كشف وكيل الخارجية الإسرائيلي الأسبق، إيتان بن تسور، عن تفاصيل إضافية لمباحثات سرية جرت سابقاً بين كوريا الشمالية وإسرائيل، مطلع تسعينيات القرن الماضي، بهدف تدشين علاقات دبلوماسية.
وتضاف "المعلومات" التي كتبها بن تسور إلى ما سبق أن نشره الإعلام العبري في محطات مختلفة في عامي 2011 و2017، خصوصاً في القناة الإسرائيلية العاشرة وصحيفة "تايمز أوف إزراييل".
وفي مقال نشره اليوم الأربعاء "المركز اليروشلمي لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يعمل بن تسور حالياً باحثاً فيه، لفت الدبلوماسي السابق إلى أنه شخصياً رأس كمساعد لوكيل الخارجية الإسرائيلي حينها الوفد الإسرائيلي في هذه الاتصالات، مشيرا إلى أن هذه المباحثات أجريت في الوقت الذي تولى إسحاق رابين رئاسة الحكومة وشمعون بيريز وزارة الخارجية، في حين كان يتولى حكم كوريا الشمالية في ذلك الوقت مؤسسها كيم إيل سونغ، وهو جد الرئيس الحالي كيم جونغ أون.
وأضاف بن تسور أن الاتصالات مع كوريا الشمالية بدأت في أعقاب انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، الذي دعت إليه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عام 1991، مبرزا أن رجال أعمال أميركيين أبلغوه أن الوقت مناسب لبناء علاقة بين بيونغ يانغ وتل أبيب، بسبب تهاوي الأوضاع الاقتصادية وتدهور الوضع الصحي للزعيم إيل سونغ.
وأشار وكيل الخارجية الإسرائيلي الأسبق إلى أن تقديرات رجال الأعمال الأميركيين هذه، جاءت بناء على انطباعات تكرست لدى شركاء لهم من كوريا الجنوبية يقومون بالاستثمار داخل كوريا الشمالية، لافتاً إلى أن رجال الأعمال الكوريين الجنوبيين نقلوا صورة بالغة القتامة عن كوريا الشمالية في حينه، حيث إنهم توقعوا أن تتفكك البلاد كوحدة سياسية.
وذكر أنه نقل انطباعات رجال الأعمال الكوريين الجنوبيين إلى وزير الخارجية شمعون بيريز، الذي اقتنع بضرورة التحرك لبناء علاقات مع كوريا الشمالية، ووافق على بدء الاتصالات معها، وأوضح أن الاتصالات التي جرت في البداية بوساطة رجال الأعمال أسفرت عن قيام أول وفد إسرائيلي بزيارة بيونغ يانغ.
وأوضح بن تسور أن إسرائيل عمدت إلى استغلال الضائقة الاقتصادية الهائلة التي كانت تمر بها كوريا الشمالية في محاولة بناء علاقات معها، وأبرز أن الوفد الإسرائيلي الذي توجه برئاسته إلى بيونغ يانغ ضم رجال أعمال إسرائيليين إلى جانب علماء جيولوجيا، وأن الوفد الإسرائيلي استقبل بحفاوة من المستويات السياسية العليا في كوريا الشمالية.
وشدد المتحدث ذاته على أن تل أبيب استغلت الحاجة الكورية الشمالية للخبرات الإسرائيلية، وطالبت القيادة في بيونغ يانغ بإقامة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، إلى جانب التزامها بوقف تزويد دول في الشرق الأوسط بالصواريخ ووسائل قتالية أخرى.
وقال إن النخبة الحاكمة في بيونغ يانغ أدركت أن إسرائيل جادة في الإصرار على مطالبها، لا سيما في كل ما يتعلق بوقف تزويد إيران وسورية بالصواريخ ومنظومات التسليح المختلفة كشرط لتقديم المساعدة الاقتصادية والفنية المطلوبة.
وزعم بن تسور أن المسؤولين الكوريين الشماليين قدموا بالفعل تعهدات بوقف تزويد إيران وسورية بالسلاح "وقدموا ضمانات للوفاء بهذا الالتزام".
وكشف عن أن الكوريين الشماليين وافقوا على أن يتولى مفتشون من إسرائيل فحص السفن التي تنقل السلاح داخل موانئ كوريا الشمالية إلى الخارج، للتأكد من أن هذا السلاح لا يتجه إلى سورية وإيران، موضحا أن بيونغ يانغ قدمت التزامات أخرى، لم يكشف عنها.
واستدرك بن تسور أن بعض المستويات الحكومية الإسرائيلية، وبخلاف توجهات رابين وبيريس، توجهت للإدارة الأميركية وطلبت منها التدخل لعرقلة الاتصالات، مضيفا أن واشنطن عبرت عن عدم ارتياحها من الاتصالات مع كوريا الشمالية.
وشدد على أن الحكومة الإسرائيلية اضطرت، بسبب ضغوط واشنطن، لوقف الاتصالات مع كوريا الشمالية، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية ندمت بعد ذلك على تدخلها لإحباط هذه الاتصالات، وأن مسؤولين في الخارجية الأميركية اتصلوا به بعد سنوات وطلبوا منه استئناف المحاولات لتدشين علاقات مع بيونغ يانغ، لافتاً إلى أنه كان في حكم المؤكد أن الطلب الأميركي كان "متأخرا جدا".
كما اعتبر أن الندم الأميركي جاء بعد أن تبين أن رهانات واشنطن على انهيار النظام، لم تكن في مكانها.