السعودية تدرس وقفاً لإطلاق النار في اليمن

04 أكتوبر 2019
السعودية تحاول الخروج من مستنقع اليمن (فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
تدرس السعودية اقتراحاً للحوثيين في اليمن لوقف إطلاق النار، الأمر الذي قد يعزز جهود الأمم المتحدة إذا جرى التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، بحسب ما نقلت "رويترز".

وعرض الحوثيون قبل أسبوعين التوقف عن شنّ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيَّرة على السعودية إذا فعل التحالف بقيادة الرياض، المدعوم من الغرب، الشيء نفسه كخطوة نحو ما وصفه زعيم الحوثيين "بالمصالحة الوطنية الشاملة".


ولم تقبل السعودية عرض الحوثيين أو ترفضه. لكن الرياض رحبت هذا الأسبوع بالخطوة، وقالت ثلاثة مصادر دبلوماسية ومصدران مطلعان آخران لـ"رويترز" إن المملكة تدرس بجدية شكلاً من أشكال وقف إطلاق النار، في محاولة لوقف تصعيد الصراع.

ودفعت حرب اليمن المستمرة منذ أربعة أعوام ونصف عام واحدة من أفقر الدول العربية بالفعل إلى شفا المجاعة. وتصف الأمم المتحدة الحرب بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وكانت جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المعقدة شاقة، إذ شكلت الضربات عبر الحدود من الجانبين شكوى أساسية للحوثيين والسعودية التي تتاخم اليمن.

ويضغط حلفاء السعودية الغربيون، بمن فيهم الذين يقدمون أسلحة ومعلومات مخابراتية للتحالف، من أجل إنهاء الحرب التي قتلت عشرات الآلاف. وقال مصدران إن الضربات الجوية السعودية على مناطق الحوثيين  - المدعومين والمتحالفين مع إيران - تراجعت كثيراً، وإن هناك ما يدعو إلى التفاؤل بشأن التوصل إلى حل قريباً.

وقال نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، أمس الخميس على "تويتر" إن المملكة تنظر إلى هدنة الحوثيين بإيجابية، مكرراً تعليقات سابقة هذا الأسبوع لوليّ العهد، الحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان.


وقال بن سلمان في مقابلة مع محطة "سي.بي.إس" التلفزيونية، إن اقتراح الحوثيين يمثل خطوة إيجابية نحو حوار سياسي أكثر جدية، مضيفاً أن السعودية منفتحة على كل المبادرات من أجل حلّ سياسي في اليمن. وأضاف أن المملكة تأمل أن يحدث ذلك اليوم بدلاً من الغد.

إنهاك الحرب
في يوليو/ تموز أعلنت الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف بقيادة السعودية والقوة البرية الرئيسية التي تقاتل على الأرض، تقليص وجودها في اليمن، في إشارة إلى الانسحاب من قتال الحوثيين.

وفي ذلك الحين، لم تؤدّ الجهود الدبلوماسية والعسكرية لإنهاء الحرب إلى أي شيء، وكانت التوترات الأميركية الإيرانية المتزايدة تهدد أمن الإمارات.

وتعهدت الرياض بمواصلة مواجهة الحوثيين، لكن بعد شهرين، وفي ظل خسارة الشريك الرئيسي على الأرض، تبدو الرياض الآن أكثر انفتاحاً على خيارات أخرى، بخلاف الحرب.

وقال مسؤول إقليمي مطلع إن السعوديين يدرسون عرض الحوثيين الذي يستخدمه دبلوماسيون غربيون لإقناع الرياض بتغيير المسار. وأردف المصدر قائلاً: "يبدو أنهم منفتحون عليه".

وقال مصدر عسكري كبير في اليمن مقرب من الحوثيين إن السعودية "فتحت اتصالاً" مع مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، عبر طرف ثالث، لكن لم يجرِ التوصل إلى اتفاق. وأضاف المصدر أن هذا العرض تضمن وقفاً جزئياً لإطلاق النار في مناطق محددة.

وقال مصدران دبلوماسيان والمصدر المطلع أيضاً إن وقف إطلاق النار الجزئي مطروح على الطاولة. لكن مسؤولين من الحوثيين قالوا إن الاتفاق الجزئي غير مقبول. وقال مسؤول حوثي إن المطلوب هو الوقف الكامل للغارات الجوية في جميع أنحاء اليمن، ووضع حد لحصار الشعب اليمني.

وقال دبلوماسي أوروبي: "يريد الأمير محمد بن سلمان الخروج من اليمن، لذا علينا أن نجد سبيلاً له للخروج مع حفظ ماء الوجه". وقال دبلوماسي آخر إن موافقة السعودية على وقف الغارات الجوية سيعني فعلياً نهاية الحرب، لأن السعودية لا تملك قدرات كبيرة على الأرض.

وثمة مؤشرات أيضاً على أن المجتمع الدولي يتحد لتشجيع الرياض على الحوار مع الحوثيين. فقد اجتمعت ثماني دول، بينها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا)، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي في نيويورك، وقالت إن العرض الحوثي "خطوة أولى مهمة باتجاه عدم التصعيد ينبغي أن يعقبها تحرك إيجابي على الأرض من جانب الحوثيين، علاوة على ضبط النفس من التحالف".


وهدد الحوثيون بمزيد من الهجمات عبر الحدود، ما لم يُصغَ إلى مبادراتهم من أجل السلام. وقال المشاط إنهم من أجل السلام أجّلوا كثيراً من الضربات الاستراتيجية التي لا تقل في حجمها وتأثيرها عن الهجوم على أرامكو، في إشارة إلى هجوم الشهر الماضي على منشأتين نفطيتين سعوديتين أعلن الحوثيون المسؤولية عنه، بينما قالت واشنطن والرياض إن إيران مسؤولة عنه، وإن الهجوم لم يأتِ من اليمن.

(رويترز، العربي الجديد)