أفرزت الانتخابات النيابية العامة في العراق، التي أجريت أول من أمس السبت، متغيرات كثيرة، ليس على مستوى تراجع سيطرة الكتل الإسلامية الرئيسية على البرلمان وتوزع الأصوات بين الكتل المتنافسة، أو تصاعد شعبية التيار المدني فحسب، بل لأنها ستطوي معها وجوها سياسية ألفها العراقيون منذ الاحتلال الأميركي لبلادهم إلى غاية الآن.
وتشير تسريبات حصل عليها "العربي الجديد" إلى أن كلا من زعيم المجلس الإسلامي الأعلى، همام حمودي، والقيادية في ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، عالية نصيف، والوجه الأبرز في قائمة إياد علاوي "ائتلاف الوطنية"، ميسون الدملوجي، يعتبرون أبرز الخاسرين، تليهم أسماء أخرى مثل صادق الركابي وعامر الخزاعي وعلي العلاق، وموفق الربيعي ومحمد المولى، وجاسم جعفر، وعدنان الأسدي، فيما يتم تداول أسماء أخرى بارزة على أنها لم تصل إلى العتبة الانتخابية من الأصوات، ولم يتسنّ التأكد من ذلك.
ومن المقرر أن تعلن في وقت لاحق من هذا اليوم مفوضية الانتخابات العراقية النتائج النهائية، وفقا لما أعلنته أمس الأحد في مؤتمرها الصحافي من بغداد.
أما أبرز الذين تراجعوا في الانتخابات وفقدوا أكثر من ثلثي مقاعدهم فهم ائتلاف نوري المالكي، حيث تراجع عن الانتخابات الماضية، التي حقق فيها 92 مقعدا برلمانيا، إلى 25 مقعدا فقط، وفقا للنتائج الأولية للانتخابات في عموم مدن العراق، يضاف إليه "تيار الحكمة" الذي أسسه قبل أشهر من الآن الزعيم الشيعي عمار الحكيم، عقب خروجه من "المجلس الأعلى"، يليه "المجلس الأعلى" بزعامة همام حمودي، و"الفضيلة" بزعامة عمار الطعمة، بعدد مقاعد لا تتجاوز العشرين مقعدا لكل منهم.
وبحسب أرقام ونتائج المفوضية لأصوات المرشحين، فإن المالكي حصل على 91 ألف صوت، بينما حصل في انتخابات 2014 على مليون و246 ألف صوت، كما حصل علاوي على 46 ألف صوت في هذه الانتخابات، بينما حصل في الانتخابات السابقة على 982 ألف صوت، وأسامة النجيفي الذي نال نصف مليون صوت في الانتخابات الماضية حصل بالكاد في مسقط رأسه (الموصل) على 21 ألف صوت، بينما حقق رئيس الوزراء حيدر العبادي 75 ألف صوت، وهو ارتفاع كبير عن الانتخابات الماضية التي حصل فيها على ألفي صوت فقط.
وتظهر الأرقام التي اعتمدت على النتائج الأولية، التي أعلنتها مفوضية الانتخابات في عدد من المحافظات العراقية حتى مساء اليوم الاثنين، تقدم قائمة "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر بواقع 54 مقعدا، تلتها قائمة "الفتح" التي تمثل مليشيات "الحشد الشعبي" بـ44 مقعدا، وفي المرتبة الثالثة حلت قائمة "النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي بعدد مقاعد بلغ 42 مقعدا، تلتها قائمة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بـ24 مقعداً، ومن ثم قائمة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي باثنين وعشرين مقعداً، وهي نتائج أولية يعتقد أنها ستتغير بعد إضافة أصوات ناخبي الخارج وقوات الجيش والشرطة، ونزلاء السجون، إلى باقي نتائج الاقتراع العام.
العبادي يدعو لاحترام نتائج الانتخابات
على صعيد متصل، دعا رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، الاثنين، الكتل السياسية والمواطنين إلى "احترام نتائج الانتخابات"، مبديا استعداده لـ"التعاون لتشكيل حكومة قوية".
وقال العبادي في كلمة متلفزة: "يجب على الكتل السياسية وعلى المواطنين أن يتعاملوا باحترام مع النتائج التي أفرزتها العملية الانتخابية في البلاد"، مشددا على "ضرورة التعامل مع الشكاوى والاعتراضات بموجب الطرق القانونية".
وأكد "لقد عملنا منذ أول يوم لتسلمنا هذه الحكومة عام 2014 على تحرير أرض العراق ومنع تمدد "داعش" إلى باقي المحافظات، وعملنا على تحقيق الأمن والاستقرار وإنهاء الطائفية بين العراقيين، وإزالة الحواجز والفوارق بين أبناء الشعب الواحد، وتوحيد جهودهم لمواجهة خطر الإرهاب، ومنع التقسيم والضياع الذي كان قاب قوسين أو أدنى".
وأضاف "عملنا على أن تكون الدولة قوية ومكانتها محترمة في محيطها الإقليمي والدولي، وأن تكون الحكومة خالية من الفساد والمحاصصة المقيتة، وهي الأولويات التي أوفينا بالجانب الأهم والأكبر منها، وسعينا بكل عزم إلى تحقيق بقية أهدافنا المعلنة بخطط وتوقيتات زمنية محسوبة، وبنوايا صادقة ومخلصة للعراق وشعبه".
وأكد العبادي أنّ حكومته "ستتحمل كامل المسؤولية الملقاة على عاتقها بقيادة البلاد وحمايتها والدفاع عن وحدتها ومصالحها وسيادتها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، والتي ستأخذ على عاتقها القيام بهذه المهمات الوطنية الجسيمة والحفاظ على المنجزات المهمة المتحققة وتعزيزها".
وأشار إلى "استعدادنا الكامل للعمل والتعاون لبناء وتشكيل أقوى حكومة ممكنة للعراق، خالية من الفساد والمحاصصة المقيتة، وغير خاضعة إلى أجندات أجنبية، وتمنع عودة الإرهاب، وتبعد البلاد عن الانجرار للصراعات الجانبية".