ويقول المحققون إن هؤلاء الجنود الذين ارتكبوا جرائم كان يجب أن يحاكموا بتهمة القتل، إلا أنّ وزارة الدفاع رفضت هذا الادّعاء، وقالت إنّه لا أساس له من الصحة، كما نفت وجود نمط من عمليات التستر.
واليوم ينشر موقع "بي بي سي" الأدلّة الجديدة، التي تأتي من داخل "فريق الادعاءات التاريخية في العراق" (IHAT)، الذي حقق في جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية أثناء احتلال العراق، وعملية "نورثمور" للتحقيق في جرائم حرب بأفغانستان.
ويلفت إلى أنّ الحكومة كانت قد قررت إغلاق التحقيق الذي أطلقته وزارة الدفاع البريطانية، المعروف باسم "فريق الادعاءات التاريخية في العراق" وعملية "نوثمور"، بعد أن تم إيقاف فيل شاينر، وهو محامٍ أخذ أكثر من ألف قضية إلى "فريق الادعاءات التاريخية في العراق"، عقب مزاعم بأنه دفع لأشخاص في العراق للعثور على عملاء له.
واعتبر المحققون السابقون في عملية نورثمور وفريق الادعاءات التاريخية في العراق أن تصرفات فيل شاين استخدمت كذريعة لإغلاق التحقيقات الجنائية. وقالوا إنّ أياً من الحالات التي تمّ التحقيق فيها من قبل عملية نورثمور أو فريق الادعاءات التاريخية في العراق لم تسفر عن أي محاكمات قضائية.
بدوره، قال أحد المحققين في فريق الادعاءات التاريخية في العراق، لـ"بي بي سي"، إنّ وزارة الدفاع ليست لديها نية لمقاضاة أي جندي من أي رتبة كانت ما لم تكن ضرورية للغاية.
كذلك، قال محقق سابق آخر إن ضحايا جرائم الحرب قد خذلوا بشدة، واعتبر كيفية التعامل مع الجنود الذين ارتكبوا جرائم حرب مثيرة للاشمئزاز، وتساءل: "كيف يمكن أن ترفع رأسك كشخص بريطاني؟".
وأعادت "بانوراما" فحص الأدلة في عدد من جرائم الحرب. ومن بين إحدى هذه الحالات التي حقق فيها فريق الادعاءات التاريخية في العراق كان إطلاق النار على شرطي عراقي على يد جندي بريطاني بينما كان في دورية في البصرة عام 2003.
وبحسب موقع "بي بي سي"، فقد تم إطلاق النار على رائد الموسوي في زقاق بينما كان يغادر منزل عائلته، وتوفي متأثراً بجراحه. وتم التحقيق في الحادث في ذلك الوقت من قبل الضابط قائد الجندي البريطاني، الميجور كريستوفر سوس-فرانكسن، لكن في غضون 24 ساعة خلص الرائد سوس-فرانكسن إلى أن إطلاق النار كان قانونياً، لأن ضابط الشرطة العراقي أطلق النار أولاً واعتبر أنّ تصرّف الجندي البريطاني كان دفاعاً عن النفس. وقال تقريره إن جندياً بريطانياً آخر شاهد إطلاق النار وأكد أن الجندي العراقي أطلق النار أولاً.
وأمضى محققو فريق الادعاءات التاريخية في العراق قرابة عامين في التحقيق في هذه القضية وأجروا مقابلات مع 80 جندياً بريطانياً، بمن فيهم الجندي الذي كان من المفترض أنه شهد إطلاق النار، لكنه أخبر المحققين أنه لم يكن في الزقاق.
وفي بيانه أمام فريق الادعاءات التاريخية في العراق، تناقض كلام هذا الجندي بشكل مباشر مع تقرير الميجور سوس-فرانكسن وقال: "هذا التقرير غير دقيق ويعطي انطباعاً بأنني كنت شاهد عيان. هذا ليس صحيحاً".
وخلص المحققون إلى أنه تجب محاكمة الجندي الذي أطلق النار على رائد، بتهمة قتله ضابط شرطة عراقياً، كما ينبغي توجيه الاتهام إلى القائد سوس-فرانكسن بالتستّر على ما حدث، إلا أنّ النيابة العسكرية لم تأخذ أحداً إلى المحكمة.
أمّا عملية "نورثمور" التي أنشأتها الحكومة البريطانية في عام 2014، فنظرت في 52 عملية قتل غير قانونية، إلا أنّ الحكومة أعلنت إغلاقها قبل أن تتيح لمحققي الشرطة العسكرية الملكية فرصة مقابلة الشهود الأفغان الرئيسيين.
في المقابل، قالت وزارة الدفاع إن العمليات العسكرية تتم وفقاً للقانون، وإنّه كان هناك تحقيق واسع النطاق في جميع الادعاءات.