ليبيا: جبهات القتال تواصل استعداداتها جنوب طرابلس.. وقلق أوروبي للتقارب الروسي التركي
وأكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، عبد المالك المدني، استمرار وصول التعزيزات العسكرية لمحاور القتال جنوب العاصمة، مضيفا في حديث لــ"العربي الجديد" أن وحدات الجيش شنت خلال الساعات الماضية "هجوماً على تمركزات لمليشيات مجرم الحرب حفتر بمحوري وادي الربيع وعين زارة"، جنوب طرابلس.
وفيما أشار إلى أن تلك الوحدات عززت مواقعها وحصنت جميع التمركزات في المحورين، قال مكتب الإعلام للمجلس الرئاسي أن رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، بحث مع وكيل وزارة الدفاع بالحكومة، العميد صلاح النمروش، "الوضع العام على الجبهة، وآليات التنسيق بين الوحدات العسكرية المختلفة ومحاور وخطوط القتال"، بالإضافة للاطلاع على "احتياجات ومتطلبات المرحلة المقبلة".
إلى ذلك طالبت قوات حفتر، عبر المركز الإعلامي التابع لها، "سكان مشروع الهضبة بالابتعاد عن تجمعات قوات وتمركزات الوفاق"، مؤكدة في بيان لها أن "المنطقة ستكون مُستهدفة من قبل مقاتلات السلاح الجوي".
وفي ما يتعلق بخطوات روما التي جاءت كمحاولة للعودة إلى المشهد بعد غياب عن الساحة، قال برلماني من طبرق إن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو نقل إلى حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، وعدا أوروبيا بالوقوف ضد اتفاق أنقرة وطرابلس شريطة القبول بمخرجات مؤتمر برلين بشأن الحل في ليبيا، الذي يعقد قريباً.
ودون أن يشير إلى نتائج زيارته لحفتر أكد دي مايو، أمس الأربعاء، أن لقاءه بعقيلة صالح، والسراج، كانت "إيجابية".
وفيما يؤكد البرلماني الليبي أن صيغة البيان الختامي لمؤتمر برلين لم يرشح منها شيء عدا وقف إطلاق النار وانسحاب حفتر لمواقع محددة، قال دبلوماسي ليبي مطلع على مشاورات الإعداد للمؤتمر إن "الصيغة الحالية ليست نهائية فهناك دعوة ألمانية لأطراف إقليمية جديدة"، مرجحاً أن دي مايو ربما طرح مقترحاً لحكومته بشأن نشر قوات دولية في نقاط فاصلة بين قوات الوفاق وحفتر.
وأكد الدبلوماسي الذي تحدث لـ"العربي الجديد" أن "سرعة الحراك الأوروبي جاءت بدافع استشعاره خطورة تقارب تركي روسي في ليبيا فيما تحاول المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، احتواء أنقرة من خلال دعوتها للمشاركة في ما تبقى من المشاورات"، لافتا إلى أن تأخر الإعلان حتى الآن عن موعد انعقاد المؤتمر يدل بشكل واضح على عدم التوصل إلى صيغة توافقية، ناهيك عن توافق على بيان ختامي.
وتساءل الدبلوماسي "لو توافق المشاركون في برلين على بيان ختامي للمؤتمر فما جدوى بعثة الوساطة الأوروبية لليبيا التي اقترحتها إيطاليا أمس"؟ مؤكدا أن ذلك يعني استمرار الخلافات الدولية.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد كشف للصحافيين أمس عن دعوة ميركل لكل من بلاده والجزائر وقطر وتونس للمشاركة في مؤتمر برلين، معربا عن ارتياحه لتوسيع دائرة المشاركين في المؤتمر بشأن ليبيا.
وفيما تطغى على تصريحات ومواقف القادة الأوروبيين الدعوة إلى حل سياسي ورفض الحل العسكري، يبدو أن آثار الاتفاق بين طرابلس وأنقرة لا تزال قائمة في وقت انحسر فيه الاهتمام بمستجدات الوضع الميداني جنوب طرابلس، بحسب المحلل السياسي الليبي، عقيلة الأطرش.
ويرى الأطرش أن زيارة الوزير الإيطالي جاءت من أجل إقناع طرابلس بالتراجع عن اتفاقها مع تركيا، مستشهدا بما سربته صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية نقلا عن مصادرها من أن دي مايو طلب من السراج تجميد الاتفاق مع تركيا في جانبيه العسكري والبحري.
ويرجح الأطرش أن تركيا تسعى جاهدة لكسب صف روسيا وإقناعها بأهمية وجودها في طرابلس وشرق المتوسط المهم أيضا لموسكو، معتبرا أن الصراع تحول إلى مستوى جديد في جانب ما يشبه التقارب الروسي التركي والجانب الآخر فيه الأوروبيون المنزعجون أصلا من التوغل الروسي.
ويرى الأطرش أن العقبة التي تواجهها تركيا تتمثل في إقناع موسكو بعدم جدوى استمرار دعمها لحفتر وطرح خيارات أخرى تحقق أهدافها، وهو ما قد يفسر توجها أميركيا للضغط على تركيا من خلال قرارها بشأن رفع حظر توريد السلاح المفروض منذ عقود على قبرص، الذي حذرت منه الخارجية التركية، أمس الأربعاء، معتبرة أنه "تصعيد خطير".
لكن الصحافية الليبية، نجاح الترهوني، ترى أن المحرك الأساسي للأحداث هو متغيرات الميدان في ليبيا، معتبرة في تصريح لـ "العربي الجديد" أن حكومة الوفاق باتت عازمة على إطلاق حملة عسكرية عكسية على مواقع قوات حفتر.
وأضافت أن الحكومة تدرك أنها فرصة مناسبة في وقت ينشغل فيه داعمو حفتر بتداعيات الاتفاق مع أنقرة بعيدا عن ساحة المعركة.