تنوي رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، منح البرلمان "فرصة ثانية" للموافقة على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، في أسرع وقت ممكن، وفق ما أعلن متحدث باسمها، اليوم الإثنين.
وقالت رئاسة الوزراء البريطانية إن على الاتحاد الأوروبي الموافقة على تعديل صفقة بريكست، ليأتي الرد سريعاً من المفوضية الأوروبية بألا مجال لإعادة التفاوض، وذلك قبل يوم من موعد تصويت برلماني قد يشق طريقاً مختلفاً لبريكست.
وقالت المتحدث باسم رئاسة الوزراء: "لقد وصلنا إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق باتفاقية الانسحاب والعلاقة المستقبلية. ووضعنا ذلك أمام النواب للتصويت، وصوت النواب ضد الاتفاق، بما فيه اتفاقية الانسحاب، بأغلبية 230 صوتاً. إن رئيسة الوزراء ملتزمة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي باتفاق، ولكن يبدو جلياً أننا إذا أردنا الحصول على دعم برلماني لذلك الاتفاق، يجب إجراء بعض التعديلات".
إلا أن بروكسل ردت بعيد ذلك على لسان مارغاريتيس سكيناس، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية: "لدينا موقف موحد من دول الاتحاد السبع وعشرين حول اتفاقية الانسحاب والذي يعكس الموقف الأوروبي العام. لقد تم الاتفاق على هذه الاتفاقية مع الحكومة البريطانية، وتم تبنيها من قبل القادة وليست عرضة لإعادة التفاوض."
وأضاف عند سؤاله عما إذا كان الموقف الأوروبي سيتبدل بعد التصويت المرتقب في البرلمان البريطاني يوم غد: "الأمر الوحيد الذي أستطيع قوله في هذا الصدد أننا سننتظر نتيجة التصويت في مجلس العموم يوم الغد. ومن ثم سننتظر من الحكومة أن تعلمنا بالخطوات التالية. هكذا ستجري الأمور".
وسيشهد البرلمان البريطاني، مساء غد، عدداً من جلسات التصويت على عدد من التعديلات القانونية التي تقدم بها النواب على خطة ماي المعدلة لبريكست. فقد كان البرلمان البريطاني قد كسب في مراحل سابقة حق تعديل خطة بريكست البديلة في حال فشلت الحكومة في تمرير الاتفاق الذي تفاوضت عليه مع الاتحاد الأوروبي. وكانت صفقة ماي قد هزمت أمام البرلمان بداية العام الحالي بفارق يعد الأكبر في تاريخ السياسة البريطانية الحديث.
وتوجد العديد من التعديلات التي تقدم بها النواب على اتفاق ماي، ولكن التصويت لن يتم عليها جميعها، حيث سيقوم المتحدث باسم البرلمان، والذي لا يمتلك انتماء سياسياً، باختيار التعديلات التي سيتم نقاشها والتصويت عليها.
ويمكن فرز التعديلات المقترحة، والتي يمكن لها إن نجحت أن تشق طريقاً مختلفاً لبريكست، في أربعة مجموعات: أولاها هي التعديلات التي تقدمت بها قيادات الأحزاب المعارضة، مثل العمال والديمقراطيين الأحرار والحزب القومي الإسكتلندي.
أما المجموعة الثانية فتهدف إلى منع بريكست من دون اتفاق. وهذه التعديلات نتيجة جهود من المقاعد الخلفية في الحزبين الرئيسيين: المحافظين والعمال. ويعد أهمها التعديل الذي تقدمت به إيفيت كوبر، والذي يسمح للبرلمان بتمرير قانون يفرض على رئيسة الوزراء تأجيل موعد بريكست في حال فشل صفقتها في اجتياز امتحان البرلمان قبل نهاية فبراير/ شباط.
أما المجموعة الثالثة، فتركز على منح البرلمان حق التصويت الاستشاري على مجموعة من الخيارات البديلة لاتفاق ماي بهدف التوصل لحل ينال الأغلبية البرلمانية. ويعد هذا الجهد أيضاً من المقاعد الخلفية للعمال والمحافظين.
أما المجموعة الرابعة، فهي التعديلات الهادفة لإلغاء خطة المساندة الخاصة بالحدود الأيرلندية، وتدعمها الحكومة البريطانية وزعامة حزب المحافظين الحاكم، بهدف تجاوز الانقسامات داخل الحزب والحصول على دعم متشددي بريكست. وتشمل هذه التعديلات انتهاء خطة المساندة بحلول نهاية عام 2021، أو إزالتها كلياً من اتفاق بريكست.
وتكمن أهمية جلسة التصويت يوم غد في أنها تمنح البرلمان سلطة أكبر أمام الحكومة حيال بريكست في الأسابيع التالية. ففي الحالة العادية، تحتكر الحكومة حق عرض الشؤون التي ترغب في تحويلها قوانين على البرلمان، ولا يستطيع البرلمان غالباً اتخاذ المبادرة. إلا أن تعديل كوبر على سبيل المثال، سيسمح للبرلمان بالتقدم بمشروع قانون يخالف رغبة الحكومة الشهر المقبل. أما تعديلات المجموعة الثالثة، فستسمح للنواب بالسيطرة على أجندة البرلمان ونقاش بريكست من دون طلب الحكومة، وبالتالي إقرار قوانين ملزمة للحكومة من دون طلبها.
أما في حال نجاح التعديل المدعوم حكومياً، فإن حكومة ماي ستحصل على دعم كبير في مطالبة الاتحاد الأوروبي بتعديل اتفاق بريكست، وخاصة خطة المساندة.
ولا تزال احتمالات التصويت يوم غد غير واضحة، ولا أي من التعديلات التي سيتم التصويت عليها عند الساعة السابعة بتوقيت لندن، سينجح في حصد الأغلبية البرلمانية.
إلى ذلك، أظهرت نتائج استطلاع رأي، أجرته شركة الأبحاث البريطانية "YouthSight"، أنّ 69% من الطلبة الجامعيين في بريطانيا يطالبون بإجراء استفتاء جديد حول "بريكست".
وأعلنت الشركة نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته حديثاً، وشارك فيه 1000 طالب جامعي، اليوم الإثنين، في العاصمة لندن، بحسب ما أوردت وكالة "الأناضول".
وكانت الشركة قد أجرت، العام الماضي، استطلاع رأي مماثلاً طالب فيه 62% من الطلبة الجامعيين بإجراء استفتاء "بريكست" جديد.
وأظهر استطلاع الرأي الحديث أيضاً، تراجع الدعم الذي يحظى به حزب "العمال" البريطاني المعارض، بين الطلبة الجامعيين، من 62 إلى 52%، وذلك بسبب موقف زعيمه جيريمي كوربين، المتناقض حول "بريكست".
وكان كوربين قد تنصّل من دعم بعض الأصوات داخل حزب "العمال" البريطاني، التي طالبت بإجراء استفتاء ثانٍ حول "بريكست".
وكانت حملة الاستفتاء الثاني قد أعلنت تراجعها عن تقديم طلب التصويت لصالح الاستفتاء الثاني، غداً الثلاثاء، نظراً لعدم نيل المشروع دعم زعامة حزب "العمال"، وبذلك ترى الحملة أن التصويت لن ينجح في حصد الأغلبية البرلمانية.
ووجهت قيادة الحملة، في بيان تلته أمام ويستمنستر، انتقادات لقيادة "العمال" بأنها تفتقر لحسّ الزعامة المطلوب في مثل هذه اللحظات الحرجة. وقالت سارة ولاستون، النائبة عن "المحافظين": "للأسف الشديد، فإننا لن نتقدم بطلب التصويت، لأنه في المرحلة الحالية، وحتى الحصول على دعم زعيم المعارضة، فإنه لن يمر".