وظهرت مخاوف في أوساط قريبة من دوائر اتخاذ القرار، من إقدام السيسي على "تفريغ" المؤسسة العسكرية من القيادات، في سبيل الحفاظ على انحيازها التام له. وقالت مصادر متطابقة، بعضها قريب من المؤسسة العسكرية، لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة مخاوف شديدة من سياسة السيسي المتبعة في التعامل مع الجيش المصري، وإبعاد قيادات وتصعيد أخرى".
وأضافت المصادر أن "استبعاد صبحي من منصبه، كان في جانب منه، تعامل الوزير السابق بنوع من الندية مع السيسي، إذ كانت تخرج بعض التسريبات بأن صبحي، الذي كان رئيساً لأركان الجيش، حينما كان السيسي وزيراً للدفاع، يعارض الرئيس المصري في بعض القرارات". وتابعت "بعيداً عن العلاقة القوية بين السيسي وصبحي، فإن السيسي على ما يبدو تململ من الأخير، وبدأ يفكر في شخص ينفذ أكثر مما يناقش ويعارض بعض القرارات والتوجهات". وأوضحت أن "السيسي بالمناسبة يتبع نفس السياسة مع كل المؤسسات في الدولة، من خلال تصعيد سكرتارية له، ولا يحتاج إلى أي شخص يفكر".
وبعيداً عن خطوة الإطاحة بصبحي، فإن ما أقلق بعض المقرّبين من دوائر اتخاذ القرار في جلسات خاصة، هو إقدام السيسي على ما اعتبروه "تفريغاً للجيش من قياداته، من خلال تصعيد أخرى جديدة صغيرة، تدين بالولاء للسيسي". وحذّرت المصادر، من "التأثيرات السلبية لتوجهات السيسي على المؤسسة العسكرية، إذ إن التغييرات الجذرية أو التلاعب بقواعد المؤسسة، قد يؤثر سلباً على تماسكها"، مؤكدة أن "عملية التطوير لا تحتاج إلى عملية تغيير واسعة في المناصب القيادية بالجيش".
مبعث هذه المخاوف لدى الشخصيات القريبة من مراكز صنع القرار، هو لقاء رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمد فريد، بعدد من الضباط المرشحين لتولي المناصب القيادية بالقوات المسلحة، وذلك في إطار اهتمام القوات المسلحة بإعداد القادة. و"نقل رئيس الأركان تحيات القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق محمد زكي، وتهنئة القائد الأعلى للقادة بتولى المناصب القيادية بمستوياتها المختلفة، والتي تعتبر مسؤولية كبرى وضعتها القيادة العامة للقوات المسلحة في أعناقهم من أجل أن تبقى راية مصر عالية دائماً"، بحسب البيان الصادر عن وزارة الدفاع.
وكشف مصادر مطّلعة، أنه "كان من المستبعد أن تشهد وزارة الدفاع ما تشهده مختلف الوزارات من تفريغها الكفاءات لضمان الولاء للنظام، ولكن يبدو أن السيسي سيُقْدِم على خطوات ربما تعارضها قيادات متواجدة حالياً في مناصب قيادية". ورجّحت أن "تؤدي التحريات من الاستخبارات العسكرية دوراً بارزاً في تصعيد هذه القيادات الجديدة وإزاحة أخرى، وهذا سيتضح خلال الفترة المقبلة".
من جانبه، قال باحث سياسي في مركز الأهرام، إن "الإطاحة بصبحي من منصبه كوزير للدفاع، فتحت الباب أمام التوقع بوجود تغييرات جوهرية داخل المؤسسة العسكرية". وتساءل: "هل شعر السيسي بأن كفّة المؤسسة العسكرية لا تميل إليه؟ أم يرغب فقط في إفراز كوادر جديدة تدين بالولاء له؟"، مشيراً إلى أنه "منذ الإطاحة برئيس جهاز الاستخبارات العامة السابق خالد فوزي، بدا أن السيسي يقدم على تكريس نظامه الجديد في الولاية الثانية".
وأكد أن "كل رئيس من حقه اختيار مساعديه والكوادر التي يعتمد عليها، ولكن الدلالات لهذه التغييرات أوسع من مجرد وجود قصور، إذ إن المسألة في أساسها ولاء للنظام الحالي". وأوضح أن "المؤسسة العسكرية لديها قواعد حاكمة حتى لا تتعرض لهزات، ولكن يبدو أن السيسي يرغب في بناء نظامه ورجاله".
وأشار إلى أن "لقاء رئيس الأركان مع عدد من الضباط سيكون مجرد خبر طبيعي، ولكنه جاء بعد تغيير صبحي وقبله رئيس الأركان محمود حجازي، صهر السيسي، ثم تعيين قائد الحرس الجمهوري وزيراً للدفاع، كلها تشير إلى وجود مخطط لدى السيسي في التعامل مع المؤسسة العسكرية وترتيب الأوراق داخلها في الولاية الثانية، وربما استعداداً لمدة فترة الولاية، أو جعْل فترات الولاية مفتوحة بعد تعديل الدستور".