بعد أكثر من أسبوعٍ على ارتفاع وتيرة استقدام النظام السوري لمزيدٍ من التعزيزات العسكرية إلى جنوبي البلاد، وتحديداً شرقي درعا، مع رفع فصائل الجيش السوري الحر هناك لحالة الجاهزية وإعلانها الاستنفار، بدأت المؤشرات خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية تتصاعد حول اقتراب معركة الجنوب في سورية، على الرغم من أن التحركات العسكرية حالياً، بقيت محصورة ضمن مناطق ريف درعا الشمالي الشرقي المتاخم لريف السويداء الغربي، مع احتمال توسع دائرة النار، للريف الشمالي، الذي سُجلت فيه، أمس الأربعاء، أولى موجات النزوح، نحو محافظة القنيطرة المجاورة.
وتُركز قوات النظام ثقلها الأساسي، وفق توزع النقاط الساخنة الآن، في مناطق الريف الشمالي الشرقي لمحافظة درعا، والتي تصل تباعاً إلى تخومها أكبر التعزيزات العسكرية، بحسب ما تُظهر صور ومشاهد مصورة، تبثّها صفحات ومواقع موالية للنظام على الإنترنت.
وبدأت القوات المهاجمة فعلاً بمحاولات تقدمٍ في مناطق محدودة، بداية من الكتيبة العسكرية، وهي تقريباً تفصل بين مناطق سيطرة النظام غربي السويداء، ومناطق المعارضة شرق درعا، وتقع بالقرب من قريتي مسيكة وحران، شرقي بلدة بصر الحرير، التي تسيطر عليها المعارضة وتتوقع الأخيرة أن تكون ميدان معركةٍ خلال الفترة المقبلة.
وقالت وسائل إعلام موالية للنظام، أمس الأربعاء، إن قوات الأخير تقدّمت نحو ستة كيلومترات في منطقة اللجاة، من محور حران - دويرة، فيما نفت مصادر عسكرية في المعارضة لـ"العربي الجديد"، حصول هذا التقدّم أو سواه شرقي درعا، مع تأكيدها في الوقت نفسه، أن "مواجهاتٍ عنيفة" تشهدها المنطقة، حيث "تصدّ فصائل الجبهة الجنوبية محاولات تقدم قوات الأسد".
ويبدو واضحاً، وفق هذه المعطيات، أن قوات النظام السوري تتّبع أسلوب "تقطيع الأوصال"، الذي استخدمته في معارك سابقة ضد المعارضة السورية، آخرها في الغوطة الشرقية، إذ إن محاولات تقدّمها حالياً، من مواقع تمركزها غربي السويداء، نحو شمال شرقي درعا، تهدف بحسب مصادر عسكرية، لفصل منطقة اللجاة الواسعة، عن باقي مناطق سيطرة المعارضة بريف درعا الشرقي، وهو ما يعني حصار اللجاة، المنطقة التي تُعرف بوعورة تضاريسها الجغرافية، ما كان قد سَهّلَ على الجيش الحر السيطرة عليها تدريجياً، والتمركز فيها منذ ست سنوات تقريباً.
وكان واضحاً منذ أيام، مع حجم التعزيزات العسكرية، وبداية عمليات القصف المدفعي والجوي، أن مسرح أولى العمليات العسكرية للنظام جنوب سورية، سيكون في هذا المحور من محافظة درعا، التي يسيطر النظام على ثلث مساحتها تقريباً؛ وهي المساحة الممتدة على شكل لسانٍ طويل، قاعدته تبدأ من دمشق وجنوبها، وينتهي رأسه في مدينة درعا، التي تبعد أقل من خمسة عشر كيلومتراً عن معبر نصيب الحدودي مع الأردن. فيما تُسيطر فصائل المعارضة، على ثلثي المساحة المتبقية، وتتوزع على ضفتي المساحة التي تخضع لسيطرة النظام، إضافة للمناطق الحدودية غرباً مع الجولان المحتل، وجنوباً مع المملكة الأردنية.
اقــرأ أيضاً
وظهرت، أمس، مؤشراتٌ إضافية لاحتمال اشتعال جبهة أخرى في درعا، وهي في الريف الشمالي، الذي تعرضت فيه بلدتا الحارة وكفر شمس لقصفٍ من مدفعية النظام، الأمر الذي أقلق بعض السكان المحليين هناك، وأدى لنزوح نحو 200 عائلةٍ من الحارة، نحو مناطق سيطرة المعارضة، في جنوب شرق محافظة القنيطرة المتاخمة لشمال غربي درعا.
وردت فصائل الجيش الحر، وفق مصادر عسكرية، على قصف الحارة وكفر شمس، باستهداف ما قالت إنها مقرات عسكرية لـ"حزب الله" في قرية دير العدس، الواقعة ضمن ما يُعرف بـ"مثلث الموت"، وهو التقاء أرياف محافظات دمشق ودرعا والقنيطرة.
عموماً، فإن كل البيانات التي أصدرتها فصائل الجيش الحر خلال الأيام القليلة الماضية، إضافة للتصريحات التي أدلى بها بعض القياديين هناك لـ"العربي الجديد"، ولوسائل إعلامية أخرى، تشير إلى أن هذه الفصائل العسكرية، قد هيأت نفسها كما تقول للمواجهة، التي تبدو وجوديةً لها؛ لكن البعض أيضاً، لم يُخفِ خشيته من توصل القوى الإقليمية والدولية النافذة في درعا، لتوافقٍ قد تكون المعارضة هي الخاسر الأكبر فيه.
فعلى الرغم من أن القوة العسكرية لفصائل "الجبهة الجنوبية" (تضم أهم مجموعات الجيش الحر في درعا والقنيطرة)، تُعتبر كبيرة لجهة عدد المقاتلين الذين يصلون لأكثر من عشرين ألفاً، وفق مختلف التقارير، وكذلك لجهة نوعية الأسلحة والذخائر، لكن جزءاً مهماً من معركة الجنوب هو توافقٌ سياسيٌ من قبل الدول التي لها نفوذٌ أو مصلحة في جنوب غربي سورية؛ وحصول هذا التوافق السياسي، وأهم أطرافه الولايات المتحدة، وروسيا، وإسرائيل، والأردن، يعني أن مخرجات التوافق سيتم تطبيقها.
وتجري اتصالاتٌ وزياراتٌ منذ أكثر من أسبوعين، بين الأطراف الأربعة، آخرها الزيارة المفاجئة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للعاصمة الأردنية، ولقائه بالملك عبدالله الثاني، وبالتزامن معها وقبلها وبعدها، جرت عدة لقاءاتٍ بين مسؤولين أمنيين وعسكرين إسرائيليين وروس، في موسكو وتل أبيب.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد أبلغ المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا منذ أيام في اتصالٍ هاتفي، بأن بلاده تواصل اتصالاتها مع مختلف الأطراف، وتدعم استمرار اتفاقية خفض التصعيد، أو وقف إطلاق النار، والتي تم التوصل إليها، ضمن اتفاقٍ روسي - أميركي بمشاركة الأردن وإطلاع إسرائيل، منذ منتصف السنة الماضية.
غير أن الوقائع تقول إن هذا الاتفاق يفقد صلاحيته، إذ مع بسط النظام لنفوذه في الغوطة الشرقية منذ إبريل/ نيسان الماضي، بدأت إرهاصات عودة التصعيد لدرعا بالظهور، وهذا ما تأكد لاحقاً، عندما بدأ النظام يقول صراحة إنه متجهٌ إلى درعا، لـ"استعادتها عبر المصالحة أو الحرب".
وفيما كانت الولايات المتحدة قد أبدت موقفاً حازماً حيال حصول تصعيدٍ من قبل النظام في درعا، وقالت المتحدثة باسم خارجيتها هيذر نويرت، قبل أسبوع، إن بلادها "ستتخذ إجراءات حاسمة ومناسبة" في حال أقدم النظام على التصعيد العسكري في درعا، فإن تصريحاتٍ لوزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان منذ أربعة أيام، قال فيها إنه لا توجد قوات تابعة لـ"حزب الله" أو مليشيات إيرانية في جنوب سورية، فسرها محللون مطّلعون على أنها قد تعني موافقة ضمنية إسرائيلية على حملة النظام العسكرية في درعا، وإن كانت لذلك تفاصيل ومحددات، لم تظهر بعد.
وكان المركز الصحافي لوزارة الأمن الإسرائيلية قد نقل عن ليبرمان قوله إنه "في جنوب سورية من الممكن أنه يوجد عدة عشرات ممن يسمونهم بالمستشارين (تابعين لإيران)، لكن لا يوجد هناك أي عسكريين"، مضيفاً أنّ "المطلب الإسرائيلي في المسألة السورية واضح تماماً، وهو إبعاد حزب الله وإيران بالكامل عن الأراضي السورية"، مشيراً إلى أن منظومة الدفاع الجوي السورية "لا تثير أي قلق في إسرائيل... نعرف كيف يمكن التغلّب عليها، ونأمل بأن لا نضطر إلى ضرب هذه المنظومات".
وبينما تُكافح المملكة الأردنية، وفق تصريحات جديدة وقديمة لمسؤولين فيها، لإيجاد حلٍ يُغلق ملف جنوب سورية، المتاخم لشمال الأردن، بالمحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، وجعله بعيداً عن "الحرب"، لخشيتها من موجات نزوحٍ جديدة نحو شمالي الأردن، وهي التي أعربت أساساً، عن موقفٍ مرنٍ تجاه عودة النظام للسيطرة على المناطق الحدودية معها، فإن ما هو واضح الآن، أن إرهاصات هذه "الحرب" قد بدأت، وإن كانت العمليات العسكرية وحملات القصف محدودة حتى مساء الأربعاء، ويتوقف تصاعدها على ما قد ينتج من التفاهمات السياسية بين الدول الإقليمية والدولية المعنية بملف الجنوب السوري.
وبدأت القوات المهاجمة فعلاً بمحاولات تقدمٍ في مناطق محدودة، بداية من الكتيبة العسكرية، وهي تقريباً تفصل بين مناطق سيطرة النظام غربي السويداء، ومناطق المعارضة شرق درعا، وتقع بالقرب من قريتي مسيكة وحران، شرقي بلدة بصر الحرير، التي تسيطر عليها المعارضة وتتوقع الأخيرة أن تكون ميدان معركةٍ خلال الفترة المقبلة.
وقالت وسائل إعلام موالية للنظام، أمس الأربعاء، إن قوات الأخير تقدّمت نحو ستة كيلومترات في منطقة اللجاة، من محور حران - دويرة، فيما نفت مصادر عسكرية في المعارضة لـ"العربي الجديد"، حصول هذا التقدّم أو سواه شرقي درعا، مع تأكيدها في الوقت نفسه، أن "مواجهاتٍ عنيفة" تشهدها المنطقة، حيث "تصدّ فصائل الجبهة الجنوبية محاولات تقدم قوات الأسد".
ويبدو واضحاً، وفق هذه المعطيات، أن قوات النظام السوري تتّبع أسلوب "تقطيع الأوصال"، الذي استخدمته في معارك سابقة ضد المعارضة السورية، آخرها في الغوطة الشرقية، إذ إن محاولات تقدّمها حالياً، من مواقع تمركزها غربي السويداء، نحو شمال شرقي درعا، تهدف بحسب مصادر عسكرية، لفصل منطقة اللجاة الواسعة، عن باقي مناطق سيطرة المعارضة بريف درعا الشرقي، وهو ما يعني حصار اللجاة، المنطقة التي تُعرف بوعورة تضاريسها الجغرافية، ما كان قد سَهّلَ على الجيش الحر السيطرة عليها تدريجياً، والتمركز فيها منذ ست سنوات تقريباً.
وكان واضحاً منذ أيام، مع حجم التعزيزات العسكرية، وبداية عمليات القصف المدفعي والجوي، أن مسرح أولى العمليات العسكرية للنظام جنوب سورية، سيكون في هذا المحور من محافظة درعا، التي يسيطر النظام على ثلث مساحتها تقريباً؛ وهي المساحة الممتدة على شكل لسانٍ طويل، قاعدته تبدأ من دمشق وجنوبها، وينتهي رأسه في مدينة درعا، التي تبعد أقل من خمسة عشر كيلومتراً عن معبر نصيب الحدودي مع الأردن. فيما تُسيطر فصائل المعارضة، على ثلثي المساحة المتبقية، وتتوزع على ضفتي المساحة التي تخضع لسيطرة النظام، إضافة للمناطق الحدودية غرباً مع الجولان المحتل، وجنوباً مع المملكة الأردنية.
وظهرت، أمس، مؤشراتٌ إضافية لاحتمال اشتعال جبهة أخرى في درعا، وهي في الريف الشمالي، الذي تعرضت فيه بلدتا الحارة وكفر شمس لقصفٍ من مدفعية النظام، الأمر الذي أقلق بعض السكان المحليين هناك، وأدى لنزوح نحو 200 عائلةٍ من الحارة، نحو مناطق سيطرة المعارضة، في جنوب شرق محافظة القنيطرة المتاخمة لشمال غربي درعا.
وردت فصائل الجيش الحر، وفق مصادر عسكرية، على قصف الحارة وكفر شمس، باستهداف ما قالت إنها مقرات عسكرية لـ"حزب الله" في قرية دير العدس، الواقعة ضمن ما يُعرف بـ"مثلث الموت"، وهو التقاء أرياف محافظات دمشق ودرعا والقنيطرة.
عموماً، فإن كل البيانات التي أصدرتها فصائل الجيش الحر خلال الأيام القليلة الماضية، إضافة للتصريحات التي أدلى بها بعض القياديين هناك لـ"العربي الجديد"، ولوسائل إعلامية أخرى، تشير إلى أن هذه الفصائل العسكرية، قد هيأت نفسها كما تقول للمواجهة، التي تبدو وجوديةً لها؛ لكن البعض أيضاً، لم يُخفِ خشيته من توصل القوى الإقليمية والدولية النافذة في درعا، لتوافقٍ قد تكون المعارضة هي الخاسر الأكبر فيه.
فعلى الرغم من أن القوة العسكرية لفصائل "الجبهة الجنوبية" (تضم أهم مجموعات الجيش الحر في درعا والقنيطرة)، تُعتبر كبيرة لجهة عدد المقاتلين الذين يصلون لأكثر من عشرين ألفاً، وفق مختلف التقارير، وكذلك لجهة نوعية الأسلحة والذخائر، لكن جزءاً مهماً من معركة الجنوب هو توافقٌ سياسيٌ من قبل الدول التي لها نفوذٌ أو مصلحة في جنوب غربي سورية؛ وحصول هذا التوافق السياسي، وأهم أطرافه الولايات المتحدة، وروسيا، وإسرائيل، والأردن، يعني أن مخرجات التوافق سيتم تطبيقها.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد أبلغ المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا منذ أيام في اتصالٍ هاتفي، بأن بلاده تواصل اتصالاتها مع مختلف الأطراف، وتدعم استمرار اتفاقية خفض التصعيد، أو وقف إطلاق النار، والتي تم التوصل إليها، ضمن اتفاقٍ روسي - أميركي بمشاركة الأردن وإطلاع إسرائيل، منذ منتصف السنة الماضية.
غير أن الوقائع تقول إن هذا الاتفاق يفقد صلاحيته، إذ مع بسط النظام لنفوذه في الغوطة الشرقية منذ إبريل/ نيسان الماضي، بدأت إرهاصات عودة التصعيد لدرعا بالظهور، وهذا ما تأكد لاحقاً، عندما بدأ النظام يقول صراحة إنه متجهٌ إلى درعا، لـ"استعادتها عبر المصالحة أو الحرب".
وفيما كانت الولايات المتحدة قد أبدت موقفاً حازماً حيال حصول تصعيدٍ من قبل النظام في درعا، وقالت المتحدثة باسم خارجيتها هيذر نويرت، قبل أسبوع، إن بلادها "ستتخذ إجراءات حاسمة ومناسبة" في حال أقدم النظام على التصعيد العسكري في درعا، فإن تصريحاتٍ لوزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان منذ أربعة أيام، قال فيها إنه لا توجد قوات تابعة لـ"حزب الله" أو مليشيات إيرانية في جنوب سورية، فسرها محللون مطّلعون على أنها قد تعني موافقة ضمنية إسرائيلية على حملة النظام العسكرية في درعا، وإن كانت لذلك تفاصيل ومحددات، لم تظهر بعد.
وكان المركز الصحافي لوزارة الأمن الإسرائيلية قد نقل عن ليبرمان قوله إنه "في جنوب سورية من الممكن أنه يوجد عدة عشرات ممن يسمونهم بالمستشارين (تابعين لإيران)، لكن لا يوجد هناك أي عسكريين"، مضيفاً أنّ "المطلب الإسرائيلي في المسألة السورية واضح تماماً، وهو إبعاد حزب الله وإيران بالكامل عن الأراضي السورية"، مشيراً إلى أن منظومة الدفاع الجوي السورية "لا تثير أي قلق في إسرائيل... نعرف كيف يمكن التغلّب عليها، ونأمل بأن لا نضطر إلى ضرب هذه المنظومات".
وبينما تُكافح المملكة الأردنية، وفق تصريحات جديدة وقديمة لمسؤولين فيها، لإيجاد حلٍ يُغلق ملف جنوب سورية، المتاخم لشمال الأردن، بالمحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، وجعله بعيداً عن "الحرب"، لخشيتها من موجات نزوحٍ جديدة نحو شمالي الأردن، وهي التي أعربت أساساً، عن موقفٍ مرنٍ تجاه عودة النظام للسيطرة على المناطق الحدودية معها، فإن ما هو واضح الآن، أن إرهاصات هذه "الحرب" قد بدأت، وإن كانت العمليات العسكرية وحملات القصف محدودة حتى مساء الأربعاء، ويتوقف تصاعدها على ما قد ينتج من التفاهمات السياسية بين الدول الإقليمية والدولية المعنية بملف الجنوب السوري.