على وقع استمرار العنف ضد المتظاهرين العراقيين، تتواصل حركة التظاهرات بشكل متجدّد يومياً في بغداد والمحافظات الجنوبية، وفي وقت تتصدر محافظة ذي قار المشهد بتظاهرات واسعة منذ يومين، خلّفت العديد من الضحايا المدنيين بفعل القمع المفرط من قوات الأمن العراقية، فإن تحذيرات حكومية صدرت لسكان المحافظات الشمالية والغربية من مغبة تنظيم أي تجمع أو فعالية لها صلة بالتظاهرات.
وارتفع عدد ضحايا ذي قار من المتظاهرين إلى تسعة قتلى خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ونحو 500 إصابة، حيث قتل أربعة متظاهرين ليلة أمس الإثنين، بعد سقوط خمسة في الليلة التي سبقتها، وذلك بالتزامن مع وصول قوة كبيرة من وحدات الرد السريع الى المحافظة، التي قامت على الفور بالانتشار في الشوارع التي تشهد تظاهرات، وبتوزيع حواجز أمنية متحركة فيها للسيطرة على الوضع.
وصباح اليوم الثلاثاء، تجددت التظاهرات في الناصرية والشطرة والرفاعي وسوق الشيوخ، أبرز مدن محافظة ذي قار المنتفضة، بعد توافد مئات المتظاهرين وتشييع أحد قتلاهم الذي سقط ليلة أمس الإثنين، بنيران رجال الأمن.
وفي الديوانية، مركز محافظة القادسية، وبعد توافد مئات الطلاب إلى ساحة التظاهر، تجددت التظاهرات وسط انتشار أمني مشدد، فيما عرفت البصرة التي تشهد انتشاراً أمنياً مكثفاً، تظاهرات صباح الثلاثاء قرب ساحة البحرية ومبنى الحكومة المحلية، بينما تتواصل عمليات الاعتقال لليوم الثاني على التوالي في صفوف المتظاهرين.
وفي مدينة السماوة، عاصمة محافظة المثنى، انتشر عناصر الأمن بشكل مكثف، وقاموا بتوزيع حواجز أمنية في الشوارع.
ولم تكن بغداد بعيدة عن المشهد، حيث يواصل مئات من المتظاهرين التوافد نحو ساحة التحرير وسط العاصمة، على الرغم من الإجراءات المشددة وقطع الطرق القريبة من الساحة.
في الأثناء، دعت نقابة المعلمين العراقيين الكوادر التعليمية، إلى تظاهرة مركزية في عموم المحافظات العراقية يوم غد الأربعاء، دعماً للاحتجاجات.
وعلى الرغم من تورط عناصر الأمن بقمع المتظاهرين، تروج جهات سياسية لوجود جهة غير معلومة تقوم بقتل المتظاهرين. وقال النائب عن "تحالف الفتح" (الجهة الممثلة للحشد الشعبي) إن "الجهة التي تقوم بقتل المتظاهرين باتت معلومة لدى الجميع، لكن الإعلان عنها ينتظر المزيد من التحقيقات للتأكيد بشكل نهائي".
وأكد، في تصريح متلفز، أن "الحكومة ماضية بمحاسبة المتسببين بقتل المتظاهرين، لكن التحقيق يحتاج مزيداً من الوقت".
في المقابل، أكدت مصادر حقوقية وناشطون في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، أن استخبارات الجيش أبلغت جهات محلية عدة في تلك المحافظات، غرب وشمالي البلاد، بمنع أي فعالية أو تجمع له صلة بتظاهرات الجنوب وبغداد.
وقال مسؤول محلي في الأنبار لـ"العربي الجديد"، إن الجيش اعتبر أي تجمع أو فعالية أو تظاهرة أو اعتصام أو وقفة طلابية، وبأي شكل أو حجم، ممنوعة، وهدّد باعتقال من يشاركون بها تحت حجة الوضع الأمني الاستثنائي في تلك المحافظات، وخطورة عودة خلايا "داعش" إليها.
وهذا ما أكده عضو في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى لـ"العربي الجديد"، الذي قال إن "الحكومة حذرت المحافظات ومسؤولي الدوائر والأجهزة الأمنية بالطرد من الخدمة في حال خروج أي تظاهرات أو فعاليات داعمة"، كاشفاً عن اعتقال ستة ناشطين في نينوى، تم إطلاق أربعة منهم، وما زال اثنان قيد التحقيق، بسبب دعوتهم لتنظيم وقفة وسط الموصل للتضامن مع التظاهرات، وتأبين ضحايا كربلاء الأسبوع الماضي.