ناقش الاجتماع الثالث عشر للجنة متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، اليوم الأربعاء، أبرز التحديات التي تقف أمام استكمال بنود وثيقة الدوحة، والتي جاء على رأسها الأمن والتعويضات وعودة النازحين.
وأكد السفير مطلق بن ماجد القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات أن "وثيقة الدوحة لسلام دارفور حققت نحو 85% من بنودها، وأن الجهود مستمرة لاستكمال ما تبقى منها".
وأضاف السفير القحطاني خلال افتتاح الاجتماع، الذي عقد في الدوحة أنه "بعد عشر سنوات من العمل الدؤوب، تم تنفيذ معظم أحكام وثيقة الدوحة للسلام بما في ذلك تقاسم السلطة والثروة والعدالة والمصالحة والترتيبات الأمنية النهائية، وأن البنود التي تحتاج للمزيد من العمل المشترك تتمثل بالأحكام المتعلقة بالتعويضات وعودة النازحين".
وقال القحطاني إن عملية الدوحة لسلام دارفور "بدأت عام 2008 بعد أن توجت جهودنا جميعا باعتماد وثيقة الدوحة لحل النزاع، والتي أقرها المؤتمر الموسع لأصحاب المصلحة في دارفور، الذي عقد في الدوحة في مايو/ أيار 2011، وقد حظيت هذه الوثيقة بدعم تام من المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي، حيث تم التوقيع بين الحكومة السودانية وعدداً من الحركات الدارفورية على اتفاقيات سلام وفقاً لما ورد في وثيقة الدوحة من معالجات، كما تم التوقيع على العديد من الإعلانات والبروتوكولات المتعلقة بهذا الشأن".
وبين السفير أن "الأمن يظل تحدياً يعيق العديد من أحكام وثيقة السلام، لذلك ينبغي العمل على قضايا نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج لتحقيق التنمية"، مشدداً على أن وثيقة الدوحة للسلام في دارفور "لا يمكن إعادة فتحها للتفاوض من جديد، ولا يمكننا بدء التفاوض من الصفر مرة أخرى".
وقال أيضاً، "بالنسبة لنا فإن هذه الوثيقة حقيقة ماثلة بالفعل تمثل صوت أهل دارفور ويمتلكها أهل دارفور بما في ذلك المجتمع المدني والنازحين واللاجئين، والتي أيضاً أصبحت جزءاً من الدستور السوداني".
في سياق مواز، أكد المصدر نفسه على "الحاجة للاستمرار والالتزام بتنفيذ أحكام وثيقة الدوحة لسلام دارفور، وإلى إعداد وتنفيذ الالتزام ايضاً بتنفيذ مشاريع تنموية في دارفور ومساهمات أكبر من المجتمع الدولي ودعوة جميع الأطراف المعنية للالتزام بوقف الأعمال العدائية والمفاوضات المباشرة والاعتراف بأن التسوية السياسية والسلمية وحدهما يمكن أن تضمن لسكان دارفور سلاماً وتنمية دائمين".
استمرار النزاع
وكان السفير جير مايا كينغسلي مامابولو، الممثل الخاص المشترك ببعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي(يوناميد)، قد أعرب عن تقديره البالغ لجهود دولة قطر والتزامها بالعمل على تطبيق السلام الدائم في دارفور.
وقال في كلمة ألقاها في الاجتماع، "رغم التقدم المحرز في سلام دارفور، إلا أن النزاع استمر بين الحركات المختلفة، بعد الاجتماع الماضي، مما أدى إلى العديد من حالات الوفيات والنزوح واستمرار هذه العمليات يبعث على القلق ويؤثر على السلام المحقق في هذا الإقليم".
" |
وأضاف "نأمل ن تساعد الجهود المبذولة على تخطي كل الاختلافات فيما يتعلق بوثيقة الدوحة للسلام، التي هي الأساس لأي مفاوضات مستقبلية وندعو الحركات أن تساعدنا على تطبيق هذه الوثيقة لكي نساعد في حل الأزمة التي يعاني منها شعب دارفور لفترة طويلة".
وبين السفير جيرمايا، أن "مبادرة الحكومة لحملة جمع السلاح في دارفور في أغسطس 2017 بهدف الحد من انتشار السلاح غير القانوني كانت تمريناً بناءاً للحد من السلاح غير القانوني"، مشيراً أن "هناك تعاون مستمر مع الحكومة لضمان شفافية وعدالة هذه المبادرة".
وأضاف أن "تطبيق وثيقة الدوحة للسلام في دارفور أحرز تقدماً كبيراً وتم إطلاق صندوق دعم دارفور في 2012، وتم التوقيع على 96 مشروعاً، وهناك 40 شركة ستساعد في هذه المشاريع بتكلفة 330 مليون جنيه سوداني".
وأثنى السفير على دور الحكومة السودانية في دعم عملية السلام بأكثر من مليون دولار، وكذلك المانحين الآخرين على دعمهم المستمر، معرباً عن تطلعه للحصول علي المزيد من الدعم لتنفيذ ما تبقى من بنود الوثيقة واستمرار عملية السلام.
وقال إن شعب دارفور "لا يزال يعاني من الصعوبات الجمة، وفي هذه المرحلة علينا أن نظهر جدية كبيرة لنتخطى هذه المرحلة لنتوصل إلى نهاية لهذه المفاوضات لما هو في مصلحة دارفور وشعب السودان ككل، ودعم التنمية في السودان ودارفور".
مساندة واسعة لوثيقة الدوحة
بدوره، لفت ممثل الجامعة العربية في اجتماعات اللجنة صالح ميلون سحبون، إلى أن "المساندة الواسعة لوثيقة الدوحة للسلام تعد من الحوافز الهامة للإسراع في الانتهاء من تنفيذ ما تبقى من بنود هذه الوثيقة وسرعة استفادة جمهورية السودان من حزم الدعم والمساندة الدولية".
وأضاف سحبون أنه "خلال السنوات الماضية تم إنشاء 15 قرية نموذجية و3 مستشفيات و6 عيادات طبية متحركة بتكلفة بلغت 25 مليون دولار، بالإضافة لمشروعات إنتاجية زراعية لتعزيز سبل العيش ومشروعات لبناء القدرات نفذتها المنظمة العربية للتنمية بلغت تكلفتها 3 ملايين دولار".
وتابع القول "يجري حالياً إنهاء العمل في إنشاء 5 مراكز خدمية بتكلفة 20 مليون دولار، كما جرى دعم برامج مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج بمبلغ 500 ألف دولار لإعادة دمج 350 مسرح بولايات دارفور"، مشيراً أن الجامعة تعمل حالياً مع الحكومة السودانية من أجل عقد مؤتمر لتنمية السودان يتضمن محوراً حول إعادة دمج المقاتلين في الحياة المدنية، بالإضافة للتعاون القائم بينهما في مجال قضايا التنمية والإنعاش ومعالجة مسألة الديون الخارجية.
وحسب مبعوث الرئيس السوداني لشؤون التفاوض والتواصل الدبلوماسي أمين حسن عمر، فقد تم تنفيذ غالبية ما تم الاتفاق عليه في وثيقة الدوحة، وما لم ينفذ يعود لبعض المشكلات بسبب عدم تدفق الأموال وأحياناً بسبب البيروقراطية وعدم المتابعة من قبل الأطراف ذات الصلة.
ودعا عمر في كلمته بالاجتماع، لجلوس الموقعين على الوثيقة لإعادة وضع أسس وآليات تكون مرجعية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بمواعيد محددة وجهات متابعة محددة.
وأوضح أن "العديد من القضايا الكبرى تم تنفيذها على الأرض بينما تبقى قضية عودة النازحين مستمرة، وأن هذه القضية لا يمكن تجاوزها إلا بتأمين الوضع الأمني والتركيز على إكمال حملة نزع السلاح بصورة حازمة ودون استثناءات مع رصد المخالفات ومنع تكرارها ومعالجة الخروقات التي يمكن أن تحدث".
وأضاف أن "استراتيجية تنمية دارفور تحتاج لإعادة النظر فيها ووضع استراتيجية أخرى واضحة الموارد المتاحة والظروف الحالية السياسية والاقتصادية والمالية مع ضرورة إيجاد موارد جديدة لتنمية الإقليم بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، إضافة إلى استكمال عملية السلام من خلال مبادرات مبتكرة".