تحذيرات بمجلس الأمن من الهجوم على إدلب...وفرنسا تتوعد بالرد على استخدام الكيميائي
وقال المندوب الفرنسي فرانسوا دولاتر، في جلسة دعت إليها روسيا في مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، إن اجتماع طهران بشأن سورية لم يخرج بالتزامات من إيران وروسيا للحفاظ على السلم.
كذلك لفت إلى أن هناك مؤشرات على كارثة إنسانية في إدلب وعمليات النزوح بدأت.
وحذّر دولاتر من وقوع أزمة غير مسبوقة للاجئين في تركيا في حال بدء العمليات العسكرية هناك، مشدداً على أن الكرة في ملعب روسيا من أجل حماية المدنيين والعودة إلى المسار السياسي.
كذلك أعلن المندوب الفرنسي نية بلاده عدم التسامح مع أي استخدام جديد للسلاح الكيميائي في سورية، قائلاً "سنرد إلى جانب حلفائنا على كل استخدام للسلاح الكيميائي في إدلب".
وقال "إن الحرب على الإرهاب يجب ألا تبرر خروقات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. هذه مأساة. ولقد أثبتت المظاهرات السلمية في الأيام الأخيرة أن إدلب ليست مرتعاً للإرهاب. إن الهجوم على إدلب ستكون له تداعيات كارثية. وهناك عشرات الآلاف الذين انتقلوا إلى شمال إدلب لتلافي القصف. وتركيا استضافت عدداً كبيراً من السكان، وعلينا أن نضمن وصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل".
وفي حين أشاد بمنظمة الخوذ البيضاء، قال إنه على روسيا الالتزام بعدم استهداف المدنيين. وأضاف أن "الوضع في إدلب هو دلالة على ثلاث حقائق: سورية بلد لا يمكن تطبيع الوضع القائم فيه والمأساة السورية ما زالت قائمة وليست فعلاً من أفعال الماضي. كما أن الهجمات العسكرية للنظام وحلفائه تؤدي إلى زيادة النزاع. الطريقة الوحيدة لحل النزاع هي الحل السياسي".
وقدم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، إحاطة لمجلس الأمن حول اجتماع طهران بشأن سورية. وقال إن القمة شددت على أهمية الحل السياسي في سورية، وأن هناك حاجة ملحة إلى فصل الجماعات المسلحة عن الإرهابيين في إدلب.
وتابع "لن نسمح للإرهابيين في إدلب باستخدام المدنيين كدروع بشرية"، قبل أن يضيف "سنقوم باستهداف الإرهابيين في إدلب مع الحرص على حياة المدنيين".
كذلك ادعى المندوب الروسي أن من وصفهم بـ"المتطرفين" قد يستخدمون السلاح الكيميائي.
من جهة أخرى، أكد نيبنزيا تواصل العمل على إعادة اللاجئين إلى سورية، لافتاً إلى وجود تعاون مع دول الجوار بهذا الصدد.
وتحدث المندوب الروسي عن البيان الذي خرج عن اجتماع طهران وقال إن "روسيا وتركيا وإيران، كدول ضامنة، مستعدة للعمل على إعادة بناء المناطق المدمرة، كما أن الدول الثلاث ملتزمة بوحدة الأراضي السورية. لقد تحدثنا عن وجود الإرهابيين في إدلب، ونطالب بأن تتوقف القوات المسلحة عن ضرب الصواريخ على القرى والمناطق المحيطة. لقد أكدت الدول المجتمعة كذلك على التزامها بالفصل بين الجماعات المعارضة وبين تلك الإرهابية".
وانتقد كذلك الضربات العسكرية الجوية التي تقوم بها دول عدة، من بينها الولايات المتحدة، ضد أهداف عسكرية تابعة للنظام السوري.
أما السفير الكويتي، منصور العتيبي، فحذر من التداعيات الكارثية على المدنيين في إدلب. وقال "تابعنا المؤتمر الصحافي الذي عقده وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية السيد مارك لوكاك في جنيف وناشد خلاله المجتمع الدولي التعامل مع هذه الأزمة بطريقة تحول دون أن تتحول إدلب خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى أسوأ كارثة إنسانية مع أكبر خسائر للأرواح في القرن الحادي والعشرين".
وأضاف السفير الكويتي "الهجمات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية المصنفة من قبل مجلس الأمن لا تعني بأي شكل من الأشكال أن تخل بالتزامات أي طرف في النزاع بالقانون الدولي والحروب لها قواعد".
في المقابل، حذّر مندوب هولندا لدى مجلس الأمن، كارل فان اوستروم، من مخاطر التصعيد السريع في سورية، معرباً عن شعوره بالصدمة من استهداف منظمة الخوذ البيضاء في سورية.
كما دعا فان اوستروم إلى إحالة قضايا وضع حقوق الإنسان في سورية إلى محكمة الجنائيات الدولية، فيما أشاد ممثل الصين بجهود الدول الثلاث، تركيا وروسيا وإيران، وأشار إلى أنه لا بديل عن التسوية السياسية.
ومن جهتها، تحدثت السفيرة البريطانية للأمم المتحدة، كارن بيرس، عن ضرورة أخذ الوقت من أجل فصل الجماعات الإرهابية عن المدنيين، وأشارت إلى الخطة التركية التي تتحدث عن ذلك، ثم قالت إن إحاطة السفير الروسي لم تشمل تلك الخطة. وأضافت "التقدم إزاء الحل السياسي غير ممكن إن حدث هجوم عسكري على إدلب وهو نداء قام به دي ميستورا، وسؤالي هو هل ستلبي إيران وروسيا ذلك النداء وكيف ستحققه؟".
أما السفيرة الأميركية، نيكي هيلي، فتحدثت عن "الهجمات المزدوجة التي تقوم بها روسيا والنظام السوري"، قائلة "إنه أسلوب للإرهابيين. روسيا وإيران رفضتا طلب تركيا بوقف إطلاق النار، والولايات المتحدة لا تصدق ما تقوله روسيا وإيران عن إدلب وسورية. ويجب أن نتوقف عن تضييع الوقت. لقد خلقوا مناطق لخفض التصعيد في سورية وقاموا بعدها بانتهاكها".
واستمرت في مهاجمة روسيا وإيران، قائلة إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لم يلتزم باتفاقه مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول سورية. وقالت "تطالب الولايات المتحدة والدول الأخرى بدعم جهود وإعادة الإعمار، بينما تدمر روسيا وإيران والأسد إدلب. الحقيقة أن أستانة فشلت. نعرف أن نظام الأسد غير جاد إزاء حل سياسي. يجب أن يقف القصف الجوي والسماح للمدنيين بحرية الحركة". وأضافت "لن نسمح لإيران باختطاف مستقبل الشعب السوري. وكما قلت الأسبوع الماضي لنظام الأسد إن الولايات المتحدة ردّت في الماضي لاستخدام الأسلحة الكيميائية وسنرد إن استخدمت"، موضحة "نعتبر أي تصعيد في إدلب غير مقبول".
ورد السفير الروسي على كل من أقوال السفيرة الأميركية كما أقوال سفراء آخرين وقال "لقد طلب العديد من السفراء منا وقف خططنا، ونطالب هنا بالاستماع إلى خطط المعارضة وخطط تلك الدول. ما نسمعه اليوم هو تهديد لدول ذات سيادة (سورية) ولروسيا. إننا لا نتحدث عن عملية عسكرية في إدلب بل عن عمليات ضد جماعات إرهابية وهذا ما سنقوم به. أما مناطق خفض التصعيد فكانت مؤقتة والآن يريد البعض جعلها وضعاً مستمراً". ثم توجّه إلى السفيرة الأميركية قائلاً "إن مسار أستانة لم يفشل ربما ترغبون في رؤية أستانة يفشل ولكنه لن يفشل".
وجاءت جلسة اليوم بطلب من روسيا التي تريد إطلاع المجلس على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت الجمعة في طهران، وأخفقت في التفاهم على حل سلمي بإدلب.
غوتيريس يحذر من العواقب الكارثية
إلى ذلك، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، الثلاثاء، من معركة عسكرية شاملة في إدلب، وناشد تجنبها، "لأن ذلك سوف يؤدي إلى عواقب إنسانية كارثية وكابوسيه على حياة السوريين في إدلب".
وقال غوتيرس، خلال مؤتمر صحفي قصير عقده فقط للحديث عن الموضوع في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن "قرابة نصف سكان إدلب، البالغ عددهم 2.9 مليون سوري، لجأوا إلى المحافظة بحثا عن ملاذ آمن بسبب الصراع في مناطق أخرى من سورية، ومن بينهم قرابة المليون طفل، ولا يوجد لديهم أي ملاذ لمكان جديد".
وأبرز أن "إدلب آخر منطقة متبقية من ضمن "مناطق خفض التصعيد"، ويجب ألا تتحول إلى حمام دم".
وأضاف أمين عام الأمم المتحدة: "أفهم أن الوضع الحالي في إدلب غير قابل للاستمرار، ولا يمكن تقبل وجود الجماعات الإرهابية هناك، لكن محاربة الإرهابيين لا تعفي الأطراف من التزاماتها السياسية والقانونية بموجب القانون الدولي"، مشددا: "أوجه نداءً واضحًا إلى جميع الأطراف المعنية، بشكل مباشر وغير مباشر، ولا سيما الضامنين الثلاثة لمنطقة التصعيد، وهي إيران وروسيا وتركيا، وأناشدهم ألا يدخروا جهداً لإيجاد حلول تحمي المدنيين، والحفاظ على الخدمات الأساسية مثل المستشفيات، وضمان الاحترام التام للقانون الدولي الإنساني".
وأكد المسؤول الأممي على الحاجة الملحة لـ"إحراز تقدم على المسار السياسي ومحادثات جنيف، وعلى وجه التحديد، إنشاء لجنة دستورية كجزء من الحزمة السياسية الشاملة"، موضحا أنه "لا يوجد حل عسكري للنزاع. يجب أن يكون الحل سياسيًا".
وشدد غوتيريس على أن "المسؤولية الكبرى لضمان عدم التصعيد تقع على الدول الضامنة لاتفاق أستانة"، مضيفا أنه "من الضروري أن يعمل الضامنون لاتفاق أستانة، روسيا إيران وتركيا، على منع تفاقم الأوضاع في سورية، لأنها أيضا الدول المتواجدة في المنطقة، وكذلك تلك التي قادت المباحثات حول مناطق التصعيد واتفقت حولها".
وتخشى الأمم المتحدة حدوث "أسوأ كارثة إنسانية" في القرن إذا هاجم النظام السوري آخر معقل لفصائل المعارضة. وتستعد قوات النظام السوري، مدعومة من روسيا وإيران، لشنّ عملية عسكرية كبرى من أجل استعادة السيطرة على المحافظة الواقعة في شمال غرب البلاد، والتي تعتبر آخر معقل رئيسي لمقاتلي المعارضة في سورية.
وأعلنت الأمم المتحدة، الإثنين، أن أكثر من ثلاثين ألف شخص فروا خلال عشرة أيام بسبب عمليات القصف التي شنتها روسيا والنظام السوري.