تزايد الجدل حول الخزان الانتخابي للمترشح المستقل للانتخابات الرئاسية التونسية قيس سعيد، الذي تصدر الجولة الأولى، بين داعميه ومسانديه والمحيطين به، حول الفضل في صعوده ونجاحه.
بالرغم من تنصل المترشح المستقل قيس سعيد من أي ارتباط حزبي أو سياسي، ورغم دحضه لأي صفقات أو تفاهمات مع أية أطراف خارجية أو داخلية، تلاحقه الاتهامات من تنظيمات وأحزاب وائتلافات تعتبر أن كل الفضل يعود لها في صعوده، بينما تدعي أخرى أنها شكلت حزاما شعبيا وتنظيما انتخابيا مكّنه من النجاح.
وأعلنت "حركة شباب تونس الوطني" عن "انسحابها كليا من دعم المترشح للرئاسية قيس سعيّد في الدور الثاني، وذلك على ضوء النتائج الأولية للانتخابات التشريعية".
واتهمت الحركة، في بيان صادر عنها، قيس سعيد بـ"بالتسبب في ضرب مصداقية الحركة التي كانت السند الوحيد له قبل الدور الأول، وتسبب في غلق صفحاتها وتعرضها لحملة تشكيك"، كما اتهمته بـ"التنكر لدور الشباب المتطوع الذي عمل طيلة 8 أشهر من أجل نجاح حملته الرئاسية".
ودعت الحركة أنصار سعيد إلى أن يتحولوا إلى أعدائه وحثت "الجيش الأحمر الإلكتروني إلى فضح قيس سعيد وقلب الموازين، وخوض حرب الدور الثاني".
وسرعان ما فند محيطون من قيس سعيد ما جاء في اتهامات "حركة شباب تونس"، مشيرين إلى أنه "لا علاقة لها بحملته الانتخابية التي أدارها متطوعون من طلبته والشباب المؤمن بأفكاره وبرامجه".
وردت صفحات مساندة لقيس سعيد يديرها فريق حملته بأنه "لا علاقة للحركة المذكورة بالحملة الانتخابية للمترشح قيس سعيد، التي يعمل أفرادها بشكل تطوعي ولا ينتظرون منه مقابلا".
ونشرت الصفحات المساندة "حراك المساندين والمتطوعين في عدد من المحافظات"، في إطار ما وصفوه بـ"الحملة التفسيرية لبرنامج سعيد الانتخابي".
ويبدو أن عددا من القوائم المستقلة والائتلافات الانتخابية التي أعلنت مساندتها لسعيد، إثر فوزه في الجولة الرئاسية الأولى، كانت تتوقع أن يدعو أنصاره وخزانه الانتخابي لمساندتها في الانتخابات التشريعية، غير أن "صمت سعيد حتى عن مجرد توجيه الشكر لها والثناء على مواقفها خالف توقعاتها".
وفي سياق متصل، وجه فريق سعيد إلى هيئة الانتخابات إشعارات بمخالفات قائمة "ائتلاف الكرامة"، منددا بـ"استغلالهم صوره واسمه في حملاتهم الانتخابية".
وطالب فريق حملة سعيد من هيئة الانتخابات اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه قوائم "ائتلاف الكرامة"، الذي "استغل اسمه وصوره من دون إذنه أو ترخيص منه".
وتراهن أحزاب وائتلافات على صعود سعيد إلى الرئاسة بحكم خلافها مع منافسه نبيل القروي، أو لاختلافه معه في التوجهات والبرامج، أو لتبنيها توجه سعيد.
ولم يبادل سعيد أيا من الأحزاب، على غرار حزب النهضة والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة، رسائل الدعم والمودة، بل تحفظ عن التعليق عليها، فاسحا المجال للمساندة غير المشروطة بشكل يعزز موقعه الانتخابي، من دون أن يكلفه الانخراط في أي حسابات أو الخضوع لأي تفاهمات.
واختار سعيد الإبقاء على الغموض المحيط بفريقه المتطوع، دون أن يعلن، على غرار المترشحين التقليديين، عن مدير حملته، والمتحدث باسم الحملة، والمساعدين، ليترك الوضع بين أيادي شقيقه ومجموعة من طلبته المتحمسين وأنصاره المقربين.
ويرى مراقبون أن تواصل التدافع حول المترشح قيس سعيد، في مقابل عدم حسمه المسؤوليات والمهام، وعدم تبنيه لأي فصيل سياسي أو رده مجاملة أي حزب أو ائتلاف، يعد سلاحا ذو حدين، فمن جهة قد يكون عاملا في تواصل صعوده لاستقلاليته عن الجميع، فيما يمكن أن يدفع ضريبة الاستقلالية مع بداية تشكل التحالفات البرلمانية واتضاح الأحجام السياسية.
ويمكن أن يؤثر موقف الحياد وصدام الأنصار على الخزان الانتخابي لقيس سعيد بشكل يقلص من حظوظه أمام منافسه نبيل القروي، خصوصا إذا ما توجه حزب "النهضة" لتحالف خفي مع "قلب تونس"، صاحب المركز الثاني في الانتخابات التشريعية، بحسب تقديرات وكالات سبر الآراء.