شنّت المقاتلات الروسية، الليلة الماضية، وفجر اليوم الأحد، عشرات الغارات الجوية على محافظة درعا جنوبي سورية، وذلك للمرة الأولى، منذ توقيع اتفاق "خفض التصعيد"، منتصف العام الماضي.
وقال ناشطون إنّ الطيران الروسي، شنّ أكثر من 25 غارة روسية على الأحياء السكنية في بلدة بصر الحرير بريف درعا الشرقي. وأسفرت الغارات وفق مصادر محلية، عن مقتل شخص على الأقل وإصابة آخرين، علماً أنّ معظم سكان البلدة نزحوا إلى الحدود الجنوبية.
كما تعرّضت قرى وبلدات منطقة اللجاة شمالي درعا، لحملة قصف كثيفة، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور على محاور قرى الشومرة والداما والشياح والبستان، حيث أعلنت المعارضة السورية، عن صد هجوم لقوات النظام، على محور الدلافة وحران بالريف الشرقي، وقتل عدد من عناصرها.
ويرى مراقبون أنّ دخول الطائرات الحربية الروسية على خط المعارك في درعا، يؤشر على انتهاء اتفاق "خفض التصعيد"، وفشل المفاوضات التي كانت تجري بين الروس والأميركيين بشأن الجنوب السوري.
وتم في 4 مايو/أيار 2017، في اجتماعات أستانة عاصمة كازاخستان، تحديد أربع مناطق لـ"خفض التصعيد" في سورية، وفق اتفاق الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار: روسيا وتركيا وإيران.
وتشمل مناطق "خفض التصعيد" محافظة إدلب شمالاً، ومحافظات السويداء ودرعا والقنيطرة جنوباً، فضلاً عن محافظة حمص وسط سورية، والغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق، على أن يتم نشر قوات من الدول الضامنة لمراقبة وقف إطلاق النار، في تلك المناطق.
وكانت قاعدة حميميم الروسية، قد نقلت عبر حسابها في "تلغرام"، عن المتحدث باسم القاعدة نيكولاي تيبلوف، قوله إنّ "مشاركة القوات الروسية في استعادة السيطرة على مناطق جنوب سورية، مرهونة بعدم وجود أطراف غير متفق عليها ضمن القوات المشاركة في العملية العسكرية"، في إشارة للمليشيات الإيرانية.
وجاءت الغارات الروسية، بعد بيان لوزارة الدفاع الروسية، اتهمت فيها "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام) بمهاجمة مواقع لقوات النظام السوري، والمليشيات الأجنبية الموالية لها في درعا.
وقال "مركز المصالحة"، إنّ أكثر من ألف مسلح من "جبهة النصرة" هاجموا مواقع لقوات النظام في محيط منطقتي داما ودير داما في الشمال الشرقي لدرعا، مما أدى إلى مقتل خمسة جنود للنظام وإصابة 19 آخرين.
من جهتها، قالت مصادر النظام، صباح اليوم الأحد، إنّ "وحدات من الجيش حققت تقدماً في بلدة بصر الحرير"، مشيرةً إلى أنّ قوات النظام سيطرت، خلال الـ48 ساعة الماضية، على قرى وبلدات دير داما ( المياس) والبستان وسياح شرقي والشومرية وبرغوشة والمدورة والعلالي، الواقعة في الجزء الشرقي من منطقة اللجاة بريف درعا.
وطاول القصف الجوي أيضاً بلدات الحراك والنعيمة والكرك وقريتي إيب وعاسم وبلدة مسيكة في منطقة اللجاة بالقطاعين الشرقي والشمالي الشرقي بالتزامن، مع قصف مدفعي مكثف من قوات النظام على بلدات الكرك الشرقي ومليحة العطش والغارية الغربية وناحتة وبصر الحرير والنعيمة وبصرى الشام وطفس بريف درعا الشرقي، وكفر شمس والحارة بريف درعا الشمالي الغربي.
كذلك استهدفت قوات النظام بلدة اليادودة شمال غرب مدينة درعا، وبلدتي مسحرة ونبع الصخر في القطاع الأوسط من ريف القنيطرة.
في المقابل، قصفت فصائل المعارضة، معاقل النظام في مبنى الأمن العسكري بمدينة درعا المحطة، وفي بلدة عتمان بقذائف المدفعية والهاون. كما قصفت مواقع النظام في قريتي دير العدس والهبارية بمنطقة مثلث الموت.
وتزامناً، سُمع دوي انفجارات في الريف الغربي لمحافظة السويداء، ناجمة عن سقوط قذائف على مناطق في قرية المجيمر وأماكن أخرى في قريتي عريقة وداما، ما تسبب بوقوع أضرار مادية فقط.
وتشهد مناطق في القطاع الغربي للسويداء، منذ أيام، سقوط قذائف على مناطق في القرى القريبة من الحدود الإدارية بين محافظة السويداء ومحافظة درعا، بالتزامن مع الاشتباكات التي تدور بين قوات النظام وفصائل المعارضة، حيث تتخذ قوات النظام من الريف الغربي لمحافظة السويداء منطلقاً لعملياتها في الريف الشرقي لمحافظة درعا، في محاولة منها لزرع الفتنة بين المحافظتين.
وأكد راكان الخضير رئيس تجمّع "أحرار عشائر الجنوب"، وعضو "هيئة التفاوض العليا" في جنيف، أنّ الجنوب السوري في الوقت الراهن "متحد بكل طواقمه ولن ينكسر". وقال في تغريدة على "تويتر"، إنّ "جميع الثوار يقفون سداً منيعاً أمام المليشيات الأجنبية بكل جنسياتها".
— راكان خالد الخضير (@RakanalKhudair) June 23, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— راكان خالد الخضير (@RakanalKhudair) June 23, 2018
|
وتأتي هذه التطورات، بعدما أبلغت واشنطن فصائل المعارضة السورية، بألا تعول على دعمها العسكري في التصدي للهجوم الذي يشنه النظام، على الجنوب السوري.
وورد في رسالة بعثت بها واشنطن إلى قادة "الجيش السوري الحر"، ونشرتها وكالة "رويترز"، أنّ الحكومة الأميركية تريد توضيح "ضرورة ألا تبنوا قرارتكم على افتراض أو توقع قيامنا بتدخل عسكري".
وأوضحت الرسالة لمقاتلي المعارضة، أنّ "الأمر يعود إليهم فقط في اتخاذ القرار السليم بشأن كيفية مواجهة الحملة العسكرية التي يشنها جيش النظام بناء على ما يرون أنّه الأفضل بالنسبة لهم ولشعبهم".