واعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك مأزقاً حقيقياً في تشكيل الحكومة، "ففي ظل الضعف المسجل في البرلمان وغياب كتلة وازنة قادرة على الحكم بمفردها، لم تنجح الكتل التي من المفروض أن تجد تشكل حكومة في إيجاد أرضية تتفق عليها، وهناك اليوم فعلاً مخاوف من تشكيل حكومة دون حزام سياسي ودون حد أدنى من الوحدة السياسية".
وأوضح أن "النهضة قد تجد نفسها أمام سيناريوهات جديدة، ووضع صعب، خاصة وأن قلب تونس قد يشارك في الحكومة بالتخفي، لأنه مرفوض من قبل أغلب الأحزاب التي سبق أن عبرت عن رفضها الوجود معه"، مبيناً أن "الحكومة ستكون ضعيفة ومهتزة وستواجه معارضة قوية داخل البرلمان وخارجه".
وأضاف أن "الحليف الثاني الذي قد تلجأ إليه النهضة هو ائتلاف الكرامة، ولكن هذا الأخير فتح جبهة قوية على اتحاد الشغل، وبالتالي ستجد الحكومة نفسها، وبحكم بعض الأخطاء البدائية لحلفائها، في وضع هشّ وقائم على عدم الاستقرار".
وأكد أنّه لا وجود لقوة سياسية بديلة مهيأة وقادرة على المبادرة وتقديم الحلول والبدائل، مشيراً إلى أن "النهضة أيضاً في وضع صعب، وربما ستفشل في خلق حكومة قوية".
واعتبر الشابي أن "انسحاب التيار وحركة الشعب يعود إلى انعدام الثقة وتراكم أخطاء السنوات السابقة؛ فالحوار منذ البداية لم يكن ضمن القنوات الصحيحة، إذ كان من المفروض أن تجلس الأطراف المعنية على طاولة تحدد من خلالها الصعوبات والتحديات، ثم يتم التصريح بنتائج ما آلت إليه تلك المشاورات قبل التسرع في المواقف"، مضيفاً أن "النهضة تتصرّف وكأنها في نفس الوضع الذي كانت عليه في 2011، في حين أنها فائزة حالياً ولكن ليس بنفس الوضع السابق".
وأفاد بأن حزبي التيار والشعب بنيا مطالبهما على بعض الحقائب الوزارية وتحييد بعض الوزارات، في حين كانت هناك خشية لدى النهضة من التيار وحركة الشعب، وكانت تنظر بعين الريبة إلى تسليم الحزبين وزارات حساسة وسيادية، وبالتالي لم تطمئن النهضة إلى أن تكون هذه الوزارات خارج سيطرتها، وبالتالي التفاوض كان صعباً منذ البداية، مؤكداً أن السيناريو المتوقع هو إعادة نسخة لتحالف شبيه بالذي قاد رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، إلى رئاسة البرلمان، إذ ستسعى النهضة إلى عدم إفلات الأمور من سيطرتها؛ أي أن تؤول المبادرة إلى رئيس الجمهورية، وبالتالي سيتم السعي إلى تشكيل الحكومة مهما كانت الظروف والتحالفات حتى دون حزام ودعم حزبي لها".
من جانبه، أكّد القيادي في التيار الديمقراطي محمد الحامدي لـ"العربي الجديد"، أن سبب انسحاب "التيار" من مشاورات تشكيل الحكومة هو "الالتفاف على المطالب الجزئية التي سبق أن تم الاتفاق حولها والتراجع عنها"، وفق تعبيره، مبيناً أنه "حصل اتفاق حول وزارة العدل، مع التشاور لإيجاد حل حول وزارة الداخلية، ولكن تم الرجوع عن هذا الاتفاق رغم القبول الجزئي مبدئياً بهذه المطالب، وبالتالي تبين أن الحكومة تسير في خيارات أخرى".
واعتبر أنّ "النهضة تريد خيارات غير مكلفة، والأرجح أنها تريد تشكيل الحكومة بالتحالف مع قلب تونس"، مبيناً أنه "لم يعد ممكناً مواصلة المشاورات، وبالتالي ستكون الحكومة دون دعم سياسي قوي، وسيكون هناك سعي لجمع أصوات النواب مهما كانت الأحزاب والانتماءات، فقط لضمان مرور الحكومة في البرلمان، ولكنها ستكون حكومة دون أي دلالة سياسية".
بدوره، يرى المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي أنّ "انسحاب التيار وحركة الشعب كان منتظراً، نظراً لأن الشروط التي وضعها الحزبان لا تتلاءم والفكرة التي حددها رئيس الحكومة المكلف، مبيناً أنه قد يتم إيجاد صيغ اتفاق مع قلب تونس وتحيا تونس وأحزاب أخرى، ولكن السؤال إلى أي مدى ستكون هذه التحالفات قوية؟".
وأضاف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "مشاركة قلب تونس لن تكون بقياداته، وعلى الأرجح ستكون مشاركة هذا الحزب ببعض الخبراء والأصدقاء المنتمين له تفادياً للإحراج حتى داخل حركة النهضة، التي ترفض بدورها أن يكون قلب تونس في الحكم"، مبيناً أن "مشاركة ائتلاف الكرامة ستكون محل نظر، كما أنه قد يدعم الحكومة ولا يشارك فيها".
وأعلن التيار الديمقراطي، اليوم، عن انسحابه من مشاورات تشكيل الحكومة وعدم المشاركة فيها، مضيفاً في مؤتمر صحافي عدم إمكانية مواصلة التشاور مع رئيس الحكومة المكلف، وتمسكه بالبرامج التي قدمها، والطريقة التي وضعها لتسيير الوزارات والحصول على السيادية منها.
إلى ذلك، أعلنت حركة الشعب رفضها المشاركة في الحكومة المقبلة، مشيرة إلى "عدم جديّة الجملي في التّعاطي إيجابيّاً مع المقترحات المقدّمة من قبلها وإصراره على إعادة إنتاج الفشل"، و"رفضها المشاركة في تعميق الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وارتهان القرار الوطني للمحاور والدوائر الأجنبيّة".