وأشارت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ اللجنة الفنية التابعة للصندوق التي أشرفت على مراجعة الإجراءات قبل الدفعة الثالثة من القرض، أخيراً، أكدت على خطورة "التوغّل الكبير للقوات المسلحة في الاقتصاد المصري، ودخولها كمستثمر في القطاعات البارزة كافة، في منافسة غير متكافئة مع غيرها من المستثمرين، بشكل يجعل من الصعب على أي مستثمر أجنبي أو محلي الاستمرار في السوق المصرية".
وأوضحت المصادر، أنّ مسؤولي الصندوق سلّموا القاهرة قائمة بأسماء مستثمرين بارزين، خرجوا أخيراً من السوق المصرية، في حين خفّض آخرون حجم استثماراتهم بشكل كبير، بعد عجزهم عن المنافسة في قطاعات دخلت إليها القوات المسلحة، في ظلّ حزمة من الامتيازات الحصرية لها، التي تجعلها بلا منافس.
وفي أعقاب انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، واستيلاء وزير الدفاع حينها، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، على الحكم، سيطرت الشركات المملوكة للقوات المسلحة على السوق المصرية في المجالات كافة، وهو ما زاد من حجم تمثيل الجيش في الاقتصاد المصري. وجاء في مقدمة القطاعات التي باتت شركات تابعة للقوات المسلحة تسيطر عليها بشكل واضح، قطاع الإنشاءات، والاستثمار في مجال الإسكان والتطوير العقاري. فعلى سبيل المثال، يملك الجيش 51 في المائة من شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة التي تقدّر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار، كما يقوم الجيش في الوقت الراهن ببناء أكبر مصنع للإسمنت بمحافظة بني سويف جنوب القاهرة، بالإضافة إلى الاستثمارات المتعلقة بالمنتجعات السياحية، وإنشاء شركة متخصصة في مجال الاستزراع السمكي، فضلاً عن امتلاكه حصة في الرخصة الرابعة لشبكة المحمول "وي". كذلك، قامت كيانات استثمارية تعود ملكيتها باطنياً لأجهزة تابعة لوزارة الدفاع المصرية، بالسيطرة على صناعة الإعلام المصري والإنتاج السينمائي.
وانتهى أخيراً فريق من خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة سوبير لال، من إجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح في مصر، الذي يدعمه اتفاق لمدة ثلاث سنوات. وبحسب بيان رسمي صدر عقب إجراء المراجعة، فإن فريق خبراء صندوق النقد والحكومة المصرية، قد توصلوا إلى اتفاق على مستوى الخبراء، حول المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يدعمه الصندوق، حيث يخضع هذا الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق. وباستكمال هذه المراجعة، سوف يتاح لمصر الحصول على 1432.76 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي ملياري دولار أميركي)، ليصل مجموع المبالغ المصروفة في ظلّ البرنامج، إلى حوالي 8 مليارات دولار أميركي.
وما زالت الحكومة المصرية، وفقاً للصندوق، ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة، للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة لمعظم منتجات الوقود خلال 2019. فضلاً عن زيادة الإيرادات، من خلال إصلاحات السياسة الضريبية، في محاولة لإتاحة حيز لتمويل مشروعات البنية التحتية المهمة، وكذلك تمويل الإنفاق الضروري.
وكان صندوق النقد أكّد، كذلك، على هامش زيارة الوفد التابع له برئاسة ديفيد ليبتون، النائب الأول لمدير عام الصندوق، إلى القاهرة مطلع الشهر الجاري، على أنّ مصر ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة، للوصول بمستويات أسعار معظم منتجات الوقود إلى سعر التكلفة خلال 2019.
وتخطط الحكومة خلال العام المالي المقبل، لخفض مخصصات دعم المواد البترولية بنسبة 26 في المائة أي إلى نحو 89 مليار جنيه، ودعم الكهرباء بنسبة 47 في المائة أي إلى نحو 16 مليار جنيه، وذلك خلال موازنة العام المالي المقبل.