اتجه العراق نحو معركة دستورية جديدة، بعدما أقدم البرلمان الحالي على قراءة قانون لتمديد عمره لفترة أخرى، حتى يتم الانتهاء من إعادة العد والفرز لنتائج الانتخابات. وفي وقتٍ يتعارض فيه هذا التوجه مع نص للدستور العراقي ينهي عمر البرلمان نهاية الشهر الحالي، يؤكد مراقبون قدرته (البرلمان) على تمرير القانون وتوقيعه، مستفيداً من ثغرات دستورية، في وقت تستعد فيه كتل سياسية للطعن بهذا القانون أمام المحكمة الاتحادية، ما يجعل البلاد أمام أزمة جديدة وشد وجذب يؤثر على مواعيد تشكيل الحكومة.
وقال النائب عن ائتلاف الوطنية، عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تمديد عمر البرلمان لا يخالف الدستور والقانون العراقي"، مبيناً أنّ "مصلحة البلاد تتطلّب وجود البرلمان في الوقت الحالي، في ظل هذه الظروف التي يعيش فيها العراق أزمة خطيرة بسبب التزوير الكبير بنتائج الانتخابات".
في المقابل، تستعد كتل سياسية فائزة في الانتخابات للطعن أمام المحكمة الاتحادية بدستورية خطوات البرلمان. وقال القيادي في تحالف سائرون، هيثم اللهيبي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنّ "البرلمان الحالي لم يترك وسيلة إلا واتبعها في سبيل التحايل على نتائج الانتخابات، وتغييرها".
وأوضح أنّ "البرلمان ينتهج اليوم نهجاً غير قانوني ولا دستوري، ويسعى لتمديد عمره، كسلطة تشريعية تعمل وفقاً لأجندات الخاسرين من الانتخابات"، مؤكداً أنه "إذا ما نجحت خطوة البرلمان بتمديد عمره، فإننا بالمقابل سنتخذ خطوات قانونية للحد من ذلك الخرق الدستوري". وأضاف أنّ "سائرون سيتوجه نحو الطعن لدى المحكمة الاتحادية بشرعية التمديد، ومعنا عدد من الكتل الأخرى"، مبيناً أن "سائرون استشار مستشاريه القانونيين، بشأن الطعن، وأنّ نصوص القانون والدستور كلها تتعارض مع التمديد، ولا تسمح به قطعاً".
ويعدّ سياسيون خطوة البرلمان خطوة مبيتة لتحقيق مكاسب سياسية من أزمة الانتخابات، وليست حرصاً على مستقبل البلاد. وقال النائب عن تحالف القوى، عبد الرحمن اللويزي، في بيان صحافي، إنّ "الهدف من تمديد عمر البرلمان ليس تجنّب الفراغ الدستوري، كما هو معلن، بل الإبقاء على البرلمان والحفاظ عليه كوسيلة للضغط وأداة تضمن تطبيق قانون التعديل الثالث للانتخابات، بطريقة تخدم مصلحة بعض الجهات السياسية، وتكفل فوزها". وأكد أنّ "أي تمديد لعمر البرلمان الحالي يعدّ باطلاً وغير دستوري"، مبيناً أنه "لا يمكن الاجتهاد في النص، وهذا يمنع محاولات الاجتهاد بنص الدستور الذي يمنع أي تمديد بعد انتهاء السنوات الأربع".
ووسط هذا التعارض الدستوري، يحذّر مراقبون من خطورة توجهات البرلمان المخالفة للدستور، التي تضع البلاد أمام مرحلة جديدة من الصراع الدستوري والقانوني، الذي يؤثر سلباً على البلاد ويضعها على أعتاب أزمة جديدة تعرقل أوقات تشكيل الحكومة.
وأكد أنه "لا يجوز، بأي شكل من الأشكال، أن يقوم البرلمان بتعديل أو تشريع يتعارض مع الدستور، وسيفتح الباب هنا للطعن بهذه الخطوة أمام المحكمة الاتحادية، من قبل الجهات المتضررة من خطوات البرلمان". وكشف أنّ "البرلمان بتوجهه هذا يضع نفسه أمام المواجهة القانونية، والنص القاطع بإنهاء عمره، ما يعني أنه يتحايل ويلتف على الدستور، وهذا يشكل سابقة خطيرة جداً، تفتح الباب لتحقيق رغبات خاصة، وهذا يمثل خروجاً على الدستور قد يدفع إلى نتائج خطيرة".
وأشار إلى أنه "من المؤكد أنّ البرلمان سيكمل نصابه خلال الجلسة المقبلة، ويقرّ القانون، مستفيداً من ثغرات في الدستور، وتحديداً المادة 58 منه، التي تجيز تمديد الفصل التشريعي ولم تنصّ على تمديد عمر البرلمان، وسيعدّه قانوناً نافذاً من تاريخ التصويت، كما حدث مع تعديل قانون الانتخابات، ويبقى الطريق الوحيد هو الطعن أمام المحكمة الاتحادية". وحذّر من "مغبة هذا التوجه الذي سيؤثر بإطالة أمد أزمة تشكيل الحكومة"، داعياً إلى "اللجوء إلى الحلول السياسية والحوار مع الكتل والتحالفات، لأجل تجاوز الأزمات، وتجاوز حالة التحايل على الدستور العراقي".