بعد أيام من إعلان الحركة الدبلوماسية الجديدة في وزارة الخارجية المصرية، والتي تضمنت تغيير السفراء في عدد من العواصم المهمة والدفع بآخرين بناء على توصيات جهات أمنية، بدأت الوزارة إجراءات جديدة للتنكيل بالسفراء الذين كانت قد منحتهم إجازات من دون مرتب في الفترة بين عامي 2013 و2015، للتخلص منهم، على خلفية آرائهم السياسية وانتماء بعض أفراد أسرهم لتيارات معارضة للنظام الحاكم، بعد الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي.
وذكرت مصادر دبلوماسية في ديوان وزارة الخارجية، لـ"العربي الجديد"، أن "مكتب الوزير سامح شكري أصدر تعليماته لجميع السفراء المقيمين في الخارج، من دون عمل رسمي تابع لمصر، والحاصلين على إجازات من دون مرتب على ذمة استمرارهم في السلك الدبلوماسي، بقطع الإجازات والعودة للعمل في ديوان الوزارة".
وأوضحت المصادر أن "الوزارة أخطرت السفراء الذين امتنعوا عن الرد وتحديد موعد للعودة، بأن البديل هو الاستقالة من السلك الدبلوماسي وتسليم الجوازات الدبلوماسية. الأمر الذي يعد تصعيداً ضدهم، ويعكس أن الإجراءات لا تتم وفقاً لبرنامج إداري، بل بإيعاز من الأجهزة الأمنية، التي ادّعت في تقارير لها رصد تحركات معادية للدولة من بعض هؤلاء السفراء".
وكانت وزارة الخارجية مسرحاً لتغييرات هيكلية واسعة منذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، في يوليو/تموز 2013، بدأها السيسي، مطلع عام 2014، بإبعاد جميع السفراء والملحقين والمستشارين الذين تم تعيينهم في عهد الإخوان، بعد نشر شائعات عن انتمائهم للجماعة أو تعاطفهم مع ثورة يناير، ثم تفاقمت الظاهرة بتولي الوزير الحالي سامح شكري منصبه، والذي قام بعملية إبعاد منظمة وتدريجية للدبلوماسيين والموظفين الإداريين المشكوك في ولائهم للنظام، اعتمدت بشكل أساسي على التحريات الأمنية.
وفي العامين الأخيرين، اتبعت وزارة الخارجية نظاماً جديداً لتأهيل شباب الخريجين الذين تم اختيارهم للتعيين في السلك الدبلوماسي، سواء من خريجي كليات العلوم السياسية أو الاقتصاد أو باقي التخصصات التي يتم تأهيلها للعمل في وظائف مختلفة داخل الوزارة. ويقوم هذا النظام على إلحاق الخريجين المقبولين بدورات تأهيل في أكاديمية ناصر العسكرية، وبمعسكرات مغلقة يحاضر فيها مسؤولون من وزارة الدفاع وعدد من الأجهزة الاستخباراتية والأمنية.
ولا يقتصر الأمر على السلك الدبلوماسي، مع كشف مصادر "العربي الجديد"، منذ أشهر، عن إرسال بعض الأجهزة الرقابية، كالجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز التنظيم والإدارة، تعميمات بعودة العديد من موظفيها الحاصلين على إجازات من دون مرتب للعمل خارج مصر. وادّعت التحريات الأمنية انتماءهم لجماعة الإخوان أو معارضتهم للنظام، بضرورة قطع إجازتهم والعودة إلى مصر أو الاستقالة والاستمرار في الخارج، وهو ما حدث في الربيع الماضي في قطاعات التعليم والصحة والبترول.