رأى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم الأحد، أن الولايات المتحدة الأميركية مدمنة على أسلوب فرض العقوبات، مضيفاً أن طهران "ستُجبر الأميركيين على الإقلاع عن هذا الإدمان خلال الأشهر المقبلة"، وأنها "ستريهم ذلك".
وقال ظريف، خلال مؤتمر مشترك للسفراء وممثلي إيران الدبلوماسيين في الخارج وللفاعلين في القطاع الخاص، إنه "رغم كل الظروف الحسّاسة والضغوطات الأميركية، إلا أن إيران لا تزال بلداً آمناً مقارنة بجيرانها الذين ربطوا أمنهم بقوى خارجية"، مؤكداً أن بلاده "تجاوزت ما هو أصعب، ووضعت تلك المرحلة خلف ظهرها".
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن الولايات المتحدة "رغم كل قدراتها الاقتصادية والسياسية، إلا أنها تشعر بالعزلة، وتستخدم الضغط لتفرض سياساتها"، معتبراً أن "المعطيات والظروف اليوم قد تغيرت، فحين كانت واشنطن تفرض عقوباتها على طهران، لم يكن أيُّ طرفٍ يقاومها، حتى إن آخرين كانوا يفرضون عقوباتهم على إيران معها، لكنها الآن غير قادرة على ذلك، وتحاول إجبار الدول والفاعلين الاقتصاديين على مجاراتها".
ورأى ظريف أن ممارسات واشنطن "تخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، والقرار 2231 بالذات"، معتبراً أن "على الأوروبيين أن يختاروا طريق تحقيق مصالحهم ومصالح مصارفهم، أو طريق تحقيق المصلحة الأميركية، أو بالأحرى مصالح (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب الشخصية".
وإذ اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن أمام طهران "فرصة استثنائية تستطيع الاستفادة منها"، تحدث كذلك عن إدراكه أنه "لا يمكن إيجاد حالة نزاع بين أميركا وأوروبا"، معرباً عن اعتقاده بـ"وجود شرخ بين الطرفين، ولا حاجة لأن نكون جسراً لهذا الشرخ". ورأى أن الأمور "باتت مختلفة عما كانت عليه سابقاً، لكن إيران لن تجبر الآخرين على الاختيار بين العلاقات معها وبين الضغط الاقتصادي، لأن ذلك غير منطقي".
وقال وزير الخارجية الإيراني إن لدى بلاده العديد من الخيارات، ومنها تطوير العمل مع الشركات الصغرى والمتوسطة في القطاع الخاص، متحدثاً عن "وجود أرضية جيدة لرفع الإنتاج المحلي الإيراني، بما يزيد الصادرات غير النفطية"، وداعياً إلى "الاهتمام بمسألة وقوف الأطراف الثانية مع إيران في الوقت الراهن، وتبديل التهديدات إلى فرص، قد تساعد البلاد على الوقوف بوجه الضغوطات المقبلة".
الخيارات البديلة
ولا تزال طهران تراهن على حوارها مع الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي، الذي يهدف إلى حصد المكتسبات الاقتصادية منه بعد انسحاب الولايات المتحدة. ومع أن الحرب الكلامية لا تزال مستمرة بين مسؤولي طهران وواشنطن، التي وصلت إلى التهديد بإغلاق مضيق هرمز إذا ما منع الأميركيون إيران من تصدير نفطها، يعول المسؤولون الإيرانيون في الوقت الراهن على حزمة المقترحات الأوروبية.
وفي هذا السياق، رأى رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني أن المقترحات الأوروبية "معقولة إلى حدٍّ ما، لكنها لا تزال تفتقر إلى الآليات اللازمة لتطبيقها، وهو ما يبحثه المعنيون في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أن المقترحات "تطرح سبل فتح تجارة مريحة مع طهران في القطاعين المالي والنفطي رغم القادم نحوها"، في إشارة إلى عودة العقوبات الأميركية إلى بلاده في شهري أغسطس/ آب ونوفمبر/ تشرين الثاني المقبلين.
أما عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان حسن بيغي، فقال إن أعضاء اللجنة قاموا بعقد عدد من الاجتماعات مع سفراء دول في المنطقة، من بينها العراق ولبنان وتركيا وسورية وفلسطين وقرغيزستان وكازاخستان وروسيا، بهدف بحث سبل تقوية العلاقات الثنائية، كما سيجتمعون خلال الفترة المقبلة مع سفراء السويد وإسبانيا والصين وهولندا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول للغاية ذاتها.
تهديدات عسكرية
وكان المستشار السياسي في "الحرس الثوري الإيراني" يد الله جواني، قد لوّح بأنه "في حال تعرضت مصالح إيران للخطر من قبل بعض الأطراف، فستصبح مصالح هؤلاء في خطر كذلك"، مضيفاً في حديث لوكالة "تسنيم" أنه "من الطبيعي أن تركز القوات المسلحة الإيرانية على الاستفادة من القدرات المحلية للوقوف بوجه التهديدات ولتحقيق مصلحة البلاد".
وشدّد جواني على أن إيران "تتمتّع بموقع استراتيجي مهم، ولا يمكن الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وطرق الملاحة البحرية دون مشاركتها وحضورها"، معتبراً أن "هذا الأمن مرتبط بإرادة النظام السياسي في البلاد، وإذا ما قررت أي دولة أن تهدد إيران بمنعها من تصدير نفطها، فعليها أن تفهم أن التهديد الإيراني بالمقابل هو تهديد حقيقي"، على حدّ قوله.
اعتراضات على المفتشين
إلى ذلك، وفي ارتباط بالرقابة على برنامج إيران النووي بالتزامن مع الضغوطات الأميركية على البلاد التي ارتفعت وتيرتها عقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، شارك عدد من الطلاب الجامعيين الإيرانيين في تجمع اعتراضي في جامعة "شهيد بهشتي" الواقعة في العاصمة، احتجاجاً على دخول مفتشين من "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" إلى أحد المختبرات في إحدى الجامعات الإيرانية، وأخذ عينات منه.
ورفض الطلاب دخول المفتشين إلى مختبرات جامعتهم، وسط حديث عن احتمال حصول ذلك، مطالبين المسؤولين الإيرانيين بالوقوف في وجه المساعي الغربية، ومنع حصول هذا النوع من عمليات التفتيش "غير المبررة".