وقال النائب عن "المكون المسيحي" عماد يوخنا، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "هناك أحزاباً تفرض نفسها بالقوة على البلاد، لأجل بقائها بالسلطة واستمرار المحاصصة، وهذا بدا واضحاً من خلال مسرحية الانتخابات التي كانت مخرجاتها مخجلة جداً".
ورأى أنّه "كان من المفترض أن تلغى نتائج الانتخابات لما شابها من تزوير وتلاعب خطير، لكن دولاً إقليمية وغيرها أرادت ذلك في العراق، وسعت بكل قوتها له، وحققت ما تريد"، مضيفاً: "كان أملنا بالسلطة القضائية، لكن يبدو أنّ القضاء خضع هو الآخر للاتفاقات السياسية".
وأضاف يوخنا أنّ "قرار البرلمان كان واضحاً، بإجراء عد وفرز يدوي شامل لجميع مراكز الاقتراع، وكنّا كمسيحيين نؤيده، لكن ما حصل هو تلاعب بالقرار وتمرد عليه بقوة تلك الإرادات المسيطرة على البلاد".
وجرت الانتخابات البرلمانية العراقية، في 12 مايو/أيار الماضي، وتم إعلان نتائجها من قبل مفوضية الانتخابات، وفق التصويت الإلكتروني. غير أنّ البرلمان العراقي، أقر في جلسة استثنائية، تعديل قانون الانتخابات البرلمانية، والذي نص على إعادة عد وفرز نتائج الانتخابات في عموم البلاد، بعدما خلص تقرير حكومي إلى مخالفات واسعة النطاق.
لكن لجنة تضم قضاة وتشرف على إعادة الفرز قلّصت فيما بعد من نطاق العملية، وقالت إنّها لن تشمل إلا الأصوات المشكوك فيها، والواردة في شكاوى أو تقارير رسمية بحدوث تزوير.
وأوضح يوخنا أسباب اعتراض الأقليات، قائلاً: "نحن كمكون مسيحي تأثرنا كثيراً بالتزوير، وقد ضاعت أصواتنا بالمحافظات، وتحوّلت أصوات من مرشحينا إلى مرشحين آخرين، فضلاً عن سرقة الكوتا المسيحية، من خلال زج آلاف الأصوات من بعض الأحزاب النافذة، وأخذ مقاعد الكوتا"، مبيّناً "لقد سلبت منّا أربعة مقاعد من أصل خمسة".
وأعلنت مفوضية الانتخابات العراقية المنتدبة، مساء الخميس، عن نتائج العد والفرز اليدوي للانتخابات البرلمانية، بعد الطعن في النتائج السابقة، وقالت إنّ جميع النتائج متطابقة من حيث حصص الكتل السياسية ما عدا محافظة بغداد، التي تغير فيها مقعد واحد.
ووفقاً لهذه النتائج، فإنّ "تحالف سائرون" التابع للتيار الصدري يبقى أولاً بواقع 54 مقعداً، يليه "تحالف الفتح" (الجناح السياسي لـ"مليشيات الحشد الشعبي") بواقع 47 مقعداً، ثم "النصر" بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي بواقع 42 مقعداً، تليها كتل "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الوطنية" بزعامة إياد علاوي، و"الحكمة" بزعامة عمار الحكيم بنتائج متقاربة.
وكانت الأطراف السياسية، قد بدأت حراكاً لتشكيل "الكتلة الكبرى" في البرلمان الجديد، التي يضعها الدستور شرطاً قبل الشروع في اختيار رئيس الوزراء المقبل.
وعبّر يوخنا عن "خشية المكون المسيحي من المستقبل المجهول"، قائلاً: "إذا كانت العملية السياسية تمضي وتشكل على هذا الأساس، فالمستقبل مخيف لمصير كل المكونات الصغيرة، في ظل صراع فرض الإرادات بالقوة على الواقع السياسي العراقي".
وشدّد على أنّ "من يحمل السلاح في هذا البلد، ولديه السلطة هو من يسيطر على القرار، في وقت كنا نتطلع فيه إلى دولة تفرض سلطة القانون على الجميع، ولا تستضعف فيها هذه الجهة أو تلك".
من جهته، قال محما خليل رئيس لجنة الأقليات في اتحاد البرلمانيين العراقيين المسؤول الأيزيدي، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "الأقليات في العراق من مسيحيين وأيزيديين وصابئة مندائيين وشبك، تعيش اليوم أخطر مرحلة بتاريخها، فصراع فرض الإرادات ممتد إلى مناطق الأقليات بشكل خطير"، مضيفاً أنّ "الحكومة لم تقم بواجباتها تجاه الأقليات، وهي غائبة تماماً عن معاناتهم".
وحمّل خليل الحكومة، "المسؤولية الكاملة عن مستقبل الأقليات في العراق، ونطالبها بتعويض لهم"، مناشداً "تقديم الدعم للأقليات العراقية التي عانت من الإبادة الجماعية".
ويؤكد سياسيون عراقيون، أنّ حقوق المكونات الصغيرة في العراق، ضاعت وسط صراع الأحزاب المتفردة في الحكم.
وقال القيادي في "الحزب الشيوعي" العراقي محمد العيداني، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "الأحزاب الكبيرة التي سيطرت على حكم العراق، استغلت ضعف المكونات الصغيرة، ومنها المسيحيون، وسلبت حقوقها"، محذراً من أنّ "استمرار هذا التهميش سيؤثر في بقاء هذا المكون، الذي عانى ما عاناه من ويلات داعش، ومن ثم ظلم الأحزاب".
وشدّد، على "ضرورة احتواء مكونات العراق، خاصة وأنّها تمثل التعايش السلمي في بلاد متعددة الأعراق".
ويتكوّن البرلمان العراقي من 328 مقعداً، توزع على المحافظات بحسب عدد سكانها، من بينها 8 مقاعد "كوتا" للأقليات.