دخلت الولايات المتحدة على خط الانتخابات العراقية، إذ حذّرت أطرافا وقوى سياسية تسعى لإبطال نتائج انتخابات الثاني عشر من الشهر الجاري من هذا التوجه، مؤكدة أن من شأن هذا المسعى إدخال البلاد في حالة فوضى أمنية.
وقال مسؤول عراقي رفيع في بغداد، اليوم الأحد، إن الحراك الحالي، الذي يقوده أكثر من 150 نائبا بالبرلمان العراقي، المقرر أن تنتهي ولايته الشهر المقبل، والرامي لعقد جلسة طارئة للبرلمان لإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية، أو إلزام المفوضية بإعادة عملية العد والفرز لأصوات الناخبين، تراجع بشكل واضح بعد رسائل أميركية لعدد من الزعامات السياسية بأن إلغاء الانتخابات سيدخل البلاد في فوضى سياسية وأمنية خطيرة، وأنه لا يمكن القبول بها.
وأوضح المسؤول العراقي أن كلاً من رئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائبه همام حمودي، وهم من أبرز الخاسرين في الانتخابات، إذ لم يحصلوا على أصوات كافية تؤهلهم للعودة إلى قبة البرلمان، تلقوا "إشارات جدية" بشأن حراكهم، ووجوب الانخراط في محادثات تشكيل الحكومة القادمة ودعمها، لا العمل على العودة إلى المربع الأول.
وفشل البرلمان العراقي، خلال أقل من أسبوع واحد، في عقد جلسته الطارئة التي دعا لها رئيس البرلمان، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، كان آخرها أمس السبت، ما دعا الجبوري إلى تأجيلها ليوم غد الاثنين.
ووفقا لنتائج الانتخابات العراقية النهائية، فإن 232 نائبا بالبرلمان العراقي الحالي خسروا بالانتخابات ولن يكون بمقدورهم العودة إلى البرلمان، بينما اجتاز 97 منهم فقط القاسم الانتخابي وسيعودون لمقاعدهم البرلمانية مرة أخرى.
وسجلت أكثر من 3 آلاف شكوى حول عملية الاقتراع، تضمنت أدلة على عمليات تزوير وتلاعب بنتائج الانتخابات، وتحيز لموظفي مراكز الاقتراع الانتخابية لصالح أطراف سياسية دون غيرها، فضلا عن عمليات شراء أصوات وضغوطات على الناخبين، وتعمّد واضح لتغييب أصوات سكان مناطق دون غيرها، من خلال عدم فتح محطات اقتراع في مناطقهم، خاصة مخيمات النازحين، عدا عن مشاكل تقنية رافقت ساعات الاقتراع، من بينها تعطل الأجهزة، وإمكانية التحايل على شريحة التعرف الإلكترونية على بصمة الناخب.
ووفقا لوزير عراقي بارز في بغداد، تحدث عبر الهاتف لـ"العربي الجديد"، فإن "البرلمان الحالي يبدو وكأنه في واد آخر، حيث إن المباحثات والمفاوضات تسير بشكل سريع بين الكتل الفائزة بينما يحاول هو استصدار قرار إلغاء النتائج أو إعادة عملية العد والفرز"، مبينا أن " البرلمان قد يتمكن من إصدار قرار ما في حال اكتمل نصابه يوم غد الاثنين، لكن عمليا من المستحيل الاستجابة لأي قرار يتجه نحو إلغاء نتائج الانتخابات".
وأكد الوزير العراقي أن رسائل أميركية بهذا الخصوص حذرت من مغبة العودة للمربع الأول، وحدوث فوضى أمنية وسياسية في حال إلغاء نتائج الانتخابات، وضرورة القبول بها ودعم الإسراع بتشكيل حكومة جديدة.
في غضون ذلك، قال رئيس كتلة الجماعة الإسلامية الكردستانية، أحمد رشيد حمه، اليوم الأحد، إنه تم التوقيع من قبل 150 نائباً على طلب موجه إلى الأمم المتحدة لإعادة العد والفرز اليدوي لأوراق الاقتراع.
وقال حمه، في تصريحات لوسائل إعلام عراقية: "لم نيأس من مطالبنا بإعادة العد والفرز اليدوي، وكل الطرق متاحة أمامنا"، مضيفا أن "نحو 150 نائبا وقعوا على وثيقة موجهة إلى الامم المتحدة، نطالب فيها بإعادة العد والفرز اليدوي، كما أننا طرقنا أبواب السفارات ومنظمات المجتمع الدولي، وسننظم اعتصامات احتجاجا على تزوير النتائج، كما سنحرك الشارع أيضا وسنلجأ لكل الوسائل".
واليوم الأحد، ردت المحكمة الاتحادية العليا دعوى قضائية تقضي بعدم المصادقة على نتائج الانتخابات، بسبب شبهات تزويرها.
وأوضحت المحكمة، في بيان لها، أن "القضاء لا يعد خصما أو طرفا، والجهة المعنية بمثل هذه الأمور هي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ويمكن الطعن بنتائجها في محكمة التمييز الاتحادية".
إلى ذلك، أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني أن الغاء نتائج الانتخابات البرلمانية "سيقود العراق إلى الهاوية".
وقال القيادي في الحزب، هوشيار زيباري، في تصريحات صحافية، إن "محاولات إبطال النتائج من قبل بعض السياسيين والبرلمانيين الخاسرين في الانتخابات قد يسبب عواقب كارثية لأمن العراق واستقراره"، مشددا على "منع هذه المحاولات من دفع العراق نحو الفوضى العارمة".
وطالب زيباري المفوضية العليا للانتخابات والبعثة الأممية في العراق الداعمة فنيا للعملية الانتخابية بـ"زرع الثقة في عملية الانتخابات، ومعالجة الشكاوى والطعون وفق السياقات القانونية".