قدّم القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن زكي بني أرشيد، استقالته من موقعه في مجلس شورى الجماعة، أمس الثلاثاء، الأمر الذي ينذر بتصدّع صفوف الإخوان، لاسيما وأنّه كان، خلال السنوات الماضية، يوجه بوصلة الجماعة، وحزب "جبهة العمل الإسلامي" في الحراك السياسي على الساحة المحلية.
وقال بني أرشيد، لـ"العربي الجديد"، إنّ استقالته ليست لها أي إبعاد سياسية، وإنّما جاءت بناء على رغبته الشخصية، مؤكداً أنّه سيبقى عضواً فاعلاً في جماعة "الإخوان المسلمين". وأوضح أنّ "الاستقالة لا تعني الخروج من الجماعة أو الانتقال إلى حزب سياسي آخر، أو البدء بمشروع سياسي جديد".
وجاءت تصريحات بني أرشيد، متوافقة مع تصريحات المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" معاذ الخوالدة حول الاستقالة، وهذا يعني أنّ الطرفين يحافظان على حبال الود بينهما، وإبقاء الاختلاف تحت مظلة الجماعة، بعيداً عن ساحة الإعلام حتى حين.
وأوضح الخوالدة، في تصريح صحافي أنّ استقالة بني أرشيد من موقعه لا تعني مغادرته الجماعة، مؤكداً أنّ الأخير "سيبقى رمزاً مقدّراً من رموز الإخوان المسلمين، له إسهاماته المتعددة في الجماعة".
ولكن قرار "الاستقالة"، يعني أنّ جماعة "الإخوان المسلمين"، وذراعها السياسي حزب "جبهة العمل الإسلامي"، فقدتا، خلال أسبوع، قياديين اثنين من العيار الثقيل: الأول الأمين العام للحزب محمد الزيود الذي وافته المنية، والثاني منافسه على أمانة الحزب، في الانتخابات السابقة، في أبريل/نيسان الماضي، زكي بني أرشيد الذي فضّل الانسحاب ليعطّل محرّكاً أساسياً في نشاطات الحزب والجماعة.
زكي بني إرشيدThursday, 9 August 2018" style="color:#fff;" class="facebook-post-link" target="_blank">Facebook Post |
ولد بني أرشيد عام 1957، وهو ينادي بدولة مدنية، وهذا يعني أنّ الاستقالة ربما تكون محاولة لبداية جديدة للتموضع، في محاولة لانطلاقة جديدة تراعي المتغيرات السياسية في البلاد.
ومما خلصت إليه أفكار بني أرشيد أنّ "المستقبل تصنعه إرادة الجماعة، وقدرتها على العبور وتجاوز المرحلة واغتنام الفرص المرافقة لمجمل التحديات، أو صناعة الفرص الجديدة، والعلامة الفارقة هي القدرة على التخطيط الاستراتيجي الصحيح".
وليس سراً التغيير الذي أصاب التوجهات السياسية لبني أرشيد، فهو عرّاب المشاركة الأخيرة لجماعة الإخوان، ممثلة بحزب الجبهة في الانتخابات النيابية الأخيرة، بعد أن كان يحمل راية صقور الجماعة لسنوات طويلة.
وقال بني أرشيد، في تصريحات نقلت عنه، مؤخراً، وهو يتحدّث عن الجماعة: "وصلنا لمرحلة صعب الاستمرار فيها بذات الزخم والوزن إذا ما تمرّسنا فيها، ولا بد من المراجعة الفكرية للتقييم. هذه المراجعة ربما تفضي لمشروع جديد".
وبحسب الكواليس، فقدت جمّدت جماعة "الإخوان المسلمين"،عضوية بني أرشيد من مجلس الشورى لمخالفة تستدعي هذا الحكم، بعد أن كانت قد قرّرت فصله من الجماعة.
ويبدو أنّ أفكار بني أرشيد خلقت اصطفافاً مضاداً في الجماعة، فقبل أكثر من عام تقريباً، قدّم ورقة عمل بعنوان "جماعة الإخوان المسلمين: تقدير الموقف وقراءة المستقبل"، ضمن فعاليات مؤتمر "مستقبل الإسلام السياسي في محيط مضطرب"، قال فيها إنّ حزب "جبهة العمل الإسلامي"، "بدأ بعملية المراجعة تحت عنوان إعادة الهيكلة، وإذا استطاع الحزب أن ينجز هذه العملية، فيمكن اعتبار ذلك مرحلة التأسيس الثانية للحزب"، مما جعل البعض يعتبر في تلك الأفكار خروجاً عن الثوابت.
أما فيما يتعلّق بحالة الاختلاف والانقسام التي شهدتها الجماعة، خلال الفترة الماضية، فاعتبر بني أرشيد أنّ "هذه الحالة ليست الأولى في تاريخ الحركة الإسلامية، فقد سبق ذلك تشكيل حزب التحرير الإسلامي وكذلك حزب الوسط الإسلامي أيضاً. لكن بقيت الجماعة هي الفاعل الأكثر حضوراً وتواصلاً وتمثيلاً لجمهورها وتيارها"، بحسب قوله.
ويمكن تلخيص أفكار بني أرشيد، حول المراجعة الداخلية لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، بـ"الفصل بين الدعوي والسياسي، والمواطنة، وإعادة إنتاج الجماعة، بما يضمن بقاءها من جديد".
وعُدّت أفكار بني أرشيد هذه، وهو الذي يُحسب على "صقور الإخوان"، تحوّلاً من نمطية متشددة إلى حداثية متقدمة، ما أدى إلى اتساع الفجوة بين أفكاره وقيود الجماعة التنظيمية.
وانتخب بني أرشيد نائباً عن الزرقاء عام 1990، وعضواً في مجلس شورى جماعة "الإخوان المسلمين" بين عامي 1990 و1994.
وفي العام 2002 انتخب عضواً في المكتب التنفيذي لحزب "جبهة العمل الإسلامي"، وفي العام 2006 تولى الأمانة العامة للحزب حتى 2009، وأعيد انتخابه عضواً في مجلس شورى الجماعة عام 2008، ثم عضواً بالمكتب التنفيذي عام 2010، ثم نائباً للمراقب العام لجماعة "الإخوان المسلمين" عام 2012.