردن.
الثقة بمؤسسات الدولة
تُولي أكثرية مواطني المنطقة العربية مؤسسةَ الجيش في دولها ثقةً عاليةً بنسبة 90% (وهي مجموع نسبتَي "ثقة كبيرة"، و"ثقة إلى حد ما")، إلا أن مستوى الثقة ينخفض عندما يتعلق الأمر بمؤسسات أخرى في الدولة؛ إذ يثق ما معدله 75% من المستجيبين في جميع البلدان بأجهزة الأمن العام/ الشرطة، مقابل 24% من المستجيبين عبروا عن عدم ثقتهم بها.
وحازت الأجهزة الأمنية من مخابراتٍ ومباحثَ وأمنِ دولةٍ ثقة 71% من المستجيبين، مقابل 23% عبروا عن عدم ثقتهم بهذه الأجهزة. وتوافَق 68% من المستجيبين على ثقتهم بالجهاز القضائي، في مقابل 29% عبروا عن عدم ثقتهم به.
وينخفض مستوى ثقة المواطنين أكثر عندما يكون السؤال متعلقًا بالثقة بالحكومات والمجالس التشريعية (التمثيلية) إلى أقل من النصف، فقد أفاد 55% من المستجيبين أن لديهم ثقةً بحكومات دولهم، مقابل 43% أفصحوا عن عدم الثقة بها، ولم تتجاوز نسبة الذين يثقون بالمجالس التشريعية (التمثيلية) 42%، مقابل 54% أفادوا أنهم لا يثقون بها.
وينطبق فقدان ثقة المستجيبين أيضًا على الأحزاب السياسية في الدول المُستطلَعة آراء مواطنيها؛ إذ قال 29% إن لديهم ثقةً كبيرةً، أو ثقةً إلى حد ما، بالأحزاب السياسية، مقابل 66% قالوا إنهم لا يثقون بالأحزاب. وإذا اعتُبرت نسبة 50% من الثقة تعكِس حد نجاح هذه المؤسسات، فإن الحكومات تجاوزت حد النجاح بقليل، بينما تُعد المجالس التشريعية والأحزاب السياسية مؤسسات غير ناجحة.
وأظهرت نتائج المؤشر في استطلاع 2017/ 2018 أن مستويات الثقة بمؤسسة الجيش في ارتفاع مقارنةً بتلك التي ظهرت في استطلاعات الأعوام السابقة 2016 و2015 و2014 و2012/ 2013 و2011؛ إذ ارتفعت نسبة الذين يثقون بهذه المؤسسة (ثقة كبيرة، وثقة إلى حد ما) من 77% في استطلاع 2011 إلى 79% في استطلاع 2012/ 2013 وإلى 80% في عام 2014، وإلى 83% في استطلاع 2015، وإلى 87% في استطلاع 2016، وصولًا إلى 90% في استطلاع 2017/ 2018.
أما على صعيد الثقة بأجهزة الأمن العام (الشرطة)، يكاد يكون هناك شبه إجماع عليها بين مستجيبي السعودية، والأردن، والكويت، بل إن النصف إلى أكثر من ثلثَي المستجيبين في هذه البلدان عبروا عن "ثقة كبيرة" بمؤسسة الأمن العام.
إلا أن هذه الثقة الكبيرة انخفضت إلى مستويات الثلث أو أقل من ذلك عند مستجيبي البلدان الأخرى المستطلعة آراؤها مثل مصر، والمغرب، وتونس، والعراق، وموريتانيا. في حين عبر ما نسبته 40% من مستجيبي فلسطين، و40% من مستجيبي السودان، وكذلك 34% من مستجيبي لبنان عن عدم ثقتهم بأجهزة الأمن العام في بلدانهم.
وحازت أجهزة أمن الدولة التي تنشط في أعمال أمنية داخلية (من مخابراتٍ، ومباحثَ، واستخباراتٍ) ثقةَ 71% من مستجيبي المنطقة العربية، مقابل 23% عبروا عن عدم ثقتهم بهذه الأجهزة.
وتشير نتائج تحليل مستويات الثقة، بحسب بلدان المستجيبين، إلى أن أعلى مستوى ثقة بأجهزة المخابرات كان بين مستجيبي السعودية، والأردن، والكويت. في حين كان مستوى الثقة بهذه الأجهزة أقل عند الفلسطينيين، والسودانيين، والموريتانيين.
وعبّر 68% من الرأي العام في المنطقة العربية عن ثقتهم بجهاز القضاء، مقابل 29% أفادوا أنهم لا يثقون به؛ أي إن مستوى الثقة بالقضاء كان أقل، جوهريًا، مقارنة بالجيش والحكومات، وعلى نحو طفيفٍ مقارنةً بالأمن العام والشرطة وأجهزة المخابرات. إلا أنّ جهاز القضاء حاز نسبةَ ثقة عالية بين المستجيبين مقارنةً بالثقة التي أحرزتها السلطة التشريعية والحكومة.
ويكاد يكون الرأي العام في مصر والسعودية والأردن والسودان متوافقًا على ثقته بجهاز القضاء؛ إذ أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين في هذه البلدان عبرت عن "ثقةٍ كبيرة" أو "ثقةٍ إلى حد ما" بجهاز القضاء.
وتنخفض نسبة الثقة بالقضاء في البلدان الأخرى مثل: تونس، والمغرب وموريتانيا ولبنان إلى نحو ثلثَي المستجيبين، ووصلت نسبة الثقة في فلسطين إلى 57%، وفي العراق إلى 46%، وقد سجلت انخفاضًا عن عام 2016 عندما بلغت 59% و36% على التوالي.
ويشير النمط العام في المنطقة العربية إلى أن المؤسسات العسكرية (الجيش مثلا)، والمخابرات والأمن العام، تحوز ثقةَ المواطنين، بنسبٍ أكثر ارتفاعًا من التي تحوزها الحكومات. لقد عبر 55% من مواطني المنطقة العربية عن ثقة بمؤسسة الحكومة. مقابل 43% عبروا عن عدم ثقتهم بها؛ أي إن الرأي العام شبه منقسم إزاء هذا الموضوع. ومن المهم الإشارة إلى أن ثقة المواطنين بمؤسسة الحكومة تختلف من دولةٍ إلى أخرى.
وقد خلصت النتائج إلى أن أكثرية المستجيبين السعوديين، والمصريين، والكويتيين، بنسب تزيد عن الثلثين، تولِي حكوماتها ثقةً أكبر من التي يُوليها المستجيبون في بقية الدول لحكوماتهم، ونحو نصف المستجيبين في موريتانيا وتونس أفادوا بأنهم يثقون بحكومات بلدهم. في حين انقسم الرأي العام في كل من فلسطين، والأردن، والمغرب، ولبنان، والسودان، نحو مدى ثقته بمؤسسة الحكومة. وعبرت أكثرية العراقيين والسودانيين عن عدم الثقة بحكوماتها بنسبة 60% و58% على التوالي.
وعبّرت أكثرية مواطني المنطقة العربية عن عدم ثقتها بالمجالس التشريعية بنسبة 57% مقابل 42% أفادوا بأنهم يثقون بها، على الرغم من أن النمط العام في الدول المستطلَعَة آراء مواطنيها هو عدم ثقة المواطنين بالمجالس التشريعية (التمثيلية)، فإن أكثرية السعوديين والكويتيين والمصريين تثق بالمجلس التشريعي (التمثيلي)، وكانت أعلى نسبة ثقة قد سُجلت في السعودية 77%، ثم مصر بنسبة 65%، ثم الكويت 59%.
أما في موريتانيا، فقد كانت نسبة ثقة المواطنين بالمجالس التشريعية (التمثيلية) في هذا الاستطلاع 52%، مقابل 43% لا يثقون بها. في حين عبرت أغلبية المستجيبين العراقيين، والأردنيين، والمغاربة، والتونسيين، والسودانيين عن عدم ثقتها بمجالسها التشريعية (التمثيلية). وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك شبه إجماع بين العراقيين والأردنيين في عدم ثقتهم بالمجلس التشريعي بنسبة بلغت 80% من المستجيبين العراقيين والأردنيين.
وأفاد 29% بأنهم يثقون بالأحزاب السياسية، مقابل 66% قالوا إنهم لا يثقون بها. ومن الجدير بالملاحظة أن 41% قالوا إنهم لا يثقون على الإطلاق بالأحزاب السياسية، مقابل 25% فقط عبروا عن ثقةٍ كبيرةٍ بالأحزاب السياسية. ويتوافق أغلبية المستجيبين في البلدان المُستطلعة آراء مواطنيها على عدم الثقة بالأحزاب، بنسبٍ تراوح بين 45% و87% من المستجيبين، باستثناء الرأي العام المصري؛ إذ أفاد 48% أنهم يثقون بالأحزاب السياسية مقابل 45% لا يثقون بها.
الوضع السياسي
يُقيّم مواطنو المنطقة العربية الوضع السياسي في بلدانهم، بصفةٍ عامة، تقييمًا سلبيًا؛ إذ وصف نحو 39% من مستجيبي المنطقة العربية الوضع السياسي في بلدانهم بأنّه إيجابي (جيّد جدًّا، أو جيّد)، مقابل 55% قيّموا الوضع السياسي في بلدانهم بأنّه سلبي (سيّئ، أو سيّئ جدًّا). بل إنّ 10% فقط من الرأي العامّ في المنطقة العربية أفادوا بأنّ الوضع السياسي في بلدانهم "جيّد جدًّا"، مقابل 24% أفادوا أنّ الوضع السياسي "سيّئ جدًّا".
وقيّمت أكثرية مستجيبي السعودية، ومصر والكويت، والأردن وموريتانيا، الوضع السياسي في بلدانها بأنّه إيجابي، لكن أكثرية المستجيبين في البلدان الأخرى قيّمت الأوضاع السياسية في بلدانها بأنّها سلبية. ويكاد يُجمع مستجيبو لبنان بنسبة 88%، وفلسطين 84%، والعراق وتونس بنسبة 80% لكل منهما، والسودان بنسبة 79%، على أنّ الأوضاع السياسية في بلدانهم "سيّئة" أو "سيّئة جدًّا"، في حين انقسم الموريتانيون حول تقييم الوضع السياسي في بلدهم.
وجدير بالملاحظة أنّ نسب المستجيبين في هذه البلدان التي قيّم مستجيبوها الوضع السياسي بأنّه إيجابي، هي أقلّ على نحوٍ جوهري من الذين قيّموا الوضع الأمني بأنّه إيجابي، وهي شبه مطابقة لتقييمهم الوضع الاقتصادي.
وعند مقارنة نتائج استطلاع 2017/ 2018 بنتائج الاستطلاعات السابقة بحسب البلدان، يتبيّن أنّ تقييم المستجيبين الوضع السياسي في مصر يمثل مفاجأة؛ إذ ارتفع التقييم الإيجابي ارتفاعًا ملحوظًا وغير تدريجي عن ذلك الذي سجل في استطلاع 2016، ويبقى تفسير هذا الارتفاع في المؤشرات العامة في مصر في حاجة إلى تدقيق، خصوصا أنه لا يتسق مع التقييم السلبي للأوضاع الداخلية، عندما تكون الأسئلة تفصيلية.
ومن المهم الإفادة بأنّ ارتفاع التقييم الإيجابي هنا كان نتيجة ارتفاع نسبة الذين قالوا إن الوضع السياسي "جيد" وثبات نسبة الذين قالوا إن الوضع السياسي "جيد جدًا".
وتجدر ملاحظة ارتفاع في التقييم الإيجابي للأوضاع السياسية في العراق، مع أنّ الأغلبية ما زالت توصف الوضع السياسي بالسلبي. في حين انخفض التقييم الإيجابي للوضع السياسي في الأردن، والكويت، وموريتانيا، والسودان، وتونس وفلسطين. وكان شبه ثابتٍ في السعودية، والمغرب.
السياسة الخارجية
أظهرت النتائج انقسام الرأي العام العربي نحو هذا الموضوع؛ إذ أفاد 50% من الرأي العام في المنطقة العربية أن سياسات بلدانهم الخارجية تعبر عن آراء المواطنين إلى حد بعيد أو إلى حد ما. في المقابل، قال 42% إنها لا تعبر عن آراء المواطنين. في حين أفادت أغلبية مستجيبي السعودية، والكويت، ومصر، وموريتانيا، والمغرب، وتونس أن سياسة بلدانهم الخارجية تُعبر عن آراء المواطنين بنسبٍ راوحت بين 77% و51%.
وفي المقابل، عبرت أغلبية الرأي العام في كل من السودان (55%)، وفلسطين (59%)، والعراق (67%)، ولبنان (69%)، عن عدم رضاها عن سياسات حكوماتها الخارجية، وانقسم الرأي العام حيال ذلك في الأردن.
وعلى الرغم من أن نسبة الذين لم يُبدوا رأيًا، أو رفضوا الإجابة في الدول المُستطلَعَة آراء مواطنيها كانت بمعدل 8% في استطلاع 2017/ 2018، فإنّه من المهم الإشارة إلى أن هذه النسبة وصلت إلى 25% في السعودية، و19% في المغرب، و10% في مصر.
اقــرأ أيضاً
أما على صعيد تقييم الرأي العام لسياسات حكوماته الاقتصادية، فقالت أكثرية الرأي العام (57%) إن سياسات حكوماتهم الاقتصادية لا تعبر عن آرائهم، مقابل 38% من المستجيبين أفادوا أن هذه السياسات تُعبر عن آراء المواطنين.
وأفادت أكثرية المستجيبين في كل من السعودية، ومصر، ونصف المستجيبين في موريتانيا، أن هذه السياسات تُعبر عن آراء المواطنين.
في المقابل، أفاد أقل من نصف المستجيبين في كل من تونس (39%) والكويت (25%)، والمغرب (39%)، والأردن (36%)، والسودان (24%) أن سياسات بلدانهم الاقتصادية الداخلية تُعبر عن آراء المواطنين.
وتصل هذه النسبة إلى نحو أقل من ربع المستجيبين في الكويت، ولبنان، والعراق؛ إذ قال 75% من الرأي العام العراقي، و75% من الكويتيين، و76% من الرأي العام اللبناني، إن سياسات بلدانهم الاقتصادية لا تُعبر عن آراء المواطنين.
الفساد المالي والإداري
اتضح أن الرأي العام العربي في مُجمله (77%) يعتقد أن الفساد المالي والإداري منتشرٌ (منتشر جدًا، ومنتشرٌ إلى حدٍ ما) في البلدان المُستطلعة آراؤها.
ويعتقد نحو نصف الرأي العام (46%) أن الفساد المالي والإداري منتشر جدًا في بلدانه. وفي المقابل، فإن نسبة الذين يعتقدون أن الفساد غير منتشرٍ على الإطلاق في بلدان المنطقة العربية هي 6%، في حين يعتقد 15% من المستجيبين أن الفساد منتشرٌ إلى حد قليل جدًا.
وهذا يشير، بوضوح، إلى أن الرأي العام في المنطقة العربية مجمعٌ، بنسبة 91%، على أن الفساد منتشرٌ بدرجات متفاوتة في بلدانه ، وراوحت نسبة الذين يفيدون أن الفساد غير منتشرٍ في بلدانهم، بين 1%، كما هي الحال في تونس، و3% في كل من مصر، والأردن، والعراق، والمغرب، و17% كما تشير النتائج في السعودية.
تطبيق القانون بالتساوي
يرى الرأي العام العربي أنّ الدولة غير ناجحة في تطبيق القانون بين الناس بالتساوي؛ إذ توافق نحو 28% من المستجيبين (كمعدل بين البلدان التي شملها الاستطلاع) على أن الدولة تُطبق القانون بالتساوي بين الناس إلى حدٍ بعيد، مقابل نحو خُمس المستجيبين (18%) أفادوا أن الدولة لا تُطبق القانون بالتساوي بين الناس على الإطلاق. ويَميل نصف الرأي العام العربي 52% إلى القول إن الدولة تُطبق القانون بين الناس لكنها تحابي بعض الفئات. وهذا، في جوهره، يعني أن الدولة لا تُطبق القانون بالتساوي بين الناس.
الوطن العربي
أفادت نتائج المؤشر بأنّ أكثر من ثلث المستجيبين (35%) يرى أنّ سكان الوطن العربي هم أمّة واحدة ذات سماتٍ واحدة تفصل بينها حدودٌ مصطنعة. في حين يرى 42% من المستجيبين في البلدان المُستطلَعة آراء مواطنيها أنّ سكان الوطن العربي أمّةٌ واحدة، وإن تميَّز كلّ شعبٍ من شعوبها بسماتٍ مختلفة.
في المقابل، يرى 19% منهم أنّ سكان الوطن العربي أممٌ وشعوب مختلفة لا تربط بينها سوى روابط ضعيفة. وهذا يبرز أنّ أكثرية مواطني المنطقة العربية، بنسبة 77% من المستجيبين، ترى أنّ سكان الوطن العربي يمثّلون أمّةً واحدة، وإن اختلفوا على مدى التّمايز ومستواه بين شعوب البلدان العربية.
وأفاد 79% من إجمالي المستجيبين أنّ السياسات الأميركية في المنطقة "سلبية" أو "سلبية إلى حدٍّ ما"، مقابل 12% أفادوا أنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما".
وينطبق الأمر نفسه على تقييم السياسات الإيرانية؛ فقد قيّم 64% من الرأي العام العربي السياسة الإيرانية في المنطقة بأنها "سلبية" أو "سلبية إلى حدٍ ما"، مقابل 21% قالوا إنّها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما".
وكان تقييم الرأي العام العربي السياسات الروسية تقييمًا سلبيًّا أيضًا؛ إذ توافق 55% من الرأي العام على ذلك، مقابل 26% وصفوا هذه السياسات بأنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما".
وتوافقت أغلبية الرأي العام على سلبية السياسات الفرنسية بنسبة 46%، مقابل 37% أفادوا أنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍ ما".
أما على صعيد تقييم السياسات التركية والصينية فقد كان الرأي العام أكثر إيجابية منها تجاه إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا؛ إذ تشير النتائج إلى أنّ 54% من المستجيبين أفادوا أن السياسة الخارجية التركية في المنطقة العربية كانت إجمالًا إيجابية وإيجابية إلى حدٍ ما؛ في حين رأى 31% أنّها سياسات سلبية.
ينطبق الأمر نفسه إلى حدٍّ ما على السياسة الخارجية الصينية؛ إذ ينقسم الرأي العام تجاه السياسات الصينية، فهناك 44% وصفوها بأنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما"، مقابل 32% أفادوا أنها سلبية، في حين أن 24% أفادوا أنهم لا يعرفون إذا كانت إيجابية أم سلبية، وقيّم 54% من الرأي العام العربي السياسات التركية في المنطقة العربية بالإيجابية، مقابل 31% قالوا إنها سلبية.
قيّمت أغلبية المستجيبين في كلّ بلد من البلدان المستطلعة السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية بالإيجابية، باستثناء الرأي العام في ثلاثة مجتمعات، هي: مصر، ولبنان، والعراق.
وتوافقت أكثرية الرأي العام في المنطقة العربية وبنسبة 64% على أنّ السياسات الخارجية الإيرانية في المنطقة العربية "سلبية" أو "سلبية إلى حدٍّ ما".
في حين قال 21% إنّها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما". إنّ نسبة الذين جزموا بأنّ سياسات إيران إيجابية كانت 7%، مقابل سبعة أضعافهم، 49% جزموا بأنها سياسات سلبية.
وبحسب النتائج، فقد تصدّرت أولويات نحو نصف المستجيبين (47 %) مشكلات البطالة، وارتفاع الأسعار، وسوء الأوضاع الاقتصادية والفقر، فيما أورد 18 % مشكلات غياب الأمن والأمان، وخطر الإرهاب والانقسام الجهوي والإثني، وعدم الاستقرار السياسي، ومخاطر التدخل الخارجي والاحتلال الإسرائيلي.
كما اعتبر 20% من المستجيبين ضعف الخدمات العامة، والفساد المالي والإداري، والحكم وسياساته والانتقال الديمقراطي، مشكلات تقع في إطار سياسات الحكم ومؤسساته في البلدان العربية، حيث توافق نحو نصف مواطني المنطقة العربية على أنّ المشكلات ذات الطبيعة الاقتصادية؛ من بطالة، وفقر، وارتفاع أسعار، وسوء أوضاع اقتصادية، هي المشكلات الأهمّ التي تواجهها بلدانهم.
وشمل الاستطلاع الميداني الذي أجري في موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، بين ديسمبر/كانون الأول2017 وأبريل/ نيسان الماضي، 18830 مستجيبًا ومستجيبة أُجريت معهم مقابلات شخصية وجاهية ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، بهامش خطأ يتراوح بين 2 و3%
وتُبرز اتجاهات الرأي العامّ في البلدان المُستطلَعة آراء مواطنيها تبايناتٍ ذات أهمية في المشكلات التي ركّز عليها المستجيبون بين بلد وآخر؛ فقد كان التركيز على القضايا الاقتصادية، خصوصًا البطالة وارتفاع الأسعار، في الأردن، والمغرب، وموريتانيا، والسودان وتونس، إذ إن نحو ثلثي المستجيبين في تلك البلدان ركزوا على الأوضاع الاقتصادية، وتصل النسب إلى أكثر من 80% في الأردن والسودان.
في حين أنّ الرأي العام في بلدان أخرى ركز أكثر من غيره على غياب الأمن والأمان وخطر الإرهاب؛ فقد ركز نحو خمس العراقيين والمصريين على هذا الأمر، وذكر ذلك 10% من الرأي العام التونسي، إلا أن التركيز على عدم الأمان تراجع في الاستطلاع الحالي (2017/ 2018) في غالبية البلدان، خصوصاً في العراق ولبنان وتونس، مقارنة باستطلاعي 2016، و2015. وحظي ضعف الخدمات العامة بأكثر من ربع الرأي العام في الكويت والمغرب ومصر وموريتانيا.
ويجد الرأي العام السعودي، بنسبة غير مسبوقة (13%)، أنّ أهم مشكلة تواجهها السعودية اليوم هي السياسات الخارجية لبلدهم ومخاطر خارجية، في إشارة واضحة إلى الحرب في اليمن.
وكان التركيز على الاحتلال الإسرائيلي وما يتعلق به من بناء المستوطنات والحواجز والحصار على قطاع غزة والقدس هو الأعلى بين مستجيبي فلسطين (الضفّة الغربية، وغزّة) بنسبة 51% من المستجيبين، وهذا مفهوم في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي، وفي ضوء حالة الانقسام بين الضفّة الغربية وغزّة.
مصادر التهديد
تُعدّ إسرائيل الأكثر تهديدًا لأمن بلدان المنطقة العربية. وهناك رأي عام يفرض نفسه من الناحية الإحصائية في كلّ دولةٍ، مفاده بأنّ إسرائيل هي الدولة الأكثر تهديدًا لأمن بلده. وتتفاوت نسبة هذا التيّار من دولةٍ إلى أخرى؛ إذ عبّرت عن هذا الرأي أكثرية الفلسطينيين واللبنانيين بنسبة 70%، و73% على التوالي، وأكثر من نصف المصريين، وأكثر من ثُلث الأردنيين، ونحو رُبع المستجيبين في السودان.
وفي السياق نفسه، رأى نحو ثلث السودانيين، والعراقيين أن الولايات المتحدة تمثل مصدر التهديد الرئيس لبلديهم، وكذلك خمسة الفلسطينيين، والتونسيين، والكويتيين. وتمثّل إيران أيضًا مصدرَ تهديدٍ، بحسب وجهة نظر نصف الكويتيين والسعوديين، ونحو ربع العراقيين.
ويذكر بعض مستجيبي البلدان العربية بلدانًا مجاورةً لبلدانهم، أو بلدانًا تقع في إقليمهم ضمن الدول التي تُعدّ مصدر تهديد لأمن بلدانهم، لأسباب مختلفة؛ فقد ذكر ذلك 30% من الرأي العامّ المغربي، ونحو رُبع السودانيين، و13% من التونسيين. كما ذكر مستجيبو بعض البلدان العربية بلدانًا مجاورةً، أو من الإقليم نفسه، يسود علاقات دولهم بها التوتر أو شبه التوتر؛ كما هي الحال بين مستجيبي الجزائر والمغرب، ومستجيبي السودان والعراق الذين أوردوا، أيضًا، دولًا عربيةً في أقاليمهم رأَوا أنها تمثّل مصادر تهديد لبلدانهم.
وعند احتساب معدّل للدول التي أوردها المستجيبون على أنّها مصدر تهديد لبلدانهم، حلّت إسرائيل في المرتبة الأولى بنسبة 29% من المستجيبين، تليها الولايات المتحدة بنسبة 15%، ثمّ إيران بنسبة 13%، وجاءت دولٌ عربية مجاورة، أو في الإقليم، بنسبة 10%.
الديمقراطية
خلصت نتائج الاستطلاع إلى أنّ الأغلبية الكبرى من مواطني المنطقة العربية قادرة على تقديم تعريف ذي دلالة لمفهوم الدّيمقراطية؛ إذ قدّم 87% من المستجيبين إجابة ذات محتوى ودلالة عند سؤالهم عن أهمّ شرط يجب توافره في بلدٍ ما حتّى يُعدّ بلدًا ديمقراطيًّا. أمّا الذين أجابوا بـ "لا أعرف" أو رفضوا الإجابة، فقد كانت نسبتهم 13% من المستجيبين.
وانقسم الرأي العامّ في المنطقة العربية إزاء مقولة "إنّ مجتمعنا غير مهيأ لممارسة النظام الديمقراطي" ما بين مؤيد ومعارض؛ إذ وافق على هذه العبارة 48%، مقابل معارضة 42%.
وتتباين اتجاهات الرأي من بلد إلى آخر نحو هذه المقولة؛ ففي حين كانت أكثرية الأردنيين (56%)، واللبنانيين (51%)، والكويتيين (67%)، والمصريين (54%)، والمغاربة (52%)، والموريتانيين (61%) رافضة هذه المقولة، فإنّها تجد تأييدًا لدى التونسيين (64%)، والعراقيين (65%).
وانقسم الرأي العامّ في البلدان العربية الأخرى بين من يوافق على أنّ مجتمعاتنا غير مهيأة للديمقراطية، ومن يرفض هذه المقولة. عبرت الكتلة الأكبر من السعوديين 39% عن رفضها للمقولة، مقابل موافقة 31% منهم عليها في حين لم يبدِ 30% رأيًا تجاه هذا الموضوع.
وأظهرت نتائج المؤشر أنّ تقييم مستوى الديمقراطية في البلدان العربية المستطلعة آراء مواطنيها 5.5 نقاط، وهو في منتصف المقياس الرقمي.
وتتباين تقييمات المستجيبين لمستوى الديمقراطية في بلدانهم؛ فقد قيّم المستجيبون مستوى الديمقراطية في بلدانهم جميعًا بعلامة 6 نقاط فما هو أدنى، وكان أعلى مستوى للديمقراطية هو الذي عبّر عنه مستجيبو السعودية، الذين أفادوا أن مستوى الديمقراطية هو 7.5 نقاط مع العلم أن 24% لم يبدوا رأيًا في هذا السؤال. تليها الكويت حيث تم تقييم مستوى الديمقراطية بـ 6.9 نقاط، ثمّ الأردن بـ 6.2 نقاط، فموريتانيا 5.9 نقاط، وفي لبنان 5.8 نقاط. وكان التقييم أقلّ من 5 نقاط في العراق، وفلسطين، والسودان.
وقيّم الرأي العام مستوى قدرة المواطن على انتقاد الحكومة بـ 5.6 نقاط من أصل 10 نقاط وتعدت ستّ بلدان عربية حاجز 6 نقاط من أصل عشر نقاط، بينما كانت أقل من 5 نقاط في فلسطين، والسودان. وجاءت السعودية في أدنى مستوى، إذ قيّم السعوديون قدرة المواطن على انتقاد الحكومة بـ 3.1 نقاط من أصل 10 نقاط.
وأظهرت النتائج أنّ 49% من المستجيبين يرون أنّ الثورات والاحتجاجات التي حدثت في عام 2011 كانت "إيجابية"، مقابل 39% رأوا أنّها "سلبية". وهنالك شبه إجماع بين المصريين (79%)، والكويتيين (72%)، على أنّ الثورات 2011 واحتجاجاتها هي أمرٌ إيجابي. في حين سُجّلت أعلى النسب التي عَدّت الثورات التي جرت عام 2011 سلبيةً في الأردن بنسبة 72%، والعراق بنسبة 48، إضافة إلى 55% من الرأي العام السعودي الذي عَدَّ ثورات 2011 أمرًا سلبيًا، مقابل 15% اعتبروها إيجابية، مع ملاحظة أن 30% من المستجيبين السعوديين، قالوا إنهم لا يعرفون أو رفضوا الإجابة.
الحكومات غير جدية
وأظهرت نتائج المؤشر العربي أنّ الرأي العامّ في المنطقة العربية غير متفائل بجدية حكومات بلدانه في العمل على حلّ المشكلات التي قالوا إنّها أهمّ مشكلة تواجهها بلدانه؛ إذ يرى 9% فقط من الرأي العامّ أنّ دولهم "جادّة جدًّا" في العمل على حلّ هذه المشكلات. وأفاد 24% من المستجيبين أنّ دولهم "جادّة إلى حدّ ما" في العمل على حلّ هذه المشكلات.
وفي المقابل، أفاد 31% من المستجيبين بأنّ حكومات بلدانهم "غير جادّة على الإطلاق" في حلّ هذه المشكلات. وبناء عليه، فإن 37% لديهم ثقة بأن الحكومة جادة في معالجة مشكلات بلدانهم مقابل 61% ليس لديهم ثقة بذلك. وأفاد 30% أنّ دولهم "غير جادّة إلى حدّ ما" في حلّ هذه المشكلات.
وترى أكثرية مستجيبي السعودية أنّ حكومتهم جادّة في معالجة المشكلات التي تواجهها بلادهم. في حين أنّ الرأي العامّ في مصر وموريتانيا منقسمٌ حول جدّية الحكومات.
وعبّرت أغلبية المستجيبين في باقي البلدان المستطلعة عن عدم جدّية حكوماتها في معالجة هذه المشكلات، بل هنالك شبه توافق على عدم جدية الحكومات في لبنان والعراق والأردن في البحث عن حلّ.
الهجرة
وقد أظهرت النتائج أنّ 26% من المستجيبين "يرغبون أو ينوون" الهجرة إلى الخارج، مقابل 73% لا يرغبون في ذلك. وتشير النتائج، بحسب البلدان المستطلعة، إلى أنّ ما يزيد قليلًا على نصف المستجيبين في السودان يرغبون في الهجرة، في حين بلغت النسبة نحو الثلث أو أكثر في كل من المغرب والأردن والعراق.
وراوحت نسبة الذين أفادوا بأنهم يرغبون في الهجرة بين ربع المستجيبين وخُمسهم في كل من تونس وفلسطين والعراق وموريتانيا والأردن. وكانت أقلّ نسبة، في هذا الشأن، في الكويت والسعودية؛ إذ عبّر 8% من الكويتيين و5% من السعوديين عن رغبتهم في الهجرة.
وأفاد نحو نصف العراقيين الذين يرغبون في الهجرة أنّ دافعهم تحسين الأوضاع الاقتصادية، في حين كان دافع النصف الآخر هو عدم الاستقرار الأمني (30%)، وأسباب سياسية (11%). ورأى 38% من السعوديين أن دوافعهم للهجرة هي نتيجة أسباب سياسية، كما أنّ أكثر من ربع الفلسطينيين، و14% من اللبنانيين، و10% من السعوديين، و9% من المصريين الراغبين في الهجرة، عزوا رغبتهم في الهجرة إلى عدم الاستقرار الأمني، في حين عزا 38% من السعوديين، و10% من المغاربة و9% من التونسيين، و5% من الفلسطينيين رغبتهم في الهجرة إلى أسباب سياسية.
الأمان
يشير تقييم المستجيبين لمستوى الأمان في مناطق سكنهم إلى أنّ أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين قيّموا مستوى الأمان في مناطق سكنهم بأنّه إيجابي (29% "جيّد جدًّا"، و51% "جيّد")، مقابل 20% قيّموه سلبيًّا (15% "سيّئ"، و5% "سيّئ جدًّا").
وكان هناك شبه إجماعٍ بين مستجيبي الكويت والسعودية والأردن والعراق، (بنسبٍ راوحت بين 80% و99%) على التقييم الإيجابي لمستوى الأمان في مناطق سكنهم. في حين بلغت نسبة الذين أفادوا أنّ مستوى الأمان "جيّد" و"جيّد جدًا" في السودان، وتونس 77% و76% على التوالي.
وتراوحت نسبة الذين قيّموا مستوى الأمان في مناطقهم بـ "جيّد" و"جيّد جدًّا" بين 59% و68% في كل من لبنان والمغرب وفلسطين. وقال ربع المستجيبين أو أقلّ في كلٍ من الكويت ولبنان والمغرب والسودان وموريتانيا وفلسطين ومصر وتونس إنّ مستوى الأمان في بلدانهم "جيدة جدًا"، ووصلت هذه النسبة إلى 11% في كل من فلسطين ولبنان في حين كانت النسبة نحو نصف المستجيبين في الأردن.
الثقة بمؤسسات الدولة
تُولي أكثرية مواطني المنطقة العربية مؤسسةَ الجيش في دولها ثقةً عاليةً بنسبة 90% (وهي مجموع نسبتَي "ثقة كبيرة"، و"ثقة إلى حد ما")، إلا أن مستوى الثقة ينخفض عندما يتعلق الأمر بمؤسسات أخرى في الدولة؛ إذ يثق ما معدله 75% من المستجيبين في جميع البلدان بأجهزة الأمن العام/ الشرطة، مقابل 24% من المستجيبين عبروا عن عدم ثقتهم بها.
وحازت الأجهزة الأمنية من مخابراتٍ ومباحثَ وأمنِ دولةٍ ثقة 71% من المستجيبين، مقابل 23% عبروا عن عدم ثقتهم بهذه الأجهزة. وتوافَق 68% من المستجيبين على ثقتهم بالجهاز القضائي، في مقابل 29% عبروا عن عدم ثقتهم به.
وينخفض مستوى ثقة المواطنين أكثر عندما يكون السؤال متعلقًا بالثقة بالحكومات والمجالس التشريعية (التمثيلية) إلى أقل من النصف، فقد أفاد 55% من المستجيبين أن لديهم ثقةً بحكومات دولهم، مقابل 43% أفصحوا عن عدم الثقة بها، ولم تتجاوز نسبة الذين يثقون بالمجالس التشريعية (التمثيلية) 42%، مقابل 54% أفادوا أنهم لا يثقون بها.
وينطبق فقدان ثقة المستجيبين أيضًا على الأحزاب السياسية في الدول المُستطلَعة آراء مواطنيها؛ إذ قال 29% إن لديهم ثقةً كبيرةً، أو ثقةً إلى حد ما، بالأحزاب السياسية، مقابل 66% قالوا إنهم لا يثقون بالأحزاب. وإذا اعتُبرت نسبة 50% من الثقة تعكِس حد نجاح هذه المؤسسات، فإن الحكومات تجاوزت حد النجاح بقليل، بينما تُعد المجالس التشريعية والأحزاب السياسية مؤسسات غير ناجحة.
وأظهرت نتائج المؤشر في استطلاع 2017/ 2018 أن مستويات الثقة بمؤسسة الجيش في ارتفاع مقارنةً بتلك التي ظهرت في استطلاعات الأعوام السابقة 2016 و2015 و2014 و2012/ 2013 و2011؛ إذ ارتفعت نسبة الذين يثقون بهذه المؤسسة (ثقة كبيرة، وثقة إلى حد ما) من 77% في استطلاع 2011 إلى 79% في استطلاع 2012/ 2013 وإلى 80% في عام 2014، وإلى 83% في استطلاع 2015، وإلى 87% في استطلاع 2016، وصولًا إلى 90% في استطلاع 2017/ 2018.
أما على صعيد الثقة بأجهزة الأمن العام (الشرطة)، يكاد يكون هناك شبه إجماع عليها بين مستجيبي السعودية، والأردن، والكويت، بل إن النصف إلى أكثر من ثلثَي المستجيبين في هذه البلدان عبروا عن "ثقة كبيرة" بمؤسسة الأمن العام.
إلا أن هذه الثقة الكبيرة انخفضت إلى مستويات الثلث أو أقل من ذلك عند مستجيبي البلدان الأخرى المستطلعة آراؤها مثل مصر، والمغرب، وتونس، والعراق، وموريتانيا. في حين عبر ما نسبته 40% من مستجيبي فلسطين، و40% من مستجيبي السودان، وكذلك 34% من مستجيبي لبنان عن عدم ثقتهم بأجهزة الأمن العام في بلدانهم.
وحازت أجهزة أمن الدولة التي تنشط في أعمال أمنية داخلية (من مخابراتٍ، ومباحثَ، واستخباراتٍ) ثقةَ 71% من مستجيبي المنطقة العربية، مقابل 23% عبروا عن عدم ثقتهم بهذه الأجهزة.
وتشير نتائج تحليل مستويات الثقة، بحسب بلدان المستجيبين، إلى أن أعلى مستوى ثقة بأجهزة المخابرات كان بين مستجيبي السعودية، والأردن، والكويت. في حين كان مستوى الثقة بهذه الأجهزة أقل عند الفلسطينيين، والسودانيين، والموريتانيين.
وعبّر 68% من الرأي العام في المنطقة العربية عن ثقتهم بجهاز القضاء، مقابل 29% أفادوا أنهم لا يثقون به؛ أي إن مستوى الثقة بالقضاء كان أقل، جوهريًا، مقارنة بالجيش والحكومات، وعلى نحو طفيفٍ مقارنةً بالأمن العام والشرطة وأجهزة المخابرات. إلا أنّ جهاز القضاء حاز نسبةَ ثقة عالية بين المستجيبين مقارنةً بالثقة التي أحرزتها السلطة التشريعية والحكومة.
ويكاد يكون الرأي العام في مصر والسعودية والأردن والسودان متوافقًا على ثقته بجهاز القضاء؛ إذ أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين في هذه البلدان عبرت عن "ثقةٍ كبيرة" أو "ثقةٍ إلى حد ما" بجهاز القضاء.
وتنخفض نسبة الثقة بالقضاء في البلدان الأخرى مثل: تونس، والمغرب وموريتانيا ولبنان إلى نحو ثلثَي المستجيبين، ووصلت نسبة الثقة في فلسطين إلى 57%، وفي العراق إلى 46%، وقد سجلت انخفاضًا عن عام 2016 عندما بلغت 59% و36% على التوالي.
ويشير النمط العام في المنطقة العربية إلى أن المؤسسات العسكرية (الجيش مثلا)، والمخابرات والأمن العام، تحوز ثقةَ المواطنين، بنسبٍ أكثر ارتفاعًا من التي تحوزها الحكومات. لقد عبر 55% من مواطني المنطقة العربية عن ثقة بمؤسسة الحكومة. مقابل 43% عبروا عن عدم ثقتهم بها؛ أي إن الرأي العام شبه منقسم إزاء هذا الموضوع. ومن المهم الإشارة إلى أن ثقة المواطنين بمؤسسة الحكومة تختلف من دولةٍ إلى أخرى.
وقد خلصت النتائج إلى أن أكثرية المستجيبين السعوديين، والمصريين، والكويتيين، بنسب تزيد عن الثلثين، تولِي حكوماتها ثقةً أكبر من التي يُوليها المستجيبون في بقية الدول لحكوماتهم، ونحو نصف المستجيبين في موريتانيا وتونس أفادوا بأنهم يثقون بحكومات بلدهم. في حين انقسم الرأي العام في كل من فلسطين، والأردن، والمغرب، ولبنان، والسودان، نحو مدى ثقته بمؤسسة الحكومة. وعبرت أكثرية العراقيين والسودانيين عن عدم الثقة بحكوماتها بنسبة 60% و58% على التوالي.
وعبّرت أكثرية مواطني المنطقة العربية عن عدم ثقتها بالمجالس التشريعية بنسبة 57% مقابل 42% أفادوا بأنهم يثقون بها، على الرغم من أن النمط العام في الدول المستطلَعَة آراء مواطنيها هو عدم ثقة المواطنين بالمجالس التشريعية (التمثيلية)، فإن أكثرية السعوديين والكويتيين والمصريين تثق بالمجلس التشريعي (التمثيلي)، وكانت أعلى نسبة ثقة قد سُجلت في السعودية 77%، ثم مصر بنسبة 65%، ثم الكويت 59%.
أما في موريتانيا، فقد كانت نسبة ثقة المواطنين بالمجالس التشريعية (التمثيلية) في هذا الاستطلاع 52%، مقابل 43% لا يثقون بها. في حين عبرت أغلبية المستجيبين العراقيين، والأردنيين، والمغاربة، والتونسيين، والسودانيين عن عدم ثقتها بمجالسها التشريعية (التمثيلية). وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك شبه إجماع بين العراقيين والأردنيين في عدم ثقتهم بالمجلس التشريعي بنسبة بلغت 80% من المستجيبين العراقيين والأردنيين.
وأفاد 29% بأنهم يثقون بالأحزاب السياسية، مقابل 66% قالوا إنهم لا يثقون بها. ومن الجدير بالملاحظة أن 41% قالوا إنهم لا يثقون على الإطلاق بالأحزاب السياسية، مقابل 25% فقط عبروا عن ثقةٍ كبيرةٍ بالأحزاب السياسية. ويتوافق أغلبية المستجيبين في البلدان المُستطلعة آراء مواطنيها على عدم الثقة بالأحزاب، بنسبٍ تراوح بين 45% و87% من المستجيبين، باستثناء الرأي العام المصري؛ إذ أفاد 48% أنهم يثقون بالأحزاب السياسية مقابل 45% لا يثقون بها.
الوضع السياسي
يُقيّم مواطنو المنطقة العربية الوضع السياسي في بلدانهم، بصفةٍ عامة، تقييمًا سلبيًا؛ إذ وصف نحو 39% من مستجيبي المنطقة العربية الوضع السياسي في بلدانهم بأنّه إيجابي (جيّد جدًّا، أو جيّد)، مقابل 55% قيّموا الوضع السياسي في بلدانهم بأنّه سلبي (سيّئ، أو سيّئ جدًّا). بل إنّ 10% فقط من الرأي العامّ في المنطقة العربية أفادوا بأنّ الوضع السياسي في بلدانهم "جيّد جدًّا"، مقابل 24% أفادوا أنّ الوضع السياسي "سيّئ جدًّا".
وقيّمت أكثرية مستجيبي السعودية، ومصر والكويت، والأردن وموريتانيا، الوضع السياسي في بلدانها بأنّه إيجابي، لكن أكثرية المستجيبين في البلدان الأخرى قيّمت الأوضاع السياسية في بلدانها بأنّها سلبية. ويكاد يُجمع مستجيبو لبنان بنسبة 88%، وفلسطين 84%، والعراق وتونس بنسبة 80% لكل منهما، والسودان بنسبة 79%، على أنّ الأوضاع السياسية في بلدانهم "سيّئة" أو "سيّئة جدًّا"، في حين انقسم الموريتانيون حول تقييم الوضع السياسي في بلدهم.
وجدير بالملاحظة أنّ نسب المستجيبين في هذه البلدان التي قيّم مستجيبوها الوضع السياسي بأنّه إيجابي، هي أقلّ على نحوٍ جوهري من الذين قيّموا الوضع الأمني بأنّه إيجابي، وهي شبه مطابقة لتقييمهم الوضع الاقتصادي.
وعند مقارنة نتائج استطلاع 2017/ 2018 بنتائج الاستطلاعات السابقة بحسب البلدان، يتبيّن أنّ تقييم المستجيبين الوضع السياسي في مصر يمثل مفاجأة؛ إذ ارتفع التقييم الإيجابي ارتفاعًا ملحوظًا وغير تدريجي عن ذلك الذي سجل في استطلاع 2016، ويبقى تفسير هذا الارتفاع في المؤشرات العامة في مصر في حاجة إلى تدقيق، خصوصا أنه لا يتسق مع التقييم السلبي للأوضاع الداخلية، عندما تكون الأسئلة تفصيلية.
ومن المهم الإفادة بأنّ ارتفاع التقييم الإيجابي هنا كان نتيجة ارتفاع نسبة الذين قالوا إن الوضع السياسي "جيد" وثبات نسبة الذين قالوا إن الوضع السياسي "جيد جدًا".
وتجدر ملاحظة ارتفاع في التقييم الإيجابي للأوضاع السياسية في العراق، مع أنّ الأغلبية ما زالت توصف الوضع السياسي بالسلبي. في حين انخفض التقييم الإيجابي للوضع السياسي في الأردن، والكويت، وموريتانيا، والسودان، وتونس وفلسطين. وكان شبه ثابتٍ في السعودية، والمغرب.
السياسة الخارجية
أظهرت النتائج انقسام الرأي العام العربي نحو هذا الموضوع؛ إذ أفاد 50% من الرأي العام في المنطقة العربية أن سياسات بلدانهم الخارجية تعبر عن آراء المواطنين إلى حد بعيد أو إلى حد ما. في المقابل، قال 42% إنها لا تعبر عن آراء المواطنين. في حين أفادت أغلبية مستجيبي السعودية، والكويت، ومصر، وموريتانيا، والمغرب، وتونس أن سياسة بلدانهم الخارجية تُعبر عن آراء المواطنين بنسبٍ راوحت بين 77% و51%.
وفي المقابل، عبرت أغلبية الرأي العام في كل من السودان (55%)، وفلسطين (59%)، والعراق (67%)، ولبنان (69%)، عن عدم رضاها عن سياسات حكوماتها الخارجية، وانقسم الرأي العام حيال ذلك في الأردن.
وعلى الرغم من أن نسبة الذين لم يُبدوا رأيًا، أو رفضوا الإجابة في الدول المُستطلَعَة آراء مواطنيها كانت بمعدل 8% في استطلاع 2017/ 2018، فإنّه من المهم الإشارة إلى أن هذه النسبة وصلت إلى 25% في السعودية، و19% في المغرب، و10% في مصر.
أما على صعيد تقييم الرأي العام لسياسات حكوماته الاقتصادية، فقالت أكثرية الرأي العام (57%) إن سياسات حكوماتهم الاقتصادية لا تعبر عن آرائهم، مقابل 38% من المستجيبين أفادوا أن هذه السياسات تُعبر عن آراء المواطنين.
وأفادت أكثرية المستجيبين في كل من السعودية، ومصر، ونصف المستجيبين في موريتانيا، أن هذه السياسات تُعبر عن آراء المواطنين.
في المقابل، أفاد أقل من نصف المستجيبين في كل من تونس (39%) والكويت (25%)، والمغرب (39%)، والأردن (36%)، والسودان (24%) أن سياسات بلدانهم الاقتصادية الداخلية تُعبر عن آراء المواطنين.
وتصل هذه النسبة إلى نحو أقل من ربع المستجيبين في الكويت، ولبنان، والعراق؛ إذ قال 75% من الرأي العام العراقي، و75% من الكويتيين، و76% من الرأي العام اللبناني، إن سياسات بلدانهم الاقتصادية لا تُعبر عن آراء المواطنين.
الفساد المالي والإداري
اتضح أن الرأي العام العربي في مُجمله (77%) يعتقد أن الفساد المالي والإداري منتشرٌ (منتشر جدًا، ومنتشرٌ إلى حدٍ ما) في البلدان المُستطلعة آراؤها.
ويعتقد نحو نصف الرأي العام (46%) أن الفساد المالي والإداري منتشر جدًا في بلدانه. وفي المقابل، فإن نسبة الذين يعتقدون أن الفساد غير منتشرٍ على الإطلاق في بلدان المنطقة العربية هي 6%، في حين يعتقد 15% من المستجيبين أن الفساد منتشرٌ إلى حد قليل جدًا.
وهذا يشير، بوضوح، إلى أن الرأي العام في المنطقة العربية مجمعٌ، بنسبة 91%، على أن الفساد منتشرٌ بدرجات متفاوتة في بلدانه ، وراوحت نسبة الذين يفيدون أن الفساد غير منتشرٍ في بلدانهم، بين 1%، كما هي الحال في تونس، و3% في كل من مصر، والأردن، والعراق، والمغرب، و17% كما تشير النتائج في السعودية.
تطبيق القانون بالتساوي
يرى الرأي العام العربي أنّ الدولة غير ناجحة في تطبيق القانون بين الناس بالتساوي؛ إذ توافق نحو 28% من المستجيبين (كمعدل بين البلدان التي شملها الاستطلاع) على أن الدولة تُطبق القانون بالتساوي بين الناس إلى حدٍ بعيد، مقابل نحو خُمس المستجيبين (18%) أفادوا أن الدولة لا تُطبق القانون بالتساوي بين الناس على الإطلاق. ويَميل نصف الرأي العام العربي 52% إلى القول إن الدولة تُطبق القانون بين الناس لكنها تحابي بعض الفئات. وهذا، في جوهره، يعني أن الدولة لا تُطبق القانون بالتساوي بين الناس.
الوطن العربي
أفادت نتائج المؤشر بأنّ أكثر من ثلث المستجيبين (35%) يرى أنّ سكان الوطن العربي هم أمّة واحدة ذات سماتٍ واحدة تفصل بينها حدودٌ مصطنعة. في حين يرى 42% من المستجيبين في البلدان المُستطلَعة آراء مواطنيها أنّ سكان الوطن العربي أمّةٌ واحدة، وإن تميَّز كلّ شعبٍ من شعوبها بسماتٍ مختلفة.
في المقابل، يرى 19% منهم أنّ سكان الوطن العربي أممٌ وشعوب مختلفة لا تربط بينها سوى روابط ضعيفة. وهذا يبرز أنّ أكثرية مواطني المنطقة العربية، بنسبة 77% من المستجيبين، ترى أنّ سكان الوطن العربي يمثّلون أمّةً واحدة، وإن اختلفوا على مدى التّمايز ومستواه بين شعوب البلدان العربية.
وأفاد 79% من إجمالي المستجيبين أنّ السياسات الأميركية في المنطقة "سلبية" أو "سلبية إلى حدٍّ ما"، مقابل 12% أفادوا أنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما".
وينطبق الأمر نفسه على تقييم السياسات الإيرانية؛ فقد قيّم 64% من الرأي العام العربي السياسة الإيرانية في المنطقة بأنها "سلبية" أو "سلبية إلى حدٍ ما"، مقابل 21% قالوا إنّها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما".
وكان تقييم الرأي العام العربي السياسات الروسية تقييمًا سلبيًّا أيضًا؛ إذ توافق 55% من الرأي العام على ذلك، مقابل 26% وصفوا هذه السياسات بأنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما".
وتوافقت أغلبية الرأي العام على سلبية السياسات الفرنسية بنسبة 46%، مقابل 37% أفادوا أنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍ ما".
أما على صعيد تقييم السياسات التركية والصينية فقد كان الرأي العام أكثر إيجابية منها تجاه إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا؛ إذ تشير النتائج إلى أنّ 54% من المستجيبين أفادوا أن السياسة الخارجية التركية في المنطقة العربية كانت إجمالًا إيجابية وإيجابية إلى حدٍ ما؛ في حين رأى 31% أنّها سياسات سلبية.
ينطبق الأمر نفسه إلى حدٍّ ما على السياسة الخارجية الصينية؛ إذ ينقسم الرأي العام تجاه السياسات الصينية، فهناك 44% وصفوها بأنها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما"، مقابل 32% أفادوا أنها سلبية، في حين أن 24% أفادوا أنهم لا يعرفون إذا كانت إيجابية أم سلبية، وقيّم 54% من الرأي العام العربي السياسات التركية في المنطقة العربية بالإيجابية، مقابل 31% قالوا إنها سلبية.
قيّمت أغلبية المستجيبين في كلّ بلد من البلدان المستطلعة السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية بالإيجابية، باستثناء الرأي العام في ثلاثة مجتمعات، هي: مصر، ولبنان، والعراق.
وتوافقت أكثرية الرأي العام في المنطقة العربية وبنسبة 64% على أنّ السياسات الخارجية الإيرانية في المنطقة العربية "سلبية" أو "سلبية إلى حدٍّ ما".
في حين قال 21% إنّها "إيجابية" أو "إيجابية إلى حدٍّ ما". إنّ نسبة الذين جزموا بأنّ سياسات إيران إيجابية كانت 7%، مقابل سبعة أضعافهم، 49% جزموا بأنها سياسات سلبية.