"الوادي الأحمر"... هل تنهي مأساة الخان وتمنع هدمها؟

12 سبتمبر 2018
قد يتم هدم الخان الأحمر خلال ساعات (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

يسعى النشطاء الفلسطينيون، الذين نجحوا فجر أمس، في بناء قرية جديدة أطلقوا عليها اسم قرية الوادي الأحمر، بمحاذاة قرية الخان الأحمر المهددة بالهدم وترحيل قاطنيها من العائلات البدوية، إلى استباق عملية هدم القرية، قد تتم خلال ساعات، بعد انتهاء المهلة التي حددتها محكمة الاحتلال العليا، والتي أعطت جيش الاحتلال صلاحية هدمها فور انتهاء المهلة.

وقال الناشط في هيئة مقاومة الجدار، عبد الله أبو رحمة، إن القرية الجديدة قد تتحول إلى ملجأ بديل لقرية الخان الأحمر حال هدمها، مشيراً إلى أن أي قرار جديد بشأن الوادي الأحمر يستغرق وقتاً من الزمن كونه يتطلب من الناحية القانونية إصدار أوامر هدم بحقها، ما يمكن النشطاء من الاعتراض عليها. ومع ذلك لم يستبعد أبو رحمة أن يتم هدم القرية الجديدة بموجب قرار سياسي، ودون إعارة أي اهتمام للجانب القانوني، وهو ما ينطبق أيضاً على قرار الهدم الصادر بحق قرية الخان الأحمر، إذ بدا واضحاً الدافع السياسي لهذا القرار وتم تغطيته من محكمة الاحتلال العليا.

وفيما كان النشطاء ينتهون من بناء خمسة مساكن تتشكل منها القرية الجديدة، أكد وزير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بناء القرية الجديدة يمثل رسالة تحدٍ للاحتلال الذي يمعن في سياسات هدم المنازل ومصادرة الأراضي واستهداف التجمعات البدوية. ورداً على سؤال حول السيناريوهات المتوقعة خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة، قال عساف إن "السيناريو الأول هو أن تسارع قوات الاحتلال، وبأعداد ضخمة، إلى اقتحام القرية والاعتداء على الموجودين فيها، لتشرع بعد ذلك بهدمها. قد يتم ذلك في أية لحظة، بعد أن انتهت المهلة المعطاة لنا ولسكان القرية بإخلائها لهدمها". وأضاف "نحن لدينا أيضاً سيناريوهات مقابلة، على رأسها مقاومة عملية الإخلاء بكل ما نملك من إرادة وقوة. لهذا نناشد مواطنينا كافة للاحتشاد والقدوم إلى القرية، لأن ما سيحدث لاحقاً سيكشف معالم جديدة للمقاومة الشعبية السلمية في مواجهة الاحتلال". وأكد عساف أن "قرية الوادي الأحمر تشكل واحداً من سيناريوهات الرد، وسيتبعها خطوات أخرى من بينها إعادة بناء ما سيهدم، لأن مصير القدس كلها بات رهناً بما سيحدث هنا".



واعتبر مدير دائرة الخرائط والمعلومات في بيت الشرق، خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد"، أن "هدم قرية الخان الأحمر يجسد تنفيذاً عملياً لمخطط تم الحديث عنه بعد اتفاق طابا، ويقضي بنقل التجمعات البدوية في منطقة الخان الأحمر، وتجميع البدو جميعاً قرب قرية عرب الجهالين في العيزرية". وأشار تفكجي إلى ما أسماه "تعديلات جغرافية كان تم الاتفاق عليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بموجب اتفاق طابا في ثلاث محافظات، هي القدس ورام الله وجنين، إذ تحولت المنطقة ما بين العيزرية ومعاليه أدوميم إلى منطقة ج، في حين تقرر نقل البدو في منطقة الأغوار إلى شمال النويعمة في أريحا، في مقابل بناء مطار فلسطيني في منطقة البقيعة قرب منطقة النبي موسى".

وبينما افترش عدد كبير من النشطاء أرض القرية، بينهم محافظ القدس الجديد، عدنان غيث، برفقة أمين سر حركة "فتح" إقليم القدس المحتلة، شادي المطور، كان نشطاء آخرون يحرسون أطراف القريتين الخان الأحمر والوادي الأحمر، في وقت بدأت قوات الاحتلال الانتشار في المنطقة وفرض قيود على دخول المتضامنين والمساندين لسكان القرية البالغ عددهم نحو 200 شخص، جلهم من الأطفال والنساء. وقال رئيس قرية الخان الأحمر، عيد خميس، أن الإخلاء الوشيك للقرية أحدث حالة من الترقب والقلق في صفوف النساء والأطفال وحتى الشيوخ الذين يتوقعون أن تتم عملية الهدم لمساكنهم في أي لحظة. وأضاف خميس، لـ"العربي الجديد، "نحن في انتظارهم، ولن نغادر قريتنا. إن هدموها مائة مرة سنعيد بناءها من جديد، فعلوا ذلك في قرية العراقيل بالنقب، وسيفعلونها هنا أيضاً، وهذا ما نتوقعه، لكن لا نخشاه". وتوقع أن تبدأ عملية الهدم خلال ساعات. وقال "ربما يبدأون أولاً بالقرية الجديدة، الوادي الأحمر، حتى يتلافوا الإجراءات القانونية التي يمكن أن تؤجل عملية الهدم، ومن ثم ينتقلون لهدم قرية الخان الأحمر".

وقال محافظ القدس، عدنان غيث، لـ"العربي الجديد، وهو يراقب تجمعات الجنود والدوريات العسكرية في محيط القرية، "ليس هناك سوى سيناريو الهدم والاقتلاع، وليس أمامنا نحن سوى الصمود والتصدي والدفاع عن وجودنا هنا. الدفاع عن قرية الخان دفاع عن القدس والأقصى، لذا نهيب بكل الأحرار من أبناء شعبنا التوافد إلى القرية والانضمام للمرابطين فيها. ونحن من جانبنا كسلطة لن نبخل على أهلنا هنا وسنواصل دعمهم ومساندتهم". وفي هذا الإطار، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، أن دولة فلسطين قدمت بلاغاً إلى مكتب المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشرقية وتحديداً الخان الأحمر. وبين عريقات أن "البلاغ أكد على أهمية قيام المدعية العامة للمحكمة الجنائية بإصدار تحذير إلى إسرائيل بشأن الخان الأحمر الذي قررت هدمها". بيد أن ما يخشاه بعض المسؤولين والنشطاء هو أن تقدم سلطات الاحتلال على استخدام القوة خلال عملية الإخلاء والهدم، ما يفضي إلى وقوع ضحايا في صفوف أهالي القرية والمساندين لهم، كما يقول وزير القدس، عدنان الحسيني، الذي أصيب في وقت سابق خلال الاحتجاج على قرار إخلاء وهدم القرية. وأضاف الحسيني، لـ"العربي الجديد، "نرجو ألا يتسبب الاحتلال بمجزرة خلال عملية الإخلاء والهدم الوشيكة، علماً أن ممارسات جنود الاحتلال في محيط القرية تشي باستعدادات لاستخدام العنف إزاء السكان، في حين سيؤدي الهدم إلى تشريد الأهالي وفقدان عشرات التلاميذ لحقهم في التعليم".